تحقيقات وتقارير سياسية

الماء والخبز يفاقم معاناة الأحياء المحاصرة في دير الزور

تشهد أحياء دير الزور الخاضعة لسيطرة النظام، والمحاصرة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، نقصًا حادًا في مياه الشرب ومادة الخبز، نتيجة الشح الكبير في المحروقات التي تحتكرها قوات النظام؛ لتزود آلياتها العسكرية بها؛ ما تسبب بتوقف الأفران، ومضخات المياه التي تزود الأحياء المحاصرة، حيث يؤكد أبو مجاهد، أحد ناشطي حملة دير الزور تذبح بصمت، أن سعر خزان الماء (5 براميل من أحد فروع نهر الفرات) بلغ 6 آلاف ليرة سورية، فيما بلغ سعر ربطة الخبز (10 أرغفة) 1300 ليرة سورية، وبثت مقاطع فيديو، تُظهر تجمعًا للمواطنين أمام أحد الأفران، بحضور قائد قوات النظام، اللواء حسن المحمد، مع قائد مليشيا الحرس الجمهوري، وهم يهتفون: “جائعون، جائعون”.

 

يأتي انقطاع الماء والخبز؛ ليزيد من معاناة السكان، بسبب الحصار القاسي الذي يفرضه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على أكثر من 250 ألف مدني في مدينة دير الزور، معظمهم من النساء والأطفال والعجزة، نزحوا -في وقت سابق- إلى أحياء الجورة والقصور وهرابش والبغيلة والجفرة الخاضعة للنظام، حيث يؤكد ناشطو المدينة أن عشرات المدنيين استشهدوا بسبب الجوع والنقص الحاد في الأدوية؛ بسب الحصار المفروض من التنظيم على المعابر البرية المؤدية إلى أحياء المدينة، الخاضعة لسيطرة النظام، وهي بو جمعة غربًا، وطريق دمشق جنوبًا، إضافة إلى الممر النهري الذي يصل الضفة الغربية بمناطق سيطرة التنظيم، ولم يتبق سوى مطار دير الزور العسكري، كمنفذ وحيد لإيصال الغذاء والدواء إلى تلك الأحياء، من خلال طائرة عسكرية تابعة للنظام.

 

يقول الناشط أحمد الرمضان لـ (جيرون): “إن ما يحدث في مناطق دير الزور مأساة حقيقية، فمنذ عام ونصف يعاني المدنيون حصارًا مضاعفًا، الأول من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي لا يميز بين مدنيين وعسكريين، والثاني من ضباط النظام السوري، الذين تحولوا إلى تجار أزمات على حساب معاناة المدنيين، وجاء موضوع انقطاع الخبز والماء؛ ليضاعف معاناة الناس الذين يعيشون أصلًا في أوضاع مأساوية”، ويضيف: “هناك تفاهم غير مُعلن بين التنظيم وضباط النظام، في ما يخص المواد الغذائية ‏التي لا يتم إدخالها عن طريق المطار، فأغلب المواد الغذائية التي يحتكرها ضباط ‏النظام الكبار، يتم إدخالها بالتنسيق مع عناصر داعش، وبأسعار يتم الاتفاق عليها بشكل ‏مسبق؛ لتباع بعد ذلك للمواطنين بهذه الأسعار الخيالية”.

 

من جانب آخر، أفاد الناشط أبو مجاهد لـ (جيرون)، قائلًا: إن النقص الحاد في المواد الغذائية “ترافق مع انتشار ظاهرة المواد الكيمياوية، كالمحليات والمنكهات البديلة لبعض المواد الغذائية، فقد انتشرت مواد كيمياوية مثل روح السكر، وروح البندورة (صبغة البندورة)، ومنكهات فواكه على شكل بودرة، تضاف للعجين كي تعطي طعم الـ “كيك”، لكنها تسببت بانتشار القرحات المعدية، ولم يتوقف استهلاكها على الرغم من تحذيرات الأطباء والمختصين الكيمياويين من أن هذه المواد مواد مُسرطنة، ولا تحتوي على أي فائدة غذائية يحتاجها الجسم البشري في أحوال قاسية كأحوال الحصار”.

 

يأتي حصار تنظيم (داعش) للمدينة بعد إحكام سيطرته على المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الحر، والذي حاول، طوال فترة حصاره للمناطق الخاضعة لسيطرة النظام، التمييز بين قوات النظام والمدنيين، فكانت المواد الغذائية والدواء ومستلزمات الحياة كافة، تدخل بشكل يومي إلى هذه الأحياء، في حين لم يميز تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بين المدنيين الأبرياء، وعناصر النظام الذين تصلهم الإمدادات عن طريق مطار دير الزور العسكري.

 

يُذكر أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) استطاع في كانون الثاني/ يناير 2016، إحكام حصاره على الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام في مدينة دير الزور، وذلك بعد خمسة أشهر من سيطرة التنظيم على ريف دير الزور برمته، وعدد من أحياء المدينة، بعد معارك عنيفة دارت بينه، وبين قوات المعارضة المسلحة، التابعة للجيش الحر وجبهة النصرة.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق