يبتعد الإعلام البديل عن التغطية الشاملة للوقائع والأحداث، ولا يُعطي رؤية استشرافية للمستقبل، ويشعر المتابع أن هذه الوسائل ستتوقف مع سقوط النظام، وقليلة هي الوسائل التي تُحاول إيصال صورة لرغبتها في الاستمرار، والتحول إلى إعلام سوري حقيقي في المستقبل.
البث الإذاعي مقطوع!
تعاني معظم الإذاعات السوريّة في تركيا من الافتقار إلى المهنية، وعدم وجود جهات تضع خطوطًا عامة يمكن السير عليها، كما أثّر الابتعاد عن الموارد والمصادر على نوعية المواد، إضافة إلى أنها تُبثّ من الخارج، وهذا يُعدّ انفصالًا عن المحيط الجغرافي.
في هذا الشأن، أكدّ عبيدة. أ، وهو صحفي يعمل في إحدى الإذاعات السورية الخاصة، لـ (جيرون) أن مشكلة العاملين في الإذاعات البديلة “تتمثل بأنهم غير مُتَابَعين من الجمهور؛ فأغلب المحطات الإذاعية ليس لها محطات بث في الداخل السوري، وبالتالي فإنها تفتقد أهم خصيصة للإعلام المسموع، ألا وهي الانتشار والتأثير؛ لذلك فإن العاملين فيها، وجزء كبير منهم ناشطون وليسوا إعلاميين، لا يشعرون بتفاعلهم مع الجمهور؛ فينخفض مستوى أدائهم في العمل”.
من جهة أخرى، تُعدّ مشكلة الوضع القانوني، وغياب تصاريح العمل الرسمية، من أكبر المشكلات التي تعاني منها الإذاعات السورية البديلة، وهو ما يحدّ من حماسة المؤسسات الدولية للتعاون معها، فيبقى على مستوى شخصي، وعلى نطاق الأفراد، كما تلعب الإدارة المُنتفعة، وهي غالبًا ليست من أهل الاختصاص، دورًا سلبيًا في سير العمل، وتبدو المشكلة -بوضوح أكثر- عندما تصطدم برغبة الصحافيين في تغيير وتحسين الواقع.
الكثرة تُذهب المعنى
يعمل في تركيا ما يزيد عن 20 إذاعة سورية، عددٌ قليل منها يمتلك محطات بث في سورية، أما القسم الأكبر؛ فيبثّ عبر شبكة الإنترنيت، وتُقدّم هذه الإذاعات في مجمل برامجها وأخبارها، مضمونًا سوريًا محليًا، يغلب عليه الطابع الثوري، وتبتعد عن تغطية القضايا العربية والدولية، وفي هذا المجال قال عبيدة: “كلها إذاعات ثورية، تتشابه في المضمون، وتبتعد عن الخطوط الإعلامية العامة، وغير محددة الهوية، وإذا تجاوزنا المشكلة الجوهرية في عدم وصول ما نقدمه لأهلنا في سورية، وقررنا أن نتابعها نحن -اللاجئين- لا تشدنا أيضًا”، وتابع “كان يكفي أن يكون هناك ثلاث أو أربع إذاعات محددة الهوية والطابع، وتحاول العمل بمهنية، لأنها فرصة لن تتكرر، وكان يجب علينا أن نستثمرها، ونتعلم منها، لكي نستطيع -بعدئذ- أن نخلق حالة إذاعية جيدة، قوامها الإنتاج الحقيقي، وليس دعم المنظمات الأجنبية”.
هل ستُثمر التجربة؟
لا شكّ في أن حداثة العمل الإعلامي من الممكن أن تكون مبررًا لكثير من الأخطاء والهفوات، وقد تساهم كثرة التجارب والعمل في تحسّن الأداء، وينتظر السوريون أن ينتهي هذا المخاض إلى ولادة تجربة إذاعية متمكّنة ورصينة.
في هذا الشأن، قال ماهر علي، وهو إعلامي سوري، لـ (جيرون): “هناك خوف دائم من الفشل؛ لأن هذه الفوضى في العمل ستتكرّر، طالما هناك مستفيدون، ولا ينبغي أن نعوّل على إدارات المؤسسات؛ لأنها غير مهتمة -أصلًا- بسير العمل وبالإنتاج، ولكن يمكننا أن نتفاءل قليلًا بالكفاءات الشابة التي تسعى إلى تحسين العملية الإذاعية وتطويرها”.
من جهته، نوّه عبيدة إلى أنه “لا توجد حلول مسكّنة لحالة الضياع والتخبّط التي تمرّ بها الحالة الإعلامية الإذاعية في الوقت الراهن، وما علينا إلا أن ننتظر الجيل الثاني الذي اكتسب خبراتٍ عمليّة، علّه يطوّعها في مشاريع جديدة”.