قضايا المجتمع

المواليد السوريون في تركيا عوائق بيروقراطية ومماطلة بلا مبررات

قرّر “مصعب. ح” أن يُسجّل ابنه “مراد” بعد أيام قليلة من ولادته: في ولاية غازي عنتاب التركية؛ فأخذ شهادة الميلاد التي حصل عليها من المستشفى التركي، وذهب إلى مختار الحي؛ ليسأله عن تفاصيل عملية التسجيل، وانطلق -بعدها- إلى دائرة النفوس التركية، لكنهم لم يقبلوا تسجيل ابنه؛ لأن بطاقة اللجوء المؤقت “الكيملك” التي يمتلكها، هو وزوجته، كانت من ولاية أخرى، ولا يملكان جوزات سفر، وليس لديهما إقامات، ويعتمدان في تسيير أمورهما -داخل تركيا بشكل تام- على “الكيملك”.

 

ليس بمقدور عدد كبير من السوريين الموجودين على الأراضي التركية تسجيل أبنائهم؛ لأسبابٍ متعددة، يأتي في مقدمتها عدم امتلاكهم أوراقًا رسمية، وتتعقّد المشكلة عند حصول الولادات غير الموثقة في المستشفيات، أو عند دوائر الأحوال الشخصية التركية؛ لتصبح -مع الوقت- ولادات مجهولةً، لا شيء يثبت وجود أصحابها.

 

صحيح أن الأمر يقتضي سلسلة من الإجراءات الروتينية؛ لتسجيل أبناء السوريين في دائرة النفوس التركية، لكن كثيرين يجهلون تفاصيلها؛ لعدم استعدادهم المسبق لمواجهة حالات من هذا النوع، ولمشكلة اللغة التي تقف عائقًا أمام تصريف أعمالهم اليومية في تركيا.

 

في هذا الشأن، قال محمود البري الذي قام بتسجيل مولوده حديثًا لـ جيرون: “يتم منح والد الطفل بيان ولادة بعد تسجيله في النفوس التركية، هذا إن كان الزواج قد تم -أصلًا- في تركيا، بموجب عقد في دوائر الزواج في البلديات المختصة، ويُمنح الزوجان دفتر عائلة دوليًّا بلغات عدة، يمكّنهما من تسجيل أطفالهما لاحقًا، أما للمولودين خارج المستشفيات التركية، فيمكن للوالد أن يُراجع مختار المنطقة التي يسكن فيها، أو المركز الصحي الأقرب إليه؛ لتثبيت واقعة الولادة، كما يمكن للمتزوجين خارج الأراضي التركية تثبيت زواجهم في دائرة النفوس التركية؛ للحصول على دفتر عائلة دولي، ولكن هذه العملية ليست سهلة، وتحتاج إلى القيام بالكثير من الإجراءات الروتينية العسيرة”.

 

في سياق متصل، أشارت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في دراسة أصدرتها منذ نحو شهر، إلى أن اللاجئين السوريين في العديد من الولايات التركية، كإسطنبول وأزمير، قد ينتظرون لأشهر، للتسجيل في نظام الحماية المؤقتة، والحصول على بطاقات “الكيملك”، وأكدت منظمات غير حكومية، تعمل مع اللاجئين السوريين، أن هذا التأخير يعود -في جزء منه- إلى مرحلة ما قبل التسجيل والتدقيق الجديدة، التي أضافتها المديرية العامة لإدارة الهجرة “مديرية الهجرة” لنظام الحماية الموقتة، في آذار/ مارس 2016، فضلًا عن وجود قيود تفرضها طاقة الاستيعاب، وقد تتسبب في تأخيرات.

 

أفاد العديد من السوريين بأن نظام التسجيل على “الكمليك”، لا يعمل بشكل منتظم في معظم الولايات التركية؛ ففي غازي عنتاب، تعطّلت عملية التسجيل، ما تسبّب بتأخير المواعيد لمدة شهرين، وفي اسطنبول تأجلت المواعيد لفترات تتراوح بين 3 و6 أشهر، في المناطق التي يسكنها سوريون كثر.

 

في هذا الشأن، أفاد البري بأنه “يستطيع السوريون المضطرون إلى إثبات هوية مواليدهم الجدد الحصول على استمارة سابقة للتسجيل، تنوب عن الكيملك، صلاحياتها 30 يومًا، وتُجدَّد شهريًا، تسمح لهم بالبقاء -بشكل قانوني- في البلاد في انتظار البتّ في طلباتهم”، وكان نائب رئيس الوزراء التركي، لطفي ألوان، قد أعلن، مطلع آذار/ مارس الماضي، أن نحو 150 ألف طفل سوري، ولدوا في تركيا منذ بدء النزاع، لافتًا إلى العبء الإنساني الملقى على عاتق الحكومة في أنقرة.

 

حالُ “مصعب” كحال الكثير من الأزواج السوريين المقبلين على مرحلة الإنجاب في تركيا، حيث يكبّلهم جهلهم بالإجراءات التسجيلية، وعدم امتلاكهم أي أوراق رسمية، وهي معوّقات تتراكم مع الوقت، وتتزايد آثارها القانونية والشخصية، من دون أن تكون هناك حلول شاملة، تقف في وجهها أو تخفّف من أضرارها.

Author

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق