تطورت ظاهرة سرقة المنازل، منذ أكثر من سنتين، إلى مرحلة متقدمة، من خلال الاستيلاء على منازل المواطنين الذين تركوا منازلهم مضطرين، لأسباب كثيرة منها الوضع الأمني ومخاطر الحرب والاشتباكات، واستهداف نظام الأسد المناطق المدنية الآهلة بالسكان، وكذلك خروج أصحاب البيوت إلى خارج سورية للجوء حفاظًا على حياتهم وحياة أسرهم.
لكنّ هذه الظاهرة توسّعت كثيرًا في الفترة الأخيرة، وبشكل خاص في مناطق سيطرة نظام الأسد، حيث تقوم عصابات تابعة، مباشرة أو بشكل غير مباشر، إلى ضباط من النظام أو أحد الفروع الأمنية، يقومون باقتحام المنازل الفارغة والاستيلاء عليها، والاستقرار فيها لفترة معينة، ثم يقومون بتزوير أوراق البيع والشراء بمساعدة أشخاص في الشؤون العقارية، وبعض الدوائر الحكومية، ويسجّلوا المنازل بأسمائهم مستغلين عدم وجود أصحابها، وأشارت تقارير صادرة عن الشؤون العقارية التابعة للنظام إلى أن عدد حالات سرقة المنازل المُسجّلة والمُبلغ عنها وصل إلى نحو 30 ألف منزل في سبع محافظات، ففي حلب وحدها بلغ عدد حالات سرقة المنازل نحو 12 ألف منزل، وبلغت السرقات في ريف دمشق أكثر من 8 آلاف منزل.
وعن هذا الموضوع قال المحامي حسام ر. المقيم في دمشق لـ (جيرون): “انتشرت عمليات سرقة وتزوير عقود بيع المنازل بشكل ملحوظ في الفترة الماضية، ويوجد في المحاكم أكثر من عشرة آلاف دعوة قضائية، تقدّم بها أشخاص يدّعون بأن منازلهم بيعت بشكل غير قانوني، عن طريق التزوير والغش”، وأضاف “تتم عملية التزوير من خلال إخراج قيد مُزوّر من السجلات المدنية، ثم يقوم المُزوِّر بإخراج هوية جديدة على أساس أن الهوية الأصلية فقدت في مكان ما، ليحصل بعدها على إخراج قيد باسم صاحب العقار الأساسي ثم يقوم ببيع المنزل، وعلى الرغم من أن هناك طرق تزوير أخرى يبتكرها الجناة، إلا أن النظام لم يستطع حتى الآن إيجاد حلول مناسبة للحد من هذه الظاهرة”.
وحول هذه الظاهرة، قال إيهاب، وهو مغترب خارج سورية: “كنت أُقيم مع عائلتي في منزل في اللاذقية، عندما اضطرننا الأحوال إلى الخروج من سورية، وبعد فترة من إقامتنا بالخارج، اتصل بي أحد الجيران وسألني عن سبب رغبتي في بيع المنزل، لأكتشف بعد فترة، أن عصابة قامت بتزوير أوراق المنزل، ومحاولة بيعه لأحد الأشخاص، لكن بعد محاولات كثيرة، استطعت أن أعيد منزلي، لأكتشف أن المُزوِّر خرج من السجن بعد عشرة أيام فقط من احتجازه”.
تُعدّ ظاهرة سرقة المنازل والاستيلاء عليها مرحلة متطورة من ظاهرة (التعفيش) التي قام ويقوم بها (شبيحة) تابعون للفروع الأمنية، إضافة إلى انتشار ظاهرة أسواق خاصة لبيع أثاث المنازل المسروق من بيوت السوريين، تحت سمع ونظر السلطات السورية، والتي سُمّيت بأسماء تحمل دلالات كثيرة، كـ (سوق الحرامية) و(سوق السنّة)، ولم تضع السلطات السورية حدًا لهذه الظاهرة أو تحاول إيقافها، وهي تعمل بإشراف وحماية عناصر من الفروع الأمنية.
في ظل هذه الفوضى، لم يبق أي حل أمام السوريين إلا العمل على إيجاد حلول تقيهم هذه السرقات، وتُجنّبهم عمليات النصب، كاشتراط المشتري إحضار ورقة من دائرة الهجرة والجوازات تؤكد عدم مغادرة صاحب العقار البلاد، أو أن يتم سؤال الجوار إن كان البائع هو نفسه صاحب المنزل الذي يعرفونه، وغيرها من الاحتياطات، لأن الاعتماد على الإدارة السورية المعنية لضمان هذا الأمر هو نوع من الكوميديا والعبث.