قضايا المجتمع

حملة (المعتقلون أولًا): شهادات حية عن الاعتقال في سجون النظام السوري

تواصلت فعاليات حملة (المعتقلون أولًا) التي تُنظّمها (شبكة جيرون الإعلامية) بالتعاون مع (مجموعة ناجون من المعتقل)، ليومها الثاني على التوالي، وقدّم معتقلون سابقون شهاداتهم عن سنوات الاعتقال، وشددوا على ضرورة تحويل ملف المعتقلين من قضايا شخصية إلى قضية وطنية عامّة، كمقدّمة لتمكين السوريين من تحقيق العدالة والحرية التي يستحقون.

 

في الندوات المرافقة للفعالية، ركّز جلال نوفل، الطبيب النفسي والمعتقل السابق، على ما أسماه “المسار التاريخي للاعتقالات في سورية”، وأوضح أن هذه السياسة أو الثقافة “بدأت مع انقلاب الأسد الأب، واستحواذه على السلطة في البلاد، حيث عمد إلى تغييب رفاقه أولًا، ثم انتقل إلى حملة الاعتقالات الشرسة ضد كل من عارضه سياسيًا”، وأضاف “هذا السياسة، تحوّلت في عهد الابن إلى ما يُشبه سياسة اعتقال للشعب بأكمله، الهدف منها إخضاع الشعب وصولًا إلى التنكيل به بكل الوسائل العنيفة”.

 

ونبّه نوفل إلى أن الخطورة “تتمثل بالسقوط في فخ المطالبة بالانتقام”، لأن تعميم وسيادة مثل هذه الثقافة لدى جمهور الثورة “ستٌحوّله دون إدراك منه إلى إعادة إنتاج النظام بعقائده ومنظوماته القيمية”، وشدد على ضرورة “التمسّك بالمطالب والأهداف الأساسية للثورة، وعلى رأسها الحرية والكرامة والعدالة”.

 

إلى ذلك، قدّم معتقلون سابقون في سجون النظام السوري شهاداتهم على الانتهاكات التي تَحدُث في تلك السجون، ومن بينهم السجناء السياسيين السابقين حسن النيفي، نجيب ددم، ووائل سعد الدين، حيث ركزت مداخلاتهم على ضرورة تحويل ملف المعتقلين في السجون السورية من قضية شخصية إلى قضية وطنية عامة، وأشاروا إلى أهمية عرض وفضح ما يحدث من انتهاكات داخل السجون بناءً على التجارب الشخصية، لكنهم شددوا على أن الأهم من ذلك هو “جعل تلك التجارب همٌّ وطني يقود للبحث عن سبل تحقيق العدالة في سورية”.

 

كذلك ألقى أيمن أبو هاشم، المنسق العام للتجمع الفلسطيني السوري الحر (مصير) كلمة أكّد فيها أن قضية المعتقلين الفلسطينيين، ومعاناتهم داخل سجون النظام السوري، لا تختلف عن قضية المعتقلين السوريين ومعاناتهم، وشدد على أنها “تأتي في ذات السياق التحرري”، وأشار إلى أن خصوصية المعتقلين الفلسطينيين “تنبع من ضرورة تسليط الضوء على مدى نفاق النظام السوري ومتاجرته بالقضية الفلسطينية، وتكشف دعواته الكاذبة للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية”، وقال إن هذا النظام “يُمارس سياسات ضد الفلسطينيين خارج المعتقلات وداخلها تشابه الممارسات الإسرائيلية إن لم تكن أبشع منها”.

 

وعلى هامش الفعالية التي أقيمت في (مركز حرمون للدراسات المعاصرة) في مدينة غازي عنتاب التركية، أكّد المتحدثون على أهمية مثل هذه الحملات، ووصفوها بأنها “خطوة في الاتجاه الصحيح” من أجل لفت الأنظار تجاه قضية المعتقلين السوريين، ودعوا في الوقت نفسه للتصعيد أكثر للوصول إلى سبل لتحقيق العدالة وإنهاء هذا الملف نهائيًا، كما قُدّمت شهادتان عبر (سكايب) من الداخل السوري، إحداهما للناشطة بيان ريحان والثانية لأحمد حمادة، حيث سردا ممارسات النظام داخل السجون، كما ركّزت مداخلات بعض الحضور على الآثار النفسية التي خلّفتها سجون النظام على المعتقلين، وبالتالي على المجتمع، إضافة إلى كيفية تَحوّل السجّان إلى مستوى من التوحش بعيدًا عن إنسانيته.

 

رافق الفعالية التي تستمر حتى 12 آب/ أغسطس الجاري، عرض فيلمين وثائقيين يتعلقان بالقضية السورية، الأول من إعداد (ورشة البحث عن العدالة)، سلّط الضوء على بعض انتهاكات أجهزة النظام الأمنية ضد المعتقلين، إلى جانب شهادة أحد الناجين من المعتقلات، والثاني عبارة عن مجموعة شهادات لمعتقلات سوريات، عَرَضَ حجم معاناتهن، وعدم احترام النظام لقوانين حقوق الإنسان تجاههن في السجون.

 

وكان عبد الحكيم قطيفان، ممثل مجلس الأمناء في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، قد أكّد خلال افتتاحية الفعالية التي تُنظمها وتُشرف عليها (شبكة جيرون الإعلامية)، على أهمية إطلاق المركز كقيمة ثقافية فكرية في ما يخص المسألة السورية، وأشار إلى أنه توسّع من خمسة باحثين ليضم الآن أكثر من 80 بين باحث ومفكر وصحافي وكاتب، في المركز والمؤسسات المرتبطة به، وأشار إلى توسّع المركز على النطاق الجغرافي، بدءاً من المركز الرئيسي في العاصمة القطرية الدوحة، إلى فرع غازي عنتاب في تركيا، مشيراً إلى أن العمل جار لافتتاح مراكز في ألمانيا وبريطانيا وبيروت، مشددًا على أن الأمل الأكبر أن يتم افتتاح المركز الأم في العاصمة السورية دمشق بعد سقوط النظام.

 

وقال إن (شبكة جيرون الإعلامية) تُمثّل نقلة على الصعيد الإعلامي والثقافي وحتى السياسي المرتبط بالثورة السورية، خاصة في ظل الفوضى التي شهدتها تلك الأصعدة خلال السنوات الماضية، وعبّر عن أمله في أن تُمثّل الشبكة منصة إعلامية حقيقة للثورة وطموحاتها، لافتًا إلى أن هناك عدة مشاريع قيد الدراسة والبحث فيما يخص الشبكة، منها إمكانية إطلاق محطة إذاعية، أو تلفزيونية، مؤكدًا في هذا السياق أنه وخلال فترة قريبة ستُطلق (شبكة جيرون الإعلامية) قناة خاصة على (اليوتيوب) متخصصة في الأفلام الوثائقية والتسجيلية والمواد التقريرية عن كل ما يتعلق بالشأن السوري”.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق