سورية الآن

الحشد الشعبي كمشروع لحرس ثوري إيراني – عراقي

كان لظهور الجنرال قاسم سليماني، قائد ما يسمى بــ “فيلق القدس”، في مقدمة الصورة مع قادة ميليشيات “الحشد الشعبي”، ورئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، خلال معارك الفلوجة، دلالات كثيرة، ففي الوقت الذي تجهد فيه الحكومة العراقية؛ لتأكيد مرجعية الجيش في الميدان، وأصدرت -في سبيل ذلك- قرارات عدة؛ لتجعل من ظاهرة الحشد الشعبي عنصرًا يتحرك تحت مظلة الحكومة والجيش، أدرك سليماني، ومن ورائه الحكومة الإيرانية، أن صورة لشخصه على مشارف الفلوجة، وتصريحه بأن “الحشد الشعبي لنا”، هي رسالة واضحة للحكومة العراقية، مفادها بأن التسوية التي تقوم على تثبيت مرجعية الدولة، وعلى وحدة العراق الديموغرافية والجغرافية، لا تتوافق مع حسابات الإيرانيين، الذين يُدركون بأن قضاء الجيش العراقي على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، سيكشف حجم التدخل الإيراني في العراق، كما أن بقاء (داعش) كفيل بجعل التدخلات الإيرانية في العراق مطلوبة، وهو ما كان يقصده رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، حين قال: “أراد بعضهم أن يُعرقل حركتنا باتجاه تحرير الفلوجة، ولكنهم فشلوا في تحقيق غايتهم،  فبعضهم يحاول أن ينقذ (داعش) في اللحظة الأخيرة”، وذلك في محاولته؛ لتطويق الآثار السلبية لزيارة قاسم سليماني.

 

تعكس هذه التصرفات الرغبة الإيرانية الواضحة في منع أي احتمال لقيام دولة مؤسسات عراقية، وذلك عبر تحويل ميليشيات الحشد الشعبي، التي يُشرف عليها بشكل مباشر قاسم سليماني، إلى رأس حربة في المشروع الإيراني، يستطيع من خلاله تحجيم أي دور مستقبلي للحكومة العراقية ومؤسسات الدولة العراقية، لصالح تكريس الهيمنة النهائية للإيرانيين على كل مفاصل الدولة العراقية، وفي سبيل هذا الهدف بدأت إيران بالتفكير -بشكل جدي- في تحويل مليشيات الحشد الشعبي إلى حرس ثوري عراقي، ليكون امتدادًا للحرس الثوري الإيراني، والذي يُشكّل بدوره ذراع إيران الطويلة في المنطقة العربية، وقد وجدت إيران ضالتها في “سرايا الخرساني” التي يرأسها علي الياسري، لتكون النواة الأولى للحرس الثوري الإيراني في العراق، وذلك وفق ما أكده النائب الإيراني محمد صالح جوكار، الذي عدّ تجربة الدفاع الوطني في سورية، والحوثيون في اليمن، تجارب ناجحة للحرس الثوري الإيراني، وينسجم توجه النائب جوكر، مع ما صرح به قائد الحرس الثوري الإيراني السابق، محسن رفيق دوست، عن استعداد إيران لمساعدة العراق، إذا فكر في تأسيس حرس ثوري عراقي.

 

التصريحات الإيرانية بخصوص اعتماد سرايا الخراساني؛ لتكون النواة الأولى للحرس الثوري الإيراني، دعمتها تصريحات قائد سرايا الخرساني، على الياسري، والتي نُشرت في صحيفة القدس العربي، وأكَّد من خلالها ولاء ميليشياته للمرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، بوصفه الولي الفقيه، حيث قال: “إن الولاية الآن هي بيد خامنئي، الذي يوجّه سياسة الدولة في إيران والعالم الإسلامي، ولذا يجب علينا طاعته، أما السيستاني فنحن نحترمه، ولكنه لا يُعلن الولاية، ولا يقود الدولة، على الرغم من أنه يتدخل في السياسة من خلال الفتاوى والتوجيهات فحسب”.

 

وأضاف الياسري أن حميد تقوي، الجنرال في الحرس الثوري الإيراني، والذي قُتل في معارك تكريت، هو مؤسس سرايا الخرساني، كما وصف قاسم سليماني بـ “شيخ المجاهدين”، وذلك لـ “دوره القيادي المقاوم” في كل من العراق وسورية ولبنان والبحرين، مؤكدًا -في الوقت ذاته- اتّباع السرايا تعليمات وتوجيهات سليماني خلال المعارك، موضحًا أن سليماني استطاع تحقيق ما عجزت عنه الدولة العراقية، وفي ذلك رسالة واضحة تهدف إلى تقزيم دور الدولة العراقية ومؤسساتها العسكرية والسياسية، لصالح تعزيز دور المليشيات الطائفية، والتي تتبع بشكل مباشر للحرس الثوري الإيراني وتأتمر بأمره، دون أن يكون للدولة العراقية أي سلطة عليها أو على سلاحها.

 

من الواضح أن إيران لن تتوقف عن التدخل في الشأن العراقي، طالما بقيت الأوضاع على ما هي عليه من فشل للعملية السياسية، وما يترتب عليه من فشل في كل جوانب مؤسسات الدولة العراقية، وهو ما يجعل مشروع الحرس الثوري العراقي أمرًا قابلًا للتطبيق، ما يعني عمليًا نهاية أي أمل في استعادة العراق، كدولة وطنية تضم مواطنين من أديان، وطوائف، وقوميات مختلفة.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق