هموم ثقافية

القاص أسامة الحويّج العمر: الثورة كشفت احتيال مثقفي السلطة

وصف القاص السوري، أسامة الحويج العمر، مغادرة المثقفين السوريين بلدهم بأنها “هجرة قسرية”، ورأى أن الغربة “شكل من أشكال الاستبداد”، مشددًا على ضرورة أن ينتصر الإنسان على ذاته، قبل أن ينتصر على الأنظمة، وأكد على محورية دور المثقف في مؤازرة الثورة، لكنّه حذّر من أن عبودية الإنسان للأفكار القاتلة، أخطرُ من عبوديته للإنسان.

 

وحول تسرّب نسبة كبيرة من مثقفي سورية إلى الخارج، وانعكاسها على البعد الثقافي السوري، قال الحويج لـ (جيرون): “بعد أن أصبحت سورية حكرًا على فئة معينة دون غيرها، وانتشار الظلم والاستبداد والفساد بصورة مُرعبة؛ حيث توسّع التهميش وتمدّد، وبما أن المثقفين جزء من المجتمع الذي بات يشعر بالغربة في وطنه، يمكن القول إن هجرته صارت قسريّة، خاصة أن هذا التهجير أخذ مساره المنهجي والمدروس منذ استلام النظام السلطة، واستفحلت فيما بعد، وأخذت شكلها السافر والجرمي بعد اندلاع الثورة”.

 

ورأى القاص الذي اختار الولايات المتحدة مقصدًا لهجرته، أن للهجرة وجهان: “وجه إيجابي لهجرة المثقف، يتمثّل في الجسر الثقافي الذي يبنيه بين البلد الذي هاجر إليه ووطنه الأم، ولما توفره هذه الهجرة من فرصة مهمة للتعريف بحضارتنا وتاريخنا العريق، ومواجهة سوء الفهم والأحكام المُسبقة لدى الآخر، وآخر سلبي، يتمثّل في عبء الغربة الثقيل ووطأتها القاسية، فهي –أيضًا- شكل من أشكال الاستبداد”.

وعن إمكانية عودة هؤلاء إلى دولة حرّة، ينتصر فيها الشعب، قال: “النظام راحل لا محالة، على الرغم من وقوف العالم بأكمله إلى جانبه، والمسألة مسألة وقت، والمحاسبة قادمة، ولكن هذا لن يُنهي المأساة؛ إذ ينبغي التخلص من الاستبداد الذي يعيشُ بداخل كلّ واحد منا، فالانتصار الحقيقي هو الانتصار على الذات أولًا”.

 

وأضاف “إن عبودية الإنسان للأفكار والمفاهيم القاتلة المُدمّرة، أخطرُ بكثير من عبودية الإنسان للإنسان، وهذا لا يتحقق إلا من خلال ثورة العقل، لا ثورة العواطف التي أثبتت فشلها على امتداد التاريخ، هي ثوران بركان لا يلبث حتى يخمد، وثورة العقل وحدَها الكفيلة بالقضاء على غريزة العبد التي زرعها هذا النظام في وعي ولاوعي كثير من السوريين، بمنتهى الحرفية والخبث على مدى عشرات السنوات”.

 

وشدد على محورية دور المثقف في مؤازرة الثورة، فقال: “هو ضوء المنارة وسط هذا البحر المجنون المُظلم إلى درجة غريبة، لكن ما يثير الأسى والألم هو الصمت القاتل لدى بعض المثقفين الذين فضّلوا البقاء على الحياد، إما للنجاة بأنفسهم، أو لأسباب تتعلق بالمصالح الشخصية، فضلًا عن الكتاب والفنانين الذين كشفت هذه الثورة حقيقتهم، بعد أن ادّعوا وقوفهم إلى جانب الحرية والعدالة على مدى سنوات طويلة، ليتضح -في ما بعد- أنهم ممثلون من الطراز الممتاز”.

 

وانتقد بشدّة “مثقفي السلطة”، وقال: “في رحم الأنظمة الاستبدادية يولد مثقف السلطة، ويبقى أداة يستخدمها الحاكم الديكتاتور؛ للترويج لشعاراته البرّاقة ووعوده الكاذبة، وهؤلاء مهمتهم القيام بعملية غسيل دماغ ممنهجة ومدروسة للشعب، وللأسف، كثيرًا ما ينجحون نجاحًا باهرًا. وهذا ينسحب -أيضًا- على رجال الدين المرتبطين بالسلطة”.

 

ورأى أن الثورة السورية أفرزت أدبًا من نوع متميز وجديد، وقال: “خلال السنوات الخمس الماضية ظهر أدب جديد، هو أدب الثورة السورية، وظهرت معه أسماء جديدة، متميزة -حقًا- في مجال القصة القصيرة؛ وما يلفت النظر، ظهور ما يسمى بأدب الـ (فيس بوك)، وإن كنتُ أتحفّظ على هذا النوع من النشر القصصي؛ لأن كثيرًا جدًا من الأدعياء أقحموا أنفسهم فيه، ممن وجد في وسائل التواصل الاجتماعي طريقًا سهلًا لنيل لقب كاتب”.

 

وعن آخر إنتاجه الإبداعي، ومدى ارتباطه بالثورة، قال العمر، صاحب المجموعات القصصية الأربع: “لقد كان إنتاجي الأدبي -منذ البداية- مدافعًا عن الحرية والكرامة الإنسانية، ومناوئًا للظلم والاستبداد، وقد استخدمت في قصصي أسلوب الرمز والتورية للتعبير عن ذلك، سواء على ألسنة الحيوان أم على ألسنة الجماد، ومع اندلاع الثورة، كتبتُ المزيد من القصص والمقالات، خاصة باللغة الإنكليزية؛ لاطلاع القارئ الغربي على حقيقة ما يحدث من ظلم ووحشية من  النظام بحق الشعب، وقد عالجتُ في مجموعتي القصصية (عربي أصيل) التي صدرت عام 2014 باللغة الإنكليزية، تضحيات السوريين في ثورتهم ضد الطغيان والظلم، وكتبت صحيفة (نيويورك تايمز) -آنذاك- وغيرها من الصحف والمجلات الأميركية، مقالات مطولة عن المجموعة، وفي مجموعتي الجديدة التي ستصدر في بداية العام القادم 2017، العديد من القصص التي تُعالج مجريات الثورة أيضًا”.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق