قضايا المجتمع

دُور رعاية الأيتام في تركيا: فقر في الإمكانات وعجز عن الاستيعاب

تعاني دور الأيتام في تركيا من مشكلات مادية وتنظيمية؛ فهي تختلف عن دور الأيتام الأخرى، كونها مسؤولة عن تأمين سكن ومعاش للأمهات؛ لذلك، تحتاج إلى إمكانات مادية كبيرة، لا تتوافر في أغلب الأحيان.

وعن أوضاع دور رعاية الأيتام في تركيا، والصعوبات والمشكلات التي تعاني منها، أكدّت إخلاص المسالمة، مديرة العلاقات العامة في “جمعية الشام لرعاية الأيتام” لـصحيفة جيرون، أن دور رعاية الأيتام -هذه- “تتطلّب مقدرات خاصة، لا تقتصر على تأمين الاحتياجات الرئيسة للأطفال اليتامى فحسب، وإنما تحتاج إلى تقديم الرعاية النفسية والاجتماعية المكثّفة لهم أيضًا؛ فهم في حالة من الدمار من كل النواحي، ويحتاجون إلى إعادة تأهيل”.

من جهته، أكدّ عمر قباقب، مدير “رابطة حمص في المهجر”، عجز المؤسسات المعنية عن تأمين احتياجات الكم الكبير من الأيتام السوريين، وقال لـصحيفة جيرون: “إن الأعداد الكبيرة للأيتام الموجودين في تركيا، تجعلنا عاجزين عن تقديم الرعاية للجميع؛ ما يدفعنا -في بعض الأحيان- للفرز، فهناك أسر متضرّرة أكثر من غيرها، وهذا يجب وضعه في الحسبان، بالإضافة إلى طبيعة المجتمع السوري التي تفرض علينا -في بعض الأحيان- “غربلة” عدد من  الحالات؛ فالذكور اليتامى البالغة أعمارهم 12 سنة، فما فوق، لا نستطيع استقبالهم في مساكن دور الأيتام، لأنها مجمّعات، يغلب عليها الطابع النسائي والأطفال الصغار، ولا يمكننا أن نضع ذكورًا يافعين بينهم”.

تشترك أحلام عبدون، مسؤولة العلاقات العامة السابقة في منظمة “أفق لرعاية الأيتام”، مع قباقب في أن “عدد الأيتام الكبير يحول دون الوصول إلى الجميع ومساعدتهم”، وقالت: “إن وجود الأطفال والأمهات في جوّ لا يشبه الجو الطبيعي الذي تعيشه الأسر الأخرى، يؤثر -سلبًا- في نفسياتهم، ويُحدث عدم استقبال الذكور اليافعين، في هذه الدور، بعض الخلل؛ فوجوده في الأسرة يقويّها، ويجعلها أكثر توازنًا”.

يُعَدّ عدم وجود أطباء نفسانيين ومختصيّن، يتولّون مهمّة توجيه المرشدين التربويين، الذين يتعاملون مع الأطفال في دور الأيتام، إحدى المشكلات التي تُعاني منها أغلب دور الأيتام الموجودة في تركيا، لا سيما أن قسمًا لا بأس به منها، يعتمد على المتطوعين من ذوي الخبرات المحدودة؛ فعند دخول الطفل مكانًا غريبًا، ومشاهدته أشخاصًا غرباء، وخصوصًا يتيم الأب والأم (اللطيم)، سيعاني –على الأغلب- من صعوبة في التأقلم، وهنا يكون دور المرشدين في التعامل الصحيح مع كل حالة على حدة، وفقًا لأسس علميّة، تحلّل الرغبات والدوافع لكل طفل، وتنطلق منها، كما يقع على عاتق الإدارة تحقيق الانسجام بين الأسر المقبلة من مستويات وبيئات متباينة، ومن محافظات مختلفة، وهذا يحتاج إلى خبرة من الفريق الإداري والتربوي، وتقوم بعض دور الأيتام بفرض برامج تعليمية وتثقيفية للأمهات، ولكنها -في بعض الأحيان- لا توائمهنّ؛ فتتسبب لهنّ بعبءٍ نفسيٍ ثقيل، يضاف إلى سلسلة متاعبهن وآلامهن.

في سياق آخر، حذّر السيد “قباقب” من تسرّب الفساد إلى بعض الجمعيات الخيرية، وقال: “قد يتم التربّح بأموال مخصّصة للأيتام، أو جمع التبرعات، وعدم القيام بنشاط ما، وتسجيله – مع ذلك- كنشاط منفَّذ في جدول أعمال الجمعية، إلا أنه لا تمكن الإشارة بأصابع الاتهام إلى جميع الجمعيات ونشاط كل منها، ولكن ينبغي تشديد الرقابة والمتابعة من القائمين عليها، والداعمين لها”.

بينما ترى السيدة “عبدون” أن المراقبة والمتابعة أمران ليس من السهل تحقيقهما، في بيئة العمل السورية التركية؛ لأن المموّلين ليسوا مهتمين بالنتائج، ولا توجد جهات رقابية مباشرة داخل المؤسسات، أو من الحكومة التركية، وقالت: “إن أغلب دور الأيتام -في تركيا- لا تطبّق معايير الجودة، ولا تُعِدّ مدونات قواعد السلوك التي تقيّم سلوك وأداء الموظفين مع بعضهم بعضًا، ومع نزلاء الدار”.

ويقترح السيد “قباقب” حلاً للعديد من مشكلات المؤسسات والجمعيات، المعنية بالأطفال السوريين الأيتام في تركيا، يستند إلى المشروعات التشاركية مع تركيا، والتي يرى أنها قد تكون وسيلة ناجحة؛ لتذليل الكثير من العقبات والصعوبات، وقال: “من الممكن أن تكون الشراكة مع مؤسسات تركية حلًّا؛ لذا ينبغي علينا -نحن كسوريين- الاندماج مع المجتمع التركي، ومحاولة إشراكه في مثل هذه المشروعات والأعمال قدر الإمكان”.

Author

مقالات ذات صلة

إغلاق