يُستخدم مصطلح الأحزاب والتيارات اليمينية واليسارية، بكثرة في الوسط السياسي والإعلامي؛ لتحديد التوجهات السياسية والإيديولوجية للأحزاب والتيارات، وتنتشر، في الوقت ذاته، مصطلحات أخرى مشتقة كـ “يمين الوسط”، و”يسار الوسط”.
يُرجع بعضهم أصل مصطلحي “اليمين واليسار” إلى مجلس العموم البريطاني، حيث يجلس النواب المحافظون على يمين المجلس، والمطالبون بتغييرات جذرية على يساره، وظهر رأي آخر، يقول: إن مصطلحي “اليمين واليسار”، يعود إلى العام 1789، عندما جلس النواب الذين يمثلون عامة الشعب في فرنسا على يسار الملك، لويس السادس عشر، بينما جلس النواب الممثلون لطبقة النبلاء، والاقطاعين ورجال الدين، على يسار الملك، وقد أدت هذه الطريقة من الاجتماعات إلى اضطرابات في الشارع الفرنسي، أفضت -في نهاية المطاف- إلى اندلاع الثورة الفرنسية التي أطاحت بالملَكية.
اتّسع هذا المصطلح في الوقت الراهن، وأصبح يُستخدم لتحديد هوية الأحزاب من الناحية السياسية، والاجتماعية، والدينية وحتى الاقتصادية، ومنها ظهرت فكرة الطيف السياسي من اليسار إلى اليمين، والذي يمتد من أقصى “يسار- اليسار” فـ “وسط – الوسط”، فـ “يمين – الوسط” ثم أقصى اليمين؛ حيث تُمثّل الشيوعية أقصى اليسار، بينما تمثل الفاشية والنازية أقصى اليمين.
تدعو التيارات والأحزاب “اليسارية” إلى تدخل الدولة -بشكل مباشر- في الاقتصاد، وإعادة توزيع الثروة بشكل عادل؛ لتحقيق مفهوم العدالة الاجتماعية، في حين تدعو التيارات والأحزاب “اليمينية” إلى حرية الاقتصاد والتجارة والملكية الخاصة، وكف يد الدولة عن حركة السوق، هذا من الناحية الاقتصادية، أما من الناحية السياسية والاجتماعية والدينية، فتدعو الأحزاب اليسارية إلى توسيع الحريات السياسية والعامة، كما تنبذ المنهج المحافظ من الناحية الاجتماعية والدينية، وترى فيه أحد أسباب التخلف في المجتمع، كما تدعو إلى الأممية، وتنبذ التطرف القومي، بينما على النقيض من ذلك، تؤمن الأحزاب والتيارات اليمينية بالمحافظة على القيم الاجتماعية والدينية، وتمجد القومية، وتطالب بسلطات أقل للدولة؛ انطلاقًا من فكرها الليبرالي.
ضمن هذا المفهوم الواسع، بات استخدام مصطلحات مثل “يمين الوسط”، و”يسار الوسط” في غاية الأهمية، فما يمكن وصفها -اليوم- بأنها أحزاب يسارية من الناحية الاقتصادية، قد تكون أقرب إلى اليمين في تبني الفكر القومي، والكلام نفسه ينطبق على الأحزاب اليمينية، التي بدأت تتبنى أفكارًا أكثر اعتدالًا من الناحية القومية والدينية.