تحقيقات وتقارير سياسية

التهريب للوصول إلى إعزاز: إرهاق مادي وجسدي وتجارة يشرف عليها (داعش)

تشهد مناطق ريف حلب الشرقي، في الآونة الأخيرة، موجة نزوح باتجاه مناطق سيطرة الجيش الحر في إعزاز؛ نتيجة الأوضاع الإنسانية الصعبة التي تعيشها المنطقة، بسبب المعارك الدائرة بين ميليشيا ما يسمى “قوات سورية الديمقراطية”، المدعومة جوًا من طيران التحالف الدولي، وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، بهدف السيطرة على مدينة منبج؛ ما تسبب بتفاقم الأوضاع الإنسانية السيئة أصلًا، بسبب ممارسات التنظيم.

 

يمنع التنظيم خروج المدنيين لأي سبب كان، لاستخدامهم دروعًا بشرية، ويقوم باعتقال من يحاول الهروب باتجاه مدينة إعزاز؛ ما دفع كثير من الناس إلى الاستعانة بمهربين محليين؛ للهروب عبر الأراضي الزراعية، بعيدًا عن أعين عناصر التنظيم، والوصول -بأمان- إلى حواجز الجيش الحر في المنطقة.

 

يتحدث أبو عمار، أحد أبناء الريف الشرقي، عن تجربته في الهرب من مناطق “داعش”، ويقول لـ (جيرون): “إن داعش تمنع المدنيين من الخروج من مناطق سيطرتها، وتضع حواجز على الطرق الرئيسة المتجهة إلى مناطق الجيش الحر؛ لذلك يلجأ الناس إلى مهربين محليين من أبناء المنطقة، ممن يعرفون الطرق الزراعية والفرعية بشكل جيد، حيث يتم تجميع المدنيين في بيت أحد المهربين حتى وقت متأخر من الليل،  ليصل العدد إلى 100 أو 150 شخصًا، وبعد منتصف الليل يخرجون برفقة المهرب لمسافة تتراوح بين 12 و15 كم، مشيًا على الأقدام، ويسلكون طرقًا ترابية بعيدة عن القرى؛ كي لا يتم اعتقالهم من قبل عناصر التنظيم”، وأضاف: “إن معظم الفارين عائلات؛ ما يزيد من المعاناة، بسبب عدم قدرة الأطفال الصغار والنساء وكبار السن على المشي لمسافة طويلة، خاصة مع وجود حقائب الثياب، وتزداد المعاناة أكثر، إذا ظهر من بعيد ضوء إحدى السيارات، حيث يطلب المهرب من الجميع الانبطاح أرضًا، خوفًا من أن يتم اكتشافهم من قبل دوريات تابعة لـ داعش، واعتقالهم كما حصل لكثير من العائلات”.

 

 

أما عن المبالغ التي يطلبها المهربون، فقد أكد أبو عمار “أن الأسعار تتفاوت من مهرب إلى آخر، ومن منطقة إلى أخرى، لكن تتراوح بالنسبة لأبناء المنطقة بين 25 و35 ألف ليرة سورية للشخص الواحد، أما بالنسبة لأبناء الرقة؛ فيصل إلى 150 دولار للشخص الواحد، مع الأخذ بعين الاعتبار ايجار السيارة من الرقة، وكذلك الأمر بالنسبة لأبناء دير الزور، أما المواطنون العراقيون، فلهم سعر مختلف؛ نتيجة تحكم المهربين بالأسعار، وبحكم طول المسافة”.

 

وعن طرق التهريب، قال الناشط أبو أنس لـ (جيرون): “انتقل خط التهريب القديم الواصل بين قرى صوران وأم حوش، إلى طريق الراعي قرية تل عار الخلفتلي، وصولًا إلى حواجز الجيش الحر على أطراف إعزاز، وذلك بعد أن سيطرت ميليشيا قوات سورية الديمقراطية) على مدينة تل رفعت؛ ما تسبب بقطع طريق التهريب القديم”.

 

أما ما يخص إشراف تنظيم الدولة (داعش) على خطوط التهريب؛ فقد أكد أبو أنس أن “التنظيم على اطلاع كامل بما يقوم به المهربون، وكل ما يحدث من ابتزاز وإتجار بمعاناة الناس، بإشراف كامل من التنظيم، فمنع الناس من الخروج ما هو إلا تمثيلية، يقوم بها لابتزاز الناس وسرقتهم والإتجار بمعاناتهم”، وأضاف: “لدي معلومات مؤكدة بأن سبب منع المدنيين من الخروج من قبل التنظيم، هو سرقة أموالهم عن طريق المهربين المرتبطين به، فطرق التهريب وأسماء المهربين معروفة لكل أبناء المنطقة”.

 

يُذكر أن مناطق ريف حلب الشرقي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية، ذات أغلبية عربية، ويُشكّل التركمان نسبة كبيرة في المناطق الشمالية، وهناك مخاوف حقيقية من عمليات تغيير ديموغرافي للمنطقة، خاصة في ظل محاولات ميليشيا (قوات سورية الديمقراطية) ذات الغالبية الكردية، السيطرة على كامل ريف حلب الشرقي، وضمها إلى ما بات يطلق عليه حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي أراضي (روج آفا) أو (غربي كردستان).

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق