والله، لا أدري لمَ كل هذا النق على الحكومة، أيها السوريون؟ ماذا تستطيع الحكومة أن تفعل لكم أكثر مما فعلته. وإن تعدوا نِعم الحكومة عليكم لن تحصوها، عدّوا على أصابعكم:
أولًا: أقامت الحكومة الحواجز -على الطرقات- من أجل أمنكم وسلامتكم. تصوروا لو تركت الطرقات -بين المدن والبلدات- بلا حواجز؛ لعاث الإرهابيون فسادًا في البلاد والعباد، ولأصبحنا في حالة من انعدام الأمن لا نُحسد عليها، (الفايت فايت والطالع طالع)، والمثل يقول: “الرزق السايب بعلم الناس على الحيرمة”
ثانيًا: انطلاقًا من شعور الحكومة بالضائقة الاقتصادية التي تعيشونها، فقد فتحت الباب على مصراعيه؛ كي يرتزق من أراد الارتزاق، فسمحوا للباعة أن يفتحوا أكشاكًا، أينما يريدون على الأرصفة، في الساحات، أمام المباني الرسمية، وأمام دور الحكومة، وفي كل مكان. كما فتحوا باب التهريب؛ فيستطيع أي منكم أن يهرّب ما يشاء؛ سلاح بأنواعه؛ دوشكات، روسيات، سَموبالات، مخدرات بأصنافها المختلفة من الحشيش حتى الهرويين. الشاطر وشطارته. المهم ألا يجوع المواطن. أيمانًا من الحكومة بأنه لا يجوع في هذا البلد غير قليل الحيلة.
ثالثًا: قننت الكهرباء، ليس بخلًا بالكهرباء، وإنما لغاية في نفس يعقوب، كما يقولون؛ فاللصوص لا يتحركون إلا في الظلام، كما هو معروف. ولكي تتمكن السلطة من إلقاء القبض عليهم؛ لجأت إلى قطع الكهرباء في الليل كي تمكن اللصوص من التحرك؛ وبالتالي، كي تتمكن السلطات المختصة من كشفهم وإلقاء القبض عليهم في جنح الظلام. يعني بالعربي الفصيح؛ كي تنصب لهم كمائن في الليل.
رابعًا: فتحوا لكم السجون، فالسجين منكم يقضي سجنه “آكل شارب، نايم، قايم، مكتسي”، دون أن يكلّف بأي عمل، ودون أن يدفع ثمن طعامه ومنامته بارة الفرد. يعني -بالعربي الفصيح- أكل ومرعى وقلة صنعة، وإذا كان السجين فهلويًا، ويستطيع أن يقتنص أخبار السجناء، وخاصة السجناء السياسيين، دون أن ينكشف أمره؛ فله حظوة عند المسؤولين عن إدارة السجن، وربما تقاضى عن عمله أجرًا مزجيًا، وربما صرف له راتبًا شهريًا.
خامسًا: فتحوا أبواب الهجرة، وصار بإمكان السوري أن يذهب إلى أوروبا التي كان قبل الثورة يحلم أن يزورها. وأصبح الذهاب إلى ألمانيا أو النمسا أو النرويج، أو غيرها من البلاد الأوروبية، أسهل من الذهاب إلى أي مدينة من المدن السورية.
خامسًا وأخيرًا: أراحتكم الحكومة من التفكير ووجع الرأس؛ فهي تفكر عنكم. وتعرف مصلحتكم أكثر منكم. وتحصي تحركاتكم. أين تذهبون، أو أين تسهرون، متى تخرجون من بيوتكم، متى تعودون آخر الليل، من تصادقون. عملًا بالقول: قل لي من تصادق؛ أقل لك من أنت. وهكذا، فهي تقضي الليل تفكيرًا في مستقبلكم الغامض. أبعد ذلك تنقون؟!.
قال من أشفق من الأم على ولدها؟ قال الحكومة. والصادق يصدّق