تزداد حياة اللاجئين صعوبة يومًا بعد يوم، وتتفاقم أوضاعهم سوءًا، حتى باتوا يشكلون (طرائد) جماعية في لعبة السياسة بين الدول، ورهانًا داخليًا بين أحزاب دول اللجوء، يتبارى السياسيون على امتطائه؛ للوصول إلى مكاسب يحققونها على حساب آلامهم ومعاناتهم، فكأنهم باتوا حبلًا في لعبة (شد الحبل) الدولية، وعلى هذا الصعيد قالت زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا، وهو حزب يميني تأسس تزامنًا مع بدء أزمة اللاجئين، في تصريح لها في 3 آب/ أغسطس: “إن إدارة شؤون اللاجئين ينبغي أن تتحول إلى إدارة الهجرة”، داعية إلى نقل المهاجرين الذين لم تقبل طلباتهم إلى جزر خارج أوروبا، وليست بعيدة عنها، كذلك تصريحات المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي دعا إلى طرد اللاجئين.
أما في أستراليا فقد كشف أكثر من ألفي تقرير مسرب في شهر آب/أغسطس عن انتشار سوء معاملة الأطفال والنساء وإصابتهم بصدمات في معسكر احتجاز للاجئين في جزيرة ناورو خارج الأراضي الأسترالية في المحيط الهادي، ويكشف التقرير الذي نشرته صحيفة (الجارديان)، أن العنف والإيذاء الذاتي منتشران في المركز، كما أن هناك الكثير من التقارير حول اعتداءات جنسية وقهر للنساء.
ما بين الفرار من الموت إلى الوقوع في مصيدة الكره والخوف، يمضون انتظارًا صعبًا، داخل مخيماتهم التي بات ليلها طويلًا جدًا، فبحسب صحيفة (ذي أوبزرفر) البريطانية، فإن الأطفال والنساء في المخيمات اليونانية، باتوا يخشون الخروج من خيمهم ليلًا بعد تعرض العديد منهم لاعتداءات جنسية، على الرغم من أن “أطفال المخيم الذين تعرضوا لاعتداءات جنسية، يُشكلون مجموعة تتوافر على الشروط اللازمة لطلب اللجوء في بريطانيا”، بحسب صحيفة (الغارديان) البريطانية، وقالت النائبة في البرلمان البريطاني عن حزب العمال، يوفيت كوبر: “إن ما تم الكشف عنه يبعث الجميع على الخجل”، داعية إلى التحرك بشكل عاجل لحماية أولئك الأطفال.
اشتدت معاناة اللاجئين بعد توقيع الاتفاقية الأوروبية – التركية التي يُطلق عليها (واحد مقابل واحد)، حيث انتقد هاينريش بيدفورد شتروم رئيس الكنيسة البروتستانتية نقص المعايير الإنسانية في هذه الاتفاقية، وقال في تصريح لصحيفة (راينشه بوست) الألمانية: “ينبغي ألا تحول هذه الاتفاقية دون تحمل أوروبا مسؤوليتها تجاه اللاجئين”.
أما منظمة (برو أزيل)، وهي أكبر منظمة لمساعدة اللاجئين في أوروبا، فقد وصفت هذه الاتفاقية بأنها “ترحيل قسري” يُخالف قوانين اللجوء الأوروبية، وأنها المسؤولة عن إغلاق طريق البلقان أمام اللاجئين.
كل التصريحات والمواقف السابقة تُعدّ من تداعيات الحروب التي تعصف ببعض البلدان، وعلى رأسها سورية، التي باتت أكبر مُصدِّر عالمي للاجئين، ويحاول العالم أجمع التعامل مع نتائج الحرب التي يشنها النظام على الشعب السوري، متجاهلًا السبب الذي دفع هؤلاء الناس للهجرة، مخاطرين بحياتهم وحياة أولادهم، واضعين مصيرهم رهن المجهول، ليلاقوا الخوف والكره وعدم التقبل، مُتربصين بهم من كل حدب وصوب، على الرغم من أن القوانين والمعاهدات الدولية نصّت على حماية حقوقهم، ولاشك في أنه ستترتب على هذه المعاملة نتائج كارثية على عدة مستويات، تظهر بعضها على المدى الآني من خلال تصاعد اليمين ودعوات المناهضة للانفتاح، وعلى المدى البعيد لا أحد يستطيع التكهن بمقدار الخراب الذي تسببه.