وكانَت تُمشّطُ شعرَ المنامِ
تُكحّلُ جَفنَيهِ بالخوفِ كَي لا يفيقَ
وتأتيهِ كلّ صباحٍ بابريقِ يأسٍ وكأسَينِ من تَعَب.
تُزيّنُ ليلَ الغريبِ بأغنيةٍ عن نجومٍ تُضيءُ الطريقَ
وخلخالَ راقصةٍ يَتطايرُ منهُ اللَهَب.
وكانت مرايا من الأُحجياتِ
تُدرّبُ صوتَ النحاسِ على الصمتِ
كي لا يبوحَ الرنينُ بما يهجسُ المعدنُ
فينفضّ عنه الصدأ
وتَجرحُ حنجرةَ الناي، بحّتَه في شِفاهِ القَصَب.
وكانت تُلمّعُ بالوحلِ وجهَ الحجارةِ
تقضمُ عنقَ الشهيقِ
إذا الأبجديّةُ في شفتيكَ أخفّ قليلًا من الغيمِ
أطولُ من حبلِ مشنقةٍ
وسلالمُ أرفعُ من حافةِ الهاوية
ومن قعرِ بئرٍ سحيق.
وكانَت سراجًا على كتفِ الريحِ مُطفأ
عنانًا طريًا لأحصنةٍ من رمادٍ، وسرجًا من ذهب.
وكانَت شبهَ بلادٍ
لولا أصابع الأطفالِ التي رَسمَت
حلمًا على الحيطانِ، فانبثقَ الأفق.
وكانَت تُسمّى مجازًا بلادٌ.
مجازًا فقط.