تزايدت أعباء المستشفيات الميدانية في كل مناطق سورية، عقب استهداف سلاحي الجو: الروسي والسوري، المشافي في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، وفي هذا الشأن عقد وزير الصحة في الحكومة السورية الموقّتة المُشكّلة حديثًا، محمد فراس الجندي، مؤتمرًا صحافيًا، في 25 تموز/ يوليو 2016، بمنطقة معرة النعمان جنوبي إدلب، وركّز المؤتمر على وضع المستشفيات في المناطق المحررة، وخصوصًا حلب، حيث أكّد الجندي استهداف قوات النظام، مستشفى الشهيد، عبد القادر الصالح، في مدينة الأتارب بريف حلب، بالقصف المروحي، ما أدى الى دماره كليًا، واستشهاد خمسة من طاقمه، وأضاف الجندي: “في يوم السبت 23 تموز/ يوليو، تم استهداف المستشفيات التالية: البيان، والدقاق، والحكمة، والسيدة الزهراء، بالإضافة إلى مستشفى الحكيم، وبنك الدم المركزي، والطبابة الشرعية، في مدينة حلب، كما استُهدف -في الأسبوع الماضي- المستشفى الوطني في إدلب؛ حيث خرج عن الخدمة أيضًا”. ودعا الجندي جميع المنظمات الدولية إلى تحمل مسؤولياتها أمام هذه الهجمة البربرية، على حد وصفه.
اقتصرت الردود الدولية على الإدانة؛ فالمتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إيرنست، وصف استهداف مستشفيات المدينة من قبل طيران نظام بشار الأسد، بأنه أمر “يستحيل تبريره”. أما نظيره الفرنسي، رومان نادال، فقال “في حلب؛ حيث يتعرض مئات آلاف الأشخاص -يوميًا- لقصف من النظام وحلفائه، فإنه من المهم وضع حد لهذه العمليات التي تشكل انتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي الإنساني، ولاتفاق وقف الأعمال القتالية”، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية.
يُعدّ قصف المستشفيات في كل من حلب وإدلب، استكمالًا لسياسة، اتبعها النظام وحلفاؤه طوال سِني الثورة السورية؛ فقبل أربعة أشهر، استهدفت الطائرات الروسية مستشفى القدس في حلب، حيث ارتقى 27 شهيدًا، بينهم ثلاثة أطفال، وآخر طبيب أطفال في المدينة، كما استُهدف مستشفًى مكوّنًا من ثلاث طبقات، تديره منظمة أطباء بلا حدود في معرة النعمان، بتاريخ 15 شباط/ فبراير من العام الحالي، وحوّلته الطائرات الروسية إلى ركام، وقتلت فيه 7 أشخاص، ووصفت المنظمة الهجوم بأنه “هجوم متعمد”.
في الشأن ذاته، أصدرت منظمة أطباء بلا حدود تقريرًا -في وقت سابق- عن قصف مراكز تابعة لها في سورية، جاء فيه أن 63 مستشفًى وعيادةً طبية، مدعومة من قِبلها، قُصفت بالطيران أو المدفعية، خلال 94 حادثًا متفرقًا خلال العام 2015، وأدى القصف -أيضًا- إلى تدمير 12 مرفقًا طبيًا، ومقتل 23 موظفًا من الكوادر الطبية.
وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير لها، قصف الطائرات الروسية المراكز الحيوية في سورية خلال الأشهر الستة الأولى من حملتها، وبحسب التقرير؛ فإن حوالي 50 مركزًا طبيًا طالته صواريخ وقنابل تلك الطائرات، ومنها قصف منظمة أورينت للإسعاف، في بلدة احسم بإدلب، وذلك في تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2015، كذلك قُصف مستشفى الحاضر؛ حيث أُصيب عدد من الكادر الطبي، وخرج المستشفى عن العمل، كما استُهدفت مستشفيات في سرمين، ودوما، وكفر نبل، وكفر زيتا، بحسب الشبكة.
وفي ظل عدم توافر أرقام دقيقة عن استهداف النقاط الطبية، في عموم المناطق المحررة، خلال أعوام الثورة، وعدم اتخاذ إجراءات صارمة من قبل المجتمع الدولي، في حالات كهذه، فإنه من المؤكد أن النظام وحلفاءه لن يتوانوا عن استخدام سلاح الطيران؛ لتدمير كل المراكز الحيوية، وعلى رأسها المستشفيات، وخاصة في المناطق التي تحاول قواته اقتحامها أو محاصرتها.