تفاعل العالم أجمع مع صورة الطفل السوري الحلبي عمران دقنيش، الخارج -في ذهول- من تحت ركام القصف، هذه الصورة التي تُلخص حكاية الطفل السوري في ظل الحرب التي شنها النظام على الشعب، بعد أن قام مجموعة من الصبية بكتابة كلمة “الحرية” على حائط مدرستهم في درعا. وللأطفال حكايتهم الطويلة مع “حلف الممانعة” عامة، والنظام بوجه خاص، حيث يُنظر إليهم كعدو أصيل في الحرب على السوريين.
لا شك في أن الصورة تُحارب أيضًا، ولا سيما إذا اكتسبت طهر ونقاء الأطفال، فـ “دهشة” عمران وصبره جعلت العالم أجمع في صدمة، ويقف أمام ضميره، بلغ الأمر بمذيعة قناة “سي إن إن” الأميركية أن أجهشت بالبكاء على الهواء مباشرة، كما تصدرت هذه الصورة معظم “كُبريات” الصحف الغربية، ذات الانتشار الواسع، الأمر الذي قد يُفرز نوعًا جديدًا من التعاطي مع ما يقوم به النظام وحلفاؤه والمليشيات التابعة لهم، من جرائم يندى لها جبين الإنسانية.
وكما أثارت صورة الطفل عمران ردودًا عالمية واسعة، فاتحة بابًا كبيرًا من النقاش عن كيفية إنهاء “الحرب” في سورية، وتعاطفًا كبيرُا مع الأطفال، الضحية الكبرى لهذه الحرب، دون أن تحدد بعض تلك الوسائل المسؤول المباشر عما جرى، فإنها أيضًا أكدت على مدى اللا إنسانية التي يتعامل بها إعلاميو ومؤيدو النظام، فنجدهم غارقين في “تسفيف” ما جرى وتصويره على أنه عبارة عن ” ميك أب”، تم تضخيمه من الإعلام الغربي، وما غطى رأسه وجسده هو عبارة عن “بودرة بيضاء” فحسب، وكأن ليس هناك قصف في حلب!! وهذا ليس بجديد، فجميعنا يذكر قصة “الكاتشب” الذي كان يغطي أجساد المتظاهرين الذين قتلوا إبان المظاهرات السلمية، فكأن قدر من ينجو من أسلحة النظام وقذائفه التعرض لهجوم أعنف من وسائل الإعلام (الممانع)، فهو شاهد حيّ وحقيقي، والحقيقة عدو لا بدّ من ملاحقته.
حسين مرتضى، مدير قناة العالم الإيرانية في دمشق، نشر تغريدة على تويتر يهزأ فيها من الصورة، مشككًا بصدقيتها، مستشهدًا على “صدق” كلامه بحالة الهدوء التي كان فيها عمران!
بدورها شككت غدي فرنسيس، المنضوية تحت مظلة إعلام المقاومة في لبنان، على صفحتها على الفيسبوك بمصداقية الصورة، ناقلة عن بعض الصفحات مقالة تحت عنوان “أطفال سورية في التجارة الوسخة”، متناسين عن جهل في أغلب الظن، أو عن معرفة، أن الحالة التي كان يعيشها عمران تُسمّى “تفاعل كرب القتال”؛ لأنه عندما تم إسقاط البرميل المتفجر من الطائرة أحدث تغيرًا وتبدلًا في الحالة التي كان يعيشها الطفل، الأمر الذي شكل صدمة قوية لديه، ثم تم نقله إلى سيارة الإسعاف تحت تأثير تلك الصدمة المسماة بـ “كرب القتال”، والتي تظهر نتائجها بعد مدة قد لا تكون قصيرة، أو كما يقولون باللهجة العامية “بعد أن يعود له صوابه”.
ما يهم من عملية تسليط الضوء عليه، هو عملية التقاسم بين آلتي الحرب والإعلام عند النظام ومحوره “الممانع”، حيث تقوم آلة الحرب بقصف أهلنا في مدن سورية وبلداتها وقراها بأنواع الأسلحة المختلفة، غير مستثنية أسلحة الدمار الشامل، بينما تقوم آلتهم الإعلامية باستهدافنا بمختلف أنواع أسلحة الكذب الشامل.