اقتصاد

النظام يستنزف الثروة الحيوانية لتغطية عملياته العسكرية

تعد سورية بلدًا زراعيًا بامتياز، حيث شكلت الزراعة مصدر دخل لـ 55 بالمئة من سكان سورية، ورافدًا أساسيًا للاقتصاد الوطني، وتعدّ الثروة الحيوانية عنصرًا مهمًا في الاقتصاد السوري، وأحد مصادر الدخل القومي من خلال ما تقدمه من إنتاج، وخاصة “غنم العواس” التي تعدّ من أجود أنواع الأغنام ، حيث احتلت سورية المرتبة الأولى في إنتاجها عالميًا، بإنتاجها بين 18 و21 مليون رأس قبل الثورة، بحسب إحصائيات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، من أصل نحو 25 مليون رأس غنم على مستوى العالم، وأشارت تقارير المنظمة أن الثروة الحيوانية في سورية تراجعت إلى أكثر من 50 بالمئة من عددها قبل الثورة، لفقدان ما يزيد عن 8 ملايين رأس من أنواع المواشي المختلفة، علمًا أن أغنام العواس تتمتع بكثير من الصفات التسويقية تجعلها مميزة عن باقي الأنواع، إضافة إلى غلاء سعرها وطعمها الجيد، بالمقارنة مع أنواع اللحوم في المنطقة العربية.

 

إلا أن تعامل النظام بطريقة سلبية مع الثروة الحيوانية، من خلال القرارات التي أصدرها، أثّر بشكل كبير على تعداد الأغنام، وكان آخرها إصدار وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية قرارًا، بتاريخ 14 آب/ أغسطس 2016يسمح بتصدير ذكور أغنام العواس والماعز الجبلي، ولمدة ثلاثة أشهر، تنتهي نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، على أن يتم التصدير بمعدل 6000 رأس أسبوعيًا، معللًا ذلك بالقضاء على عمليات التهريب عبر فتح ممرات رئيسة للتجارة، والتي تسمح بتحقيق عوائد مادية لجميع الأطراف، مقابل أخذ بدل خدمات “ضريبة”، عن كل رأس من ذكور الأغنام والماعز الجبلي، إضافة إلى شرط الالتزام بدفع مبلغ خمسة ملايين ليرة لكل من يريد أن يُصدّر الأغنام والماعز إلى الخارج.

 

غاية القرار الحقيقية تحصيل عائدات مادية وسيولة نقدية لخزينة النظام، دون الاكتراث بالثروة الحيوانية، علمًا بأن تصدير 90 ألف رأس من الأغنام، حتى نهاية الفترة المُحددة، سيكون له تأثير كبير على الثروة الحيوانية، وسيترك أثره السلبي على الاقتصاد القومي السوري؛ لأن هذه الأعداد لن يكون من السهل تعويضها؛ نتيجة الواقع الحالي الذي تشهده البلاد من قصف ودمار وتشرد وضعف المراعي وصعوبة تنقل القطيع؛ بسبب الأوضاع الأمنية السيئة، وانخفاض كمية الأعلاف وارتفاع ثمنها، وصعوبة وصولها إلى المربي، وخروج مناطق الرعي المفضلة للأغنام عن سيطرة النظام، إضافة إلى غلاء الأدوية البيطرية وقلة المراعي.

 

لعبت عمليات تهريب الأغنام دورًا سلبيًا على تعداد الثروة الحيوانية، حيث تعدّ لبنان البلد الأول لتهريبها على الرغم من سيطرة النظام على المنافذ الحدودية مع تلك الدولة؛ ما يؤكد أن النظام على دراية بعمليات التهريب، إلا أن السيولة النقدية التي يحتاج إليها لتغذية عملياتهِ العسكرية، تُعدّ أهم من الثروة الحيوانية من وجهة نظره، مع العلم أن وزارة الزراعة في حكومة النظام، أصدرت تقريرًا، تحدثت فيه عن تراجع الثروة الحيوانية في سورية بنسبة 30 بالمئة.

 

يُذكر أن وزير الخارجية وليد المعلم، كان قد هدد في عام 2011، عندما فُرضت عقوبات اقتصادية على النظام، أن تتعامل سورية بالمثل، وذلك بقطع توريد غنم العواس إلى الدول العربية، لإدراك النظام مدى أهمية هذه الثروة الحيوانية، إلا أن النظام عمل على استنزافها والقضاء عليها تدريجيًا؛ لتغطية نقص السيولة المادية لدى النظام وتغطية مصاريف عملياته العسكرية.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق