اقتصاد

القطاع الزراعي في درعا صعوبات كبيرة وحلول محدودة

تعرّض القطاع الزراعي في سورية لخسائر فادحة، بفعل سياسة الأرض المحروقة المتبعة من النظام الحالي، والقائمة على القصف بأنواع شتى من الأسلحة، إضافة إلى حصار المناطق المُعارضة؛ ما أدى لصعوباتٍ بالغة في تأمين متطلبات وحاجات هذا القطاع، وكذلك شبه استحالة تصريف الإنتاج في مختلف المناطق، ولا يختلف هذا التوصيف في محافظة درعا جنوبي البلاد،  إحدى أكثر المناطق السورية اعتمادًا على الزراعة،  عن سواه في بقية المحافظات؛ حيث تعرضت المساحات الزراعية لأضرار بالغة، دون وجود إحصاءات دقيقة تؤشر بدقة إلى لواقع الحالي.

 

لقد أدى القصف المتواصل، وارتفاع تكاليف زراعة المحاصيل، بسبب تقطيع أوصال المناطق، وانعدام بعض المواد الأولية أو ندرتها، والمعارك المستمرة في مختلف الجبهات، إلى انخفاض كبير في مستوى الإنتاج الزراعي، الأمر الذي كان له انعكاساتٍ سلبية اقتصاديًا ومعاشيًا، على الفلاح والمواطنين العاديين، وهو ما يدعمه رأي الناشط، مهند أبو الوفا، حيث يقول في تصريح لـ (جيرون): “إن ارتفاع تكاليف المواد الأولية، وانعدام وجود بعضها، إضافة إلى المعارك المتواصلة بين الجيش الحر والنظام من جهة، وبين الجيش الحر وتنظيم الدولة من جهة أخرى، أثر سلبًا على الإنتاج الزراعي، فذلك الواقع حرم الكثير من الفلاحين من إمكانية الوصول إلى حقولهم، ومتابعة ما تحتاجه محاصيلهم، كما أن الكثير من الفلاحين ترك العمل في الزراعة، واتجه إلى مهنٍ أخرى؛ بسبب الأوضاع الحالية التي جعلت من تكلفة الإنتاج أكبر من عائدات التصريف، هذا في حال استطاع الفلاح تصريف محصوله”.

 

إلى ذلك أكد نزيه القداح، رئيس المكتب الزراعي في مجلس محافظة درعا، أن الأضرار التي تعرضت لها المساحات الزراعية كبيرة جدًا، وطالت المحاصيل الاستراتيجية كالقمح ومحاصيل أخرى لمختلف أنواع الخضروات، مضيفًا في حديثه لـ (جيرون): “لا توجد حاليًا إحصاءات دقيقة لحجم المساحات الزراعية المتضررة بشكل كامل أو جزئي، ولكن يمكن القول بأن إجمالي المساحة المزروعة في الوقت الراهن لمحصول القمح بلغت 220 إلى 250 ألف دونم، إضافةً إلى محاصيل الشعير والعدس والحمص، المساحات المزروعة بهذه المحاصيل أقل بكثير من مثيلتها بالنسبة للقمح”، منوهًا إلى أن أكثر المحاصيل المتضررة هي القمح والخضروات، وذلك بسبب انخفاض المعدلات المطرية، والقصف المستمر لطائرات ومدفعية النظام, و المعارك المحتدمة في حوض اليرموك، إضافةً إلى انتشار حشرة السونة، وصعوبة تصريف المنتوجات الزراعية.

 

من أبرز تداعيات الأضرار التي أصابت القطاع الزراعي، في محافظة درعا جنوبي البلاد، هي ارتفاع الأسعار وانصراف العديد من الفلاحين عن الزراعة، وهذا ما يؤكده أبو الوفا بقوله: “هناك ارتفاع غير مسبوق بأسعار الخضروات، ومختلف المواد الغذائية في بعض المناطق لصعوبة إدخالها، وبفعل سياسة تجار الأزمات والحروب، وفي الوقت نفسه تُباع المواد ذاتها في مناطق أخرى بأسعار زهيدة جدًا؛ نتيجة تكدس المحاصيل، وعدم وجود طرق لتصريفها؛ ما يؤدي إلى خسائر كبيرة للفلاح، وأعباء اقتصادية إضافية على المدنيين الموجودين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام”.

 

تحاول الجهات المحلية من مجلس محافظة درعا، وبعض المنظمات والهيئات، إيجاد حلول ملائمة للواقع الزراعي، تساهم بشكلٍ أو بآخر في حصر الأضرار، والنهوض بقطاع الزراعة داخل المحافظة، وهنا يشير “القداح” إلى أن المكاتب المتخصصة في مجلس المحافظة والمجالس المحلية، ضمن المناطق والبلدات “بصدد إعداد الخطط والمشاريع اللازمة، المبنية على إحصاءات دقيقة تحدد الحاجات وتمكن من رسم السياسات الناجعة، وذلك بالاتفاق مع الفصائل العسكرية على الأرض؛ لتأمين فتح الطرق والحواجز بهدف ضمان النجاح لهذه الخطط”.

 

من جهته قال أبو الوفا: “المطلوب خطة واضحة قابلة للتنفيذ، ضمن معطيات الواقع الحالي، ولا بد أن تكون هذه الخطة باتفاق جميع الأطراف، ويتم التفاوض على تنفيذها داخل المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، بما يضمن تأمين الطرق وفتحها أمام دخول المواد الأولية وتصريف المحاصيل الزراعية، وعدم استهداف الأراضي الزراعية بالقنص والأعمال القتالية، إضافةً إلى توافر إرادة جدية لدى المؤسسات المعنية، بضرورة دعم القطاع الزراعي الذي يعدّ أحد أهم أعمدة الاقتصاد السوري، لأن استمرار الوضع على ما هو عليه، سيجعلنا نصل إلى نتائج كارثية في عموم سورية، وليس في محافظة درعا فحسب”.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق