سورية الآن

مسلسل الفساد الذي لا ينتهي في العراق

من جديد، تطفو على السطح ملفات الفساد، والاتهامات المتبادلة بين السياسيين العراقيين، والتي أصبحت أحد أهم ملامح السياسة العراقية ما بعد الاحتلال الأميركي، حيث شهد البرلمان العراقي، الإثنين الماضي، جلسةً عاصفة، على خلفية استجواب وزير الدفاع، خالد العُبيدي، ليفجر الأخير مفاجئةً من العيار الثقيل، باتهامه رئيس مجلس النواب، سليم الجبوري، وعدد من النواب الآخرين بابتزازه؛ للحصول على عمولات من عقود التسليح الضخمة لوزارة الدفاع، أصدر على إثرها رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أمرًا إلى هيئة النزاهة، لفتح تحقيق بالأسماء التي ذكرها العبيدي، وقرر منع سفر رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري وعدد من النواب مؤقتًا؛ للتحقق من تهم الفساد التي وجهت إليهم.

 

جاء تفجّر هذه القضية ليعيد الحديث عن الفساد المستشري في العراق إلى الواجهة الإعلامية، والشعبية، في وقت يبدو غير ملائم -بتاتًا- للحكومة العراقية الحالية، التي تستعد لمعركة استعادة مدينة الموصل الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، والذي طالما حاولت الحكومة العراقية المتلاحقة منذ الاحتلال الأميركي استخدام القتال ضد (داعش)، وقبله ضد تنظيم القاعدة، كشماعة للتغطية على قضايا الفساد المستشري الذي بات يُشكّل أحد أكبر الأزمات المستعصية في عراق ما بعد الاحتلال، فحديث الفساد المالي والإداري في العراق، يعود إلى بداية الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، حيث بدأت رحلة العراق مع الفساد والسرقة التي لم تبق على شيء من خيراته، حتى أصبح تصٌنيف منظمة الشفافية الدولية للعراق كثالث أسوأ بلد في العالم من حيث الفساد في 2006 و2007 و2008 ورابع أسوأ بلد في العام 2009، ووضع البنك الدولي أيضًا العراق في أسفل القائمة، ليأتي في المرتبة الثانية بين الدول الأكثر فسادًا في العالم، وبلغ الفساد أوجهه في عهد حكومة المالكي التي حرصت على إخفاء الحسابات الختامية للموازنات العامة للدولة، للتغطية على حجم السرقات والفساد الذي تتعرض له الموازنة في سنواتها المالية المتلاحقة، وتؤكد مصادر برلمانية عراقية قيام نوري المالكي بسرقة نحو 20 مليار دولار أميركي من الموازنة العامة للبلاد سنويًا، في حين يتوقع بعضهم أن المبلغ يتجاوز ذلك؛ حيث تم إخفاء مبلغ تجاوز 850 مليون دولار من قبل المالكي وحكومته ولم يعرف مصيرها إلى الآن، وفق دراسة أعدها مركز الروابط للبحوث والدراسات.

 

بالمقابل شكَّل قطاع النفط أحد أكبر فضائح الفساد في العراق، فقد كشفت التحقيقات تورط أسماء كبيرة في حكومة المالكي في سرقة مبالغ كبيرة من خلال رشاوي عقود النفط العراقي، حيث بدا واضحًا أن الفساد يتم على أعلى المستويات في الدولة، في حين لم يكن حال المؤسسة العسكرية أفضل حالًا، خاصة فيما يخص صفقات السلاح المشبوهة، والتي كلفت ميزانية الدولة العراقية ملايين الدولارات بحجة مكافحة الإرهاب، ليكتشف المواطنون العراقيون أن هذا السلاح موجود بيد الجماعات الإرهابية، والمليشيات الطائفية التي تعيث فسادًا في العراق.

 

بالعودة إلى اتهامات العبُيدي لرئيس المجلس النيابي وأعضاء في البرلمان، نجد أن الفساد المستشري في المؤسسة التشريعية الذي كان محور قضية (العُبيدي – الجبوري)، ليس إلا جزءًا من فساد النظام السياسي ككل، حيث يرى المراقبون أنه تم تصميم القوانين التشريعية لتلبي رغبات الاستئثار بالسلطة، وما يتصل بها من نفوذ وثروة من قبل الكتل البرلمانية المتحكمة بالمشهد السياسي العراقي، على حساب المصلحة الوطنية الجامعة، حيث تقوم بتهميش الخصوم السياسيين، وتكريس المحاصصة الطائفية.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق