سورية الآن

إدارة أوباما تقترب من موقف كلينتون الأكثر حزماً تجاه الأسد

تتصرف إدارة الرئيس باراك أوباما وكأنها صارت خارج الحكم فعليًا، خصوصًا تجاه الأزمة السورية، وعلى الرغم من الحديث عن جولة مقبلة من المفاوضات، بين نظام الرئيس بشار الأسد ومعارضيه، إلا أن غالبية المسؤولين الأميركيين يجمعون على أنها “جولة شكلية، ولن يخرج عنها أي نتائج أكثر من إضاعة الوقت”.

وينشغل مسؤولو أوباما في تقديم تصوّر لما ستكون عليه سياسة أميركا الخارجية في عهد الرئيس المقبل، خصوصًا في حال وصول مرشحة الحزب الديموقراطي وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون إلى البيت الأبيض، في الانتخابات المقررة 8 نوفمبر المقبل.

ويعتقد هؤلاء أن “كلينتون ستظهر حزمًا أكبر في التعاطي مع روسيا والأسد، وستلجأ إلى استخدام القوة العسكرية الأميركية، على الأقل لتعطيل مقدرة الأسد على شن هجمات ضد معارضيه”، مردفين أن “السياسة المتوقعة لكلينتون تجاه سورية هي النتيجة الطبيعية لقيام موسكو بإفشال المساعي الأميركية الديبلوماسية للتوصل إلى حل” وأنه “لو قيّض لأوباما البقاء في الحكم لمارس ضغطًا أكبر، بما في ذلك اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية الأميركية، لفرض حلول في سورية”.

على أن المواقف المستجدة لمسؤولي الإدارة الأميركية تبدو في غالبها محاولة لتبييض صفحة الرئيس الأميركي، بعدما صار من شبه المؤكد أن سورية تحولت لطخة على سجله الرئاسي، فأوباما من الرؤساء القلائل الذين يخرجون من الحكم واستطلاعات الرأي تشير إلى تأييد شعبي كبير لهم.

ولأن المحللين يعتقدون أن شعبية المسؤولين السابقين تزداد بعد خروجهم من الحكم -مثل بوش، الذي خرج بشعبية بالكاد تتعدى العشرين في المئة، وصارت اليوم تناهز الخمسين، وكذلك بلوغ شعبية كلينتون، ما بين خروجها من وزارة الخارجية وترشحها للرئاسة، معدلات قياسية لامست الثمانين في المئة- فإن أوباما ضمِن لنفسه شعبية شبه أسطورية بعد خروجه من البيت الأبيض.

لكن شعبية أوباما هذه يُعكّرها فشله في التعاطي مع الأزمة السورية، التي تحولت إلى مأساة تطال العالم. لذا، شنت حملة أوباما “حملة جاذبية” تهدف من خلالها إلى تعديل صورته في هذا المجال، وهو ما يتطلب اقترابه اكثر من الموقف الذي صار يجمع عليه الأميركيون، وهو القيام بمجهود أكبر لوقف المجازر في سورية ولوضع حد لتحول بعض أراضيها إلى مرتع للإرهابيين، الذين صاروا يعودون منها إلى أوروبا لشن هجمات إرهابية مميتة.

ولأنه من المتوقع أن تظهر سياسة كلينتون الأكثر حزمًا في سورية، مع مرور أيام حملتها الانتخابية الرئاسية، ولأن أوباما أعلن تأييده كلينتون والمساهمة في حشد الشعبية لها، فهو سيحتاج إلى الاقتراب من موقفها، بما في ذلك تجاه سورية، حتى لا يبدو تأييده لها شكليًا فحسب.

لكن اقتراب أوباما من موقف كلينتون في الموضوع السوري لن ينعكس فعليًا على سياسته الخارجية في الأشهر الخمسة المتبقية له في الحكم، فالرئيس الأميركي صار يتصرف كصاحب الولاية المنتهية، وهو يفوّض وزير خارجيته جون كيري الاستمرار بالديبلوماسية التي دأب على القيام بها مع روسيا على مدى السنتين الماضيين.

وعلى الرغم من أن واشنطن تعتبر أن لا جدوى للديبلوماسية مع الروس -خصوصاً في الموضوع السوري- إلا أنه لا خطط أميركية بديلة، ما يجعلها سياسة إضاعة وقت، بسبب غياب الخيارات الأخرى.

وحول نجاح المعارضة في كسر حصار قوات النظام لأحياء حلب الشرقية، يكرر المسؤولون الأميركيون موقفهم بأنه “لا حسم عسكريًا لأي طرف في سورية”، وأن “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واهمٌ، إن كان يعتقد أن في إمكانه مساعدة الأسد في عملية الحسم”، بل إن التقارير الأميركية تشير إلى “تزايد التورط الروسي في الحرب السورية، مع تكلفة مالية وبشرية ترتفع مع مرور الأسابيع، من دون نتائج تذكر”.

ووفق المسؤولين الأميركيين، فإن “كسر المعارضة الحصار على حلب يجب أن يكون الدليل الأبرز أمام بوتين على أنها نجحت في التكيف مع القوة الجوية الروسية التي تشارك في المعارك إلى جانب النظام، وأن الدفع الذي قدمه الروس للأسد انتهى، وأن القوة الروسية تحولت إلى مجرد واحدة من القوى الأخرى المتعددة التي تقاتل على الساحة السورية”.

Author

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق