قضايا المجتمع

السوريون في تركيا: واقع صحي مقبول وتلقيح الأطفال مرتبط بتسجيلهم

يتلقّى السوريون الذين يسكنون في الولايات التركية علاجهم الطبي مجانًا، وكذلك تعطي الصيدليات الدواء مجانًا لمن يمتلك بطاقة الحماية القانونية الموقّتة (الكمليك)، عدا عن التعليم، وبعض الخدمات الأخرى، وتُصرف الوصفات الطبية مجانًا عن طريق أي صيدلية متعاقدة مع الدولة في هذا المجال، وتتوافر هذه الصيدليات بكثرة، شريطة أن يأخذ الصيدلاني الوصفة، ليقدّمها إلى الجهات المختصة فيما بعد ليأخذ ثمن الدواء.

اللغة تُعكّر صفو التسهيلات الطبية

على الرغم من هذا الواقع الإيجابي، إلا أن عددًا كبيرًا من السوريين الذين يقطنون في تركيا لا يستطيعون الاستفادة من الخدمات الطبية فيلجؤون إلى المستشفيات الخاصة، التي تُعدّ تكاليفها باهظة بالنسبة إليهم، أو إلى العيادات السورية غير المرخصة، والتي غالبًا لا تتوافر فيها المعدات الطبية كاملة.

يحول حاجز اللغة، وعدم اتقان المترجمين السوريين للغة التركية، دون إتمام العملية العلاجية، ويسهمان في سوء التشخيص الطبي، ولهذا تُعدّ استفادة السوريين من المشافي التركية جزئية، يضاف إليها الازدحام الذي تعاني منه المستشفيات التركية، والذي يتسبّب في ضياع وقت المرضى، وهذا يترتب عليه اضطرار العامل إلى عدم الذهاب إلى عمله طوال اليوم، وأغلبية السوريين في تركيا من الطبقة العاملة.

اللقاحات متوفرة والمشكلة معرفية

أكدت الطبيبة ذكرى. م لـ (جيرون) وهي طبيبة أطفال عراقية تعيش في ولاية (غازي عينتاب) التركية، أن اللقاحات في تركيا “متوافرة للأطفال السوريين الذين يمتلكون أوراقًا ثبوتية أو بطاقة (الكمليك)، وهي متاحة في المستوصفات التركية جميعها، ولكن المشكلة تكون عند الأطفال الذين لا يمتلكون أوراقًا، وهنا لا يقبل المستوصف أن يلقّح الطفل، لأن اللقاحات ينبغي أن تُسجّل على أسماء أطفال لهم رقم رسمي”.

وشدّدت ذكرى على أن العدد الأكبر من السوريين الموجودين في تركيا لا يملكون أوراقًا رسمية كجواز سفر، وقسمًا لا بأس به منهم ولدوا في تركيا ولم تتسهّل عملية تسجيلهم لأسباب كثيرة، يأتي في مقدّمها تغيير مكان الإقامة.

في الآونة الأخيرة حصلت بعض المشكلات في استخراج بطاقة (الكمليك) للأطفال السوريين، ولذلك لم يستطيعوا الحصول على اللقاح في المستوصفات التركية. في الواقع لم تمنع الحكومة التركية السوريين من استخراج بطاقة (الكميلك)، لكن كثرة الطلبات بطّأ عملية الحصول عليها، ولا سيما أنها تأتي من العاصمة (أنقرة)، وترتبط بالمدينة التي استخرج منها الأبوان بطاقاتهما، فالأهالي الذين استخرجوا بطاقاتهم من ولاية معينة لا يحق لهم استخراج بطاقة لابنهم من ولاية أخرى، ويجب عليهم نقل ملفاتهم إلى الولاية الجديدة التي استقروا فيها وهذا الأمر يحتاج إلى إجراءات قانونية، يصعب على السوريين فهمها وتطبيقها.

وأوضحت ذكرى أن هناك “مراكز سورية مخصصة للسوريين كـ (أطباء عبر القارات)، تقدّم اللقاحات للأطفال السوريين الذين لا يمتلكون أوراقًا ثبوتية مجانًا، ولكن هناك مشكلة في الوصول وفي العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع المحلي السوري الموجود في تركيا فهم لا يعرفون من يسألون، وكيف يصلون إلى المراكز المهتمة بهم، وعلى الرغم من وجودهم فترة طويلة في تركيا إلا أنه لا يزال هناك ضعف في العلاقات، ربما سببه اللغة، إضافة إلى قلة الاهتمام في هذه المراكز من ناحية النظافة والمواعيد، فثقة الأهالي السوريين بالمستوصفات التركية أكبر”.

في هذا السياق، لا يولي عدد كبير من السوريين أهمية للقاحات، ويعدّونها أمرًا ثانويًا، وقسم لا بأس به منهم لم يُحضروا معهم دفتر اللقاحات من سورية أو من البلد الذي أتوا منه، حيث تختلف اللقاحات ورموزها من بلد لآخر، ولكن القائمين على العمل يعرفونها، لذلك ينبغي على الأهالي التركيز على الاحتفاظ بدفتر اللقاحات الذي يُعطى من المستوصفات التركية حتى لا يتكرر إعطاء اللقاح للطفل أكثر من مرة، مع العلم أن تكراره لا يتسبب بأضرارٍ جمة بحسب ذكرى.

مراكز طبية سورية تؤدي جزءًا من الغرض

أسسّ السوريون في تركيا العديد من المراكز الطبية السورية، التي يتألف طاقمها من الأطباء السوريين، وشهدت هذه المراكز توافدًا كبيرًا من معظم المرضى السوريين، نظرًا إلى انسجامهم مع أطباء يتكلمون اللغة نفسها، ولكن المشكلة في هذه المراكز، أنها غير مرخصة، ولا تُعدّ نظامية ضمن القانون التركي.

وتعزي الحكومة التركية عدم اعترافها بالأطباء السوريين إلى أن هناك قسمًا منهم لم يستكملوا دراستهم الجامعية، وهناك حالات تزوير شهادات تحصل في بعض الأحيان، ولا تستطيع الحكومة التركية التأكد من صحتها، وتقوم المراكز الطبية التي يفتتحها السوريون بتشغيل جميع الأطباء سواءً أكملوا دراستهم الجامعية أم لا؛ وتعترض السوريين في مثل هذه المراكز، بعض المشكلات منها النقل إلى المستشفيات التركية إذا اشتدت بعض الحالات، أو في حال الولادة للنساء الحوامل، فيُمنع على الطبيبات السوريات التوليد في المستشفيات التركية لذلك تضطر المرأة السورية الحامل المتعاملة مع طبيبة سورية إلى تغيير طبيبتها في وقت الولادة، باستثناء بعض الطبيبات المتعاقدات مع مراكز طبية تركية فيستطعن التوليد بشروط تضعها المراكز، وغالبًا ما تكون تكلفتها كبيرة.

يضاف إلى ذلك قطاع الأسنان الذي يصعب على المستشفيات التركية الحكومية تغطيته بالكامل، لذلك يقع على عاتق معظم السوريين في تركيا تحمّل نفقات علاج الأسنان، فيلجأ أغلبيتهم إلى العيادات السورية غير المرخصة لقلة تكاليفها.

Author

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق