تشكل البنى التحتية هدفًا حيويًا لقوات النظام وحلفائه في أثناء قصفهم المدنيين، وعلى الرغم من أن البنى التحتية تُعّد شريان الحياة للدول، وتدميرها يصيب البلد بالشلل، ويمنعه من الاستمرار في الحياة بشكل طبيعي، إلا أن النظام السوري، وحليفته روسيا، اتّبعا سياسة الأرض المحروقة في كثير من المناطق السورية، وهذا ما وثقتهُ الشبكة السورية لحقوق الإنسان، حيث ذكرت في تقرير لها 139 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية في شهر تموز/ يوليو الماضي، وكان للنظام السوري والروسي النصيب الأكبر بـ 127 حادثة اعتداء.
تهدف عمليات قصف وتدمير البنى التحتية بشكل رئيس، إلى معاقبة البيئة الحاضنة للثورة، وتؤدي إلى نزوح السكان من مناطق سيطرة المعارضة، إلى مناطق النظام التي تحظى عمليًا بأمان نسبي.
أشارت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير جديدة لها، إلى أن النظام السوري قصف المساجد والمدارس والجامعات والمعاهد التعليمية والمستشفيات والمنشآت الطبية والأسواق وحتى الحدائق ودور العجزة، وهذا كله خلال شهر تموز/ يوليو الماضي فحسب، وهو يتكرر كل شهر منذ انطلاق الثورة؛ فسياسة القصف التي يقوم بها النظام ممنهجة ومدروسة، حيث أكدت الشبكة على عدم وجود مقرات عسكرية في تلك المراكز التي استهدفها النظام، سواء قبل أو في أثناء الهجوم، وبحسب القانون الدولي الإنساني، تعدّ الهجمات العشوائية أو المتعمدة هجمات غير مشروعة، بل جرائم حرب.
تتعرض سورية لتمزيق أوصالها نتيجة الدمار الكبير، الذي أعادها للخلف عشرات السنين، وباتت تحتاج إلى عقود من الزمن؛ كي تتمكن من تجاوز آثارها السلبية وترمّيم بنيتها التحتية.
إلى ذلك أكد أسامة القاضي، مدير المكتب الاقتصادي في ما كان يُعرف بالمجلس الوطني السوري المعارض سابقًا، أن التقديرات الأولية لتكلفة الأضرار المادية للبنى التحتية الناجمة عن الحرب في سورية، بلغت 50 مليار دولار، وحمّل النظام السوري مسؤولية تدميرها.
دمّر النظام السوري نحو 90 بالمئة من المنازل في الغوطة الشرقية بريف دمشق، وتسبب بدمار واسع في مباني ومنازل داريا والمعضمية والزبداني وتلبيسة والحولة وسراقب وغيرها من المناطق السورية، ولم يترك قطاعًا من القطاعات الخدمية، إلا وطالته ذخائر آلته الحربية، كشبكات الصرف الصحي والكهرباء والاتصالات والمياه، وتعمّد تدمير البنى التحتية؛ ليكون هذا الأسلوب ورقة مساومة غير مباشرة للضغط على المجتمع الدولي والأمم المتحدة في أي مفاوضات، وتهرب من المسؤولية بأن اتّهم “الجماعات الإرهابية” بتدمير البنى التحتية.
من المفترض أن يضغط مجلس الأمن على النظام السوري وحلفائه، وإلزامهم بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2139، القاضي بوضع حد للقصف والاعتداء العشوائي على المدنيين والبنى التحتية ومحاولة إيقافها، وخاصة التجمعات الحيوية، فهذه التصرفات وهذا النهج يُعدُّ خرقًا للقانون الدولي، ويرقى إلى مستوى جرائم الحرب.