قضايا المجتمع

تعليم السوريين في تركيا عملية فوضوية تحتاج إلى متابعة وتنظيم

سمحت تركيا للسوريين الموجودين على أراضيها بإنشاء مدارس سورية خاصة بهم، في معظم الولايات التركية، وذلك؛ لتلبية حاجات التلاميذ الذين اضطروا إلى الانقطاع عن الدراسة بعد نزوحهم من سورية، وتنقسم هذه المدارس بين ربحية ومجانية، علمًا أن أقساط الأولى مرتفعة جدًا؛ ما يدفع معظم السوريين إلى اللجوء إلى المجانية، التي تعتمد -في تمويلها- على جهات سياسية، إضافة إلى التبرعات وبعض الأساتذة المتطوعين.

تعتزم الحكومة التركية إغلاق المدارس الخاصة كافة، بما فيها السورية، وفي هذا الشـأن، أصدر مجلس التربية الوطنية التركي، منذ نحو شهر، قرارًا يقضي بإغلاق جميع المدارس الخاصة، التي يتولى إدارتها أجانب (غير أتراك)، أو لديهم شركاء أجانب، ومنذ ذلك الحين أُغلقت 21 مدرسة خاصة في تركيا، وبُدئ العمل بهذا القرار بشكل جدي وحازم، بعد الانقلاب الذي وقع في الخامس عشر من الشهر الحالي، والذي باء بالفشل.

 

المدارس الخاصة كتجارة

حول معاناة الأهالي ومشكلات أبنائهم التعليمية، قال “مأمون. ع”، وهو أب لثلاثة أطفال في المرحلة الابتدائية، لـ (جيرون): “هناك الكثير من المشكلات التي تعاني منها المدارس الخاصة في تركيا، يأتي في مقدمتها غياب الأساتذة المتكرر، وانتقالهم الدائم من مدرسة إلى أخرى بحثًا عن مرتّبٍ أفضل، وهذا ما يؤثر سلبًا على التلاميذ، الذين ما إن يعتادوا على أسلوب مُدرّس حتى يتركهم ويأتي آخر”، وقال: إن أحد المدرسين في مدرسة أبنائه، أخبره أن معظم المعلمين يعملون أعمالًا أخرى غير التدريس، ولذلك فهم لا يبذلون من جهدهم وخبرتهم أكثر من 40 بالمئة، بسبب أوضاعهم الصعبة.

 

وتابع: “إن العملية التعليمية، سواءً كانت خاصة أم حكومية ليست مضبوطة كما يجب، ولا توجد عناية في اختيار الكادر الإداري والتعليمي؛ فلا يُراعى التخصص العلمي في اختيار المعلمين، وقد يكون المدير -في بعض الأحيان- تاجرًا لا يمتلك شهادة جامعية، وليس له علاقة -لا من قريب ولا من بعيد- بالعملية التعليمية والتربوية والأخلاقية، والهدف من مشروع المدرسة ربحي بحت”.

من جهته أكد إبراهيم قنبر، وهو مدير مدرسة عامة سوريّة في تركيا، لـ (جيرون) أن محاولات الحكومة التركية إغلاق المدارس الخاصة، “في طريقها إلى النجاح، وعلى الرغم من أننا لا نعرف أسبابها بشكل دقيق، إلا أن القيام بهذه الخطوة يعتبر جيدًا ومن شأنه أن يؤثر -إيجابًا- في السوريين، الذين يتعرضون للاستغلال من قبل مالكي هذه المدارس”.

 

أضاف قنبر: “على الرغم من كل المشكلات التي تعاني منها العملية التعلمية في تركيا، إلا أن سير التعليم لايزال مقبولًا، وهذا يعود إلى إدراك المجتمع السوري أهمية التعليم، وإصرار السوريين على استكماله لأولادهم، وما ينقص التعليم السوري، في تركيا اليوم، هو التخلّص من القطاع الخاص، والتركيز على العام، ومتابعته وتنظيمه من قبل كل الفئات السورية المهتمّة، والمشاركة في الحركة التعلمية”.

 

حواجز مادية وأدبية

تُعدّ الأوضاع المادية السيئة للمدرّسين من أهم معضلات السلك التعليمي في تركيا، وتشير التقديرات إلى أن أجور المعلمين لا تتجاوز الـ 300 دولار أميركي، ويُعدّ هذا المبلغ قليلًا، ولا يكفي لأجرة المنزل في بعض الأحيان.

 

كما تعد مشكلة التسرّب المدرسي، وخصوصًا عند الذكور، من أخطر المشكلات التي تواجه الطلاب، فقسم جيّد منهم توجه إلى سوق العمل، يضاف إليها تغيير الأهالي مكان سكنهم بشكل دوري، وبالتالي؛ تبديل المدرسة، وهذا يؤدي إلى ضياع وتشتّت الطلاب، وتؤثر الحالة النفسية السيئة للأهل، وشعورهم الدائم بعدم الاستقرار على أولادهم، فلا يتعاملون بجديّة مع التعليم.

 

تشترك أغلب المدارس السورية في تركيا بطريقة أيديولوجيّة، يغذّيها الفكر الإسلامي، وتفرض قواعد اللباس الشرعي، وفي هذا المجال، عدّ “قنبر” اتباع النهج الإسلامي في المدارس “ليس سلبيًا”، وقال: إن “عدد حصص التربية الإسلامية غير مبالغ فيها، وتهدف إلى حثّ الجيل على احترام الدين الاسلامي وفهم تعاليمه، وإن كانت متشددة في بعض الأحيان، فإنها لن تؤثر سلبًا على الطلاب؛ لأن كل أسرة تستطيع أن توجّه أبناءها دينيًا في المنزل”.

 

جدير بالذكر أن أكثر من 600 ألف طفل سوري، في تركيا، هم في سن التعليم، نصفهم خارج العملية التعليمية، وتستوعب المدارس التركية، ومراكز التعليم الموقت، حوالي 300 ألف طالب، بينما تسعى الحكومة التركية إلى أن يصل عدد الأطفال السوريين، المستفيدين من العملية التعليمية إلى 560 ألف طفل مع نهاية العام 2016.

Author

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق