قضايا المجتمع

إيجابيات وسلبيات زواج السوريات من أتراك

كثيرةٌ هي الأسباب التي تدفع السوريات إلى الزواج من رجال أتراك، من أهمّها الأوضاع المادية والمعيشية السيئة للسوريين، ورغبتهم بتزويج بناتهم في المجتمع الجديد الضيّق، الذي لم يتبق لهم فيه إمكانية ممارسة طقوسهم المألوفة في مجالات شتى.

 

أما بالنسبة للأتراك فتختلف الدوافع، وتكون، في بعض الأحيان، رغبة في التمرد على القانون التركي الذي يمنع تعدد الزوجات، فضلًا عن قلة التكاليف المادية والمتطلبات الاجتماعية، إذا ما قيس بزواج التركي من تركية، ووفق مؤسسة الإحصاء التركية، فإن عدد زيجات النساء السوريات، المسجّلة رسميًا، من رجال أتراك تجاوزت 3 آلاف حالة، خلال العام المنصرم.

 

لا يخلو الأمر من وجود بعض الحالات التي يكون فيها الزواج قانونيًّا، أي مسجلًا في المحاكم والدوائر التركية أصولًا، وعن الصعوبات التي تواجه السوريات المتزوجات من رجال أتراك، قالت أماني. س، وهي امرأة سورية متزوجة من رجل تركي، ولديها منه ابنة لـ (جيرون): “إن العقبة التي تبقى مستمرة في الزواج من رجل تركي هي اللغة، لأننا مهما أتقنا اللغة التركية تظل هناك مشكلة في التعبير عن تفاصيل الحياة الزوجية الدقيقة، والأمور الوجدانية، إضافة إلى أسلوب التعامل مع الأطفال، فتختلف طريقة التربية قليلًا، ولكن الواقع يبقى جيدًا، ومقبولًا للنساء المتزوجات بطريقة نظامية وقانونية، فالأتراك يحترمون المرأة، ولا يفرّقون بينها وبين الرجل”.

من ناحية أخرى، يفضّل الأتراك الزواج من السوريات، بسبب سمعتهن الطيبة في طاعة الزوج، واحترامه، إضافة إلى قلة التكاليف المادية، فالمرأة السورية وأهلها يقبلون بمهرٍ قليل مقابل زواج شرعي وقانوني، يؤمّن لابنتهم الصّون والسترة، ولكن المشكلة تكمن عند بعض الأهالي الذين يعدون تزويج ابنتهم من تركي صفقة، فيقبضون المهر، ولا يكملون الإجراءات القانونية، ويكتفون بالعقد الشرعي (زواج الشيخ)، وعن هذه الحال، أفاد القاضي رياض علي، أن هذا النوع من الزواج “يُشكّل خطرًا كبيرًا على الفتاة؛ لأنه من الممكن أن يكون الرجل التركي متزوج مسبقًا، والقانون التركي يُحرّم تعدد الزوجات؛ وبالتالي، لا يمكن تسجيل الزواج فيما بعد، وإذا نشب بين الزوجين خلاف لاحقًا، تُهدر مستحقات المرأة السورية، ولا تستطيع أن تحصل على أي شيء من حقوقها المادية والاعتبارية”.

 

وشدّد، في تصريحه لـ (جيرون)، على أن الزواج من أتراك “ليس أمرًا سلبيًا، ولكن يصبح كذلك، عندما يتم تجاهل تثبيته في المحكمة، وهناك بعض الفئات من المجتمع السوري، لا تعي أهمية هذه الخطوة، فيكتفون بالزواج الديني، ويعدونه وافيًا، وعلى الرغم من أن تركيا تعتمد القانون المدني في تسجيل الأولاد، أي: أن المرأة السورية تستطيع تسجيل ابنها على اسم زوجها التركي، حتى لو كان الزواج غير مسجل، إلا أنها لا تستطيع أن تحصل على حقوقها وحقوقه”.

 

من الممكن أن يلعب تشابه الثقافات دورًا إيجابيًا في نجاح الزواج، وخصوصًا في الولايات التركية الحدودية كـ (غازي عينتاب، أورفة، كلّس)، وتحصل المرأة السوية المتزوّجة من تركي على الجنسية التركية، بعد ثلاثة أعوام من إتمام الزواج، وفقًا للقانون، وأكد علي أن “العادات والتقاليد السورية تحاكي -إلى حد كبير- العادات التركية، من حيث اللباس والطعام والطقوس الدينية؛ لذلك لا تواجه المرأة السورية مشكلات في هذا المجال، ولكن في بعض الولايات المتمدّنة يختلف الوضع كليًا، فيكون نمط حياة سكانها أقرب إلى اللون الأوروبي، لذلك لا ننصح بزواج السوريات من هذه الولايات، مثل (إسطنبول وأنقرة)؛ لأنه مُهدّد بالفشل، بسبب الاختلاف الاجتماعي والثقافي والمعرفي”.

 

يعدّ بعض السوريين أن تزويج ابنتهم من رجل تركي، وسيلة لتحسين وضعهم، وتقوية موقفهم، في بلد غريب، لا يشعرون فيه بالاستقرار، وبوضوح المستقبل، فيكون قبولهم عاطفيًا وليس مدروسًا، وعن هذه الحالات، أكدّ عليّ أن “المسؤولية على السوريين -اليوم- مضاعفة؛ لأنه من السهل جدًا أن تضيع حقوقنا وحقوق بناتنا في بلد، لا زلنا -إلى الآن- لا نفقه لغة أهله”.

Author

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق