وثقت منظمات حقوق الإنسان أكثر من ثمانين هجومًا، نفذه النظام السوري، استخدم فيه الأسلحة الكيماوية ضد مناطق مأهولة بالمدنيين، اقتصر فيها موقف الأمم المتحدة، على القلق على لسان أمينها العام بان كيمون، في حين تباين الموقف الدولي، من صمت مطبق، وتجاهل تامّ إلى استنكار خجول في أحسن الأحوال، في رسالة واضحة إلى النظام السوري، للتمادي في إجرامه؛ فقد أطلق فيها العنان لآلة القتل، بكل أصناف الأسلحة الفتاكة حتى المحرمة منها دوليًا.
وقع هجومان محتملان ضد المدنيين، هذا الشهر وحده باستخدام غاز الكلور، وبصعوبة بالغة، تم رفع الصوت دوليًا للاحتجاج، كانت تلك رسالة للنظام، وللشعب السوري، أيضًا، أن العالم لا يهتم أبدًا.
إنها لمأساة حلت بمدينة حلب التاريخية، جعلت واحدة من أجمل المدن وكأنها الجحيم، وما زال مليون ونصف مدني، يراقبون ما حل بمدينتهم بعد خمس سنوات من الحرب الأهلية، والقصف العشوائي بالبراميل المتفجرة، والمعارك المستمرة من شارع إلى آخر.
كان من الواضح، ومن دون أدنى شك، أن نظام الأسد استخدم السلاح الكيماوي، ضد السكان المدنيين في مدينة حلب، ثاني أكبر المدن السورية، في يوم الخميس11 آب / أغسطس 2016، وهو اليوم الذي كان من المفترض أن يدخل فيه وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، ولمدة ثلاث ساعات يوميًا، للسماح بدخول القليل المساعدات الإنسانية، حيث أفاد الأطباء بمعاينتهم ضحايا يعانون من أعراض استنشاق غاز الكلور.
وقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، أن أربعة أشخاص قتلوا في هجوم وقع في حي الزبدية، قبل بضعة أيام، كما خلف هجوم على مدينة سراقب في محافظة إدلب، أربعة قتلى، وعشرات المصابين، يعانون من صعوبة في التنفس، وهي المنطقة ذاتها التي أسقطت فيها مؤخرًا مروحية روسية، ما أدى إلى مقتل جميع أفراد طاقمها الخمسة.
هناك دلائل على استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيماوية، التي تحوي غاز الكلور بشكل واسع، كما بدأ تنظيم الدولة الإسلامية استعماله، أيضًأ، منذ عامين تقريبًأ، ويُعدّ الكلور مركبًا شائع الاستعمال، وبشكل طبيعي في الحياة اليومية، لتنقية المياه، أو مطهّرًا -في المستشفيات و للأسف- ولذلك فهو مركب غير محظور، ولم يكن مدرجًا في اتفاقية حظر استخدام الأسلحة الكيماوية، التي وقعتها سوريّة، بعد هجوم نفذه النظام بغاز السارين على منطقة الغوطة، في ضواحي العاصمة دمشق في آب/ أغسطس 2013، أدى إلى مقتل أكثر من 1000 شخص، قام بعدها نظام الأسد بتدمير مخزونه من الأسلحة الكيماوية، والبيولوجية المحظورة.
وفي العام الماضي، واستجابة للعدد المتزايد من التقارير، قام مجلس الامن الدولي بتعيين بعثة تحقيق مشتركة، لجمع الأدلة، والاستماع لشهود عن هجمات بغاز الكلور، وعلى الرغم من استخدام النظام غاز الكلور، إلا أنه من الصعب الإثبات أن استخدامه كان لإلحاق الضرر العشوائي بالمدنيين، لما يمكن أن يكون أساسًا لمحاكمة النظام، بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
إن الأسلحة الكيماوية، وحتى غاز الكلور، تُعدّ أقل تدميرًا، مُقارنةً بالأسلحة التقليدية، المتفجرة ذات الآثار المباشرة والكارثية، يحدث ذلك كله، في ظل صمت مطبق، للمجتمع الدولي، وعجز في مواجهة الانتهاك الصارخ للقانون الدولي، وشرعة الأمم المتحدة، كما يعطي انطباعًا، عن إمكانية إفلات النظام السوري من العقاب.
مضى نحو 100 عام على حظر استخدام الأسلحة الكيماوية، من جانب المجتمع الدولي، في ردّ فعل عملي، من عصبة الأمم المتحدة، بسبب الآثارالمرعبة، جراء استخدام غاز الكلور والخردل، من جميع الأطراف خلال الحرب العالمية الأولى، والذي أدى إلى إصابة ملايين المقاتلين بالعمى، أو تلف الرئتين، وتركهم شبه عاجزين.
لم يُهمل بروتوكول حظر السلاح الكيماوي، ولكن تم تجاهله خلال الحرب الباردة على نطاق واسع، وفي عام 1990 وضعت معاهدة جديدة، حظر من خلالها إنتاج وتخزين الأسلحة الكيماوية إضافةً إلى استعمالها، وتمّت الموافقة عليها من جانب أكثر من 160 دولة، كما يتم مراقبة تطبيقها من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، ومقرها لاهاي.
ومع ذلك، فقد شهد أحد الأطباء في حلب، وبمرارة شديدة، استعمال “النظام السوري” للسلاح الكيماوي من دون أي مساءلة، وبذلك، فقد أصبح استعمال السلاح الكيماوي أمرًا عاديا في سورية.
منذ خرق نظام الأسد الخطوط الحمراء- التي وضعها الرئيس الأمريكي أوباما، بعد تنفيذه هجومًا بالسلاح الكيماوي، استعمل فيه غاز السارين، وذلك في ضواحي مدينة دمشق قبل ثلاث سنوات- شعر نظام الأسد بثقة متزايدة، لاستعمال الأسلحة الكيماوية، من دون الخوف من أي رد فعل محتمل.
ومن المقرر أن تقدم بعثة المراقبين التابعة للأمم المتحدة تقريرًا، بحلول تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل. ولكن المحظور قد وقع، ومن المتوقع أن يعاني مئات الناس، من عواقب هذا الفشل الجديد للمجتمع الدولي.
المصدر | الغارديان |
اسم المادة | وجهة نظر الجارديان في استخدام الأسد للأسلحة الكيماوية: صمتنا عار |
رابط المادة الاصلية | https://www.theguardian.com/commentisfree/2016/aug/12/the-guardian-view-on-assads-use-of-chemical-weapons-our-silence-is-shaming |
تاريخ النشر | 12 آب/ أغسطس 2016 |
اسم المترجم | رلى العلواني |