أعلن مركز حرمون للدراسات المعاصرة، عن افتتاح “صالون الكواكبي” للحوار حول قضايا الدين والدولة والسياسة، والذي يأتي في سياق السعي الجاد لخلق ساحة حوار تفيد من معوّقات الحوار الذي قام في محطات عدة بين التيارات الفكرية السياسية المختلفة، وتبني على إنجازاته.
وقد اختار المركز هذا الاسم “لما يُمثّله الكواكبي من محطة بالغة الأهمية في سيرورة النهضة العربية، وكونه معلمًا من معالم تجديد النظرة إلى التراث؛ لكي يصبح قادرًا على الاستجابة لتحديات الحاضر والمستقبل” وفق إدارة المركز.
ووفق إدارة المركز، فإن افتتاح هذا (الصالون) يأتي تجاوباً مع “الأوضاع المعقدة والاضطرابات والفوضى الفكرية والسياسية التي تشهدها منطقتنا”، و”ضرورة اعتماد الحوار سبيلًا في مواجهة ظواهر الإقصاء والعنف وإلغاء الآخر، من أجل المضي قدمًا نحو البناء وإشاعة قيم المعرفة والتسامح على أسس جديدة وواضحة ومتوافقة مع قيم العصر”.
و”صالون الكواكبي” هو صالون حواري متخصّص بالحوار حول ماهية الدولة السورية الجديدة، وطبيعة النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي الجديد، وأسسه وآليات إنتاجه وتشكله ومرجعياته، خصوصًا ما يرتبط بعلاقة الدين بالدولة، وعلاقة القوى السياسية بالدين، وإبراز الجانب التنويري والحضاري للدين في وجه التيارات المتطرفة والعنفية، ويُشارك في حوارات الصالون التي تقام على جلسات متعددة ومتنوعة، شخصيات فكرية وسياسية ودينية عديدة.
ويهتم هذا الصالون الحواري بتشجيع وإبراز التيارات الدينية التنويرية النابذة للعنف والتطرف والطائفية والكراهية والتعصب، تلك المتوافقة مع القيم الحديثة ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، ويعمل على فتح حوار حقيقي حول عدد من القضايا الخلافية التي تعيق تقدم المجتمع السوري وبناء دولة المواطنة المتساوية، وتسمح للدول الإقليمية والعالمية، ولبعض القوى الظلامية المتطرفة دينيًا أو أيديولوجيًا، بتصنيف السوريين بشكل معيق إلى أقطاب متصارعة.
كما يهدف إلى فتح حوار جدي وعميق حول علاقة الدين بالسياسة وعلاقة الدين بالدولة، خارج إطار التصنيفات السطحية والمعيقة إلى “إسلاميين” و”علمانيين”؛ والانتقال بالحوار تدريجًا من الجانب النظري أو الفقهي أو الشرعي، إلى الجانب العملي التفصيلي أو التنفيذي، ما يؤدي بالضرورة إلى توسيع المشتركات بين التيارات الفكرية السياسية المختلفة في المجتمع السوري، وإلى تنظيم العلاقة بين القوى السياسية العديدة، بما يبعدها من الاستقطابات السطحية الحادة، والصراع المجاني بينها كما حصل في بلدان عديدة، ويفسح المجال في المآل لعمل سياسي اجتماعي سلمي في ضوء توافقات رئيسة حول الدولة الجديدة وعلاقة الدين بالدولة والمجتمع.
وسيشارك في أعمال الصالون التي ستُعقد عبر عدة جلسات خلال العام، تُشارك فيها شخصيات عديدة، من تيارات فكرية وسياسية متنوعة، بعضها ذو مرجعية دينية، وبعضها الآخر ذو مرجعية مدنية ديمقراطية، إضافة إلى شخصيات ثقافية وسياسية، سورية وعربية، مستقلة، وسيكون هناك جلسات مُوسّعة تُعقد في بلدان مختلفة، ويشارك فيها نحو 20 شخصية مختلفة في كل مرة، وجلسات حوارية مصغرة عبر الشبكة العنكبوتية، ويشارك فيها نحو 6 شخصيات مختلفة في كل مرة، ويقدِّم المشاركون في هذه الجلسات أوراقًا مكتوبة على هيئة أبحاث أو مقالات أو أوراق عمل.
ومن المقرر أن يناقش الصالون في جلساته عدداً من الموضوعات ذات العلاقة بالدين والدولة، من أبرزها: هوية الدولة السورية الجديدة، والعلاقة بين الدين والدولة، والعلاقة بين الأيديولوجيات المختلفة والدولة؛ الحقل الدلالي للدولة والحقل الدلالي للدين – أسس الدولة العصرية وموقف كل من القوى السياسية، ذات المرجعيات المختلفة دينيًا وأيديولوجيًا، من الديمقراطية ومستلزماتها: تداول السلطة وفق صناديق الانتخاب، حقوق الانسان والحريات الأساسية، المواطنة، المساواة – مرجعية إنتاج السلطة ونظام الحكم في الدولة الجديدة – التنافر والتوافق بين الأديان والعلمانية من زوايا ورؤى متعددة، تجارب الحوار بين “الإسلاميين” و”العلمانيين”، معوقات الحوار وسبل تجاوزها – مسألة حرية الاعتقاد وحرية ممارسة الشعائر الدينية، والموقف من معتنقي الديانات أو المذاهب الأخرى – النظام القانوني في الدولة الجديدة، ومسألة إقامة الحدود والعقوبات – مسألة دين رئيس الدولة، ومكانة التشريع الإسلامي في الدولة والدستور – مسألة حقوق المرأة ودورها في الدولة الجديدة، والموقف من ولاية المرأة – قضية الإثنيات المتنوعة في سورية، والموقف منها – مسألة الأقليات والأكثريات – قضية الأحزاب والقوى السياسية التي تقام على أساس ديني أو مذهبي أو إثني/ عرقي – قضية الأحزاب والقوى السياسية العابرة للحدود (القوى ذات المرجعية والارتباط الخارجيين) – قضية الجمعيات الخيرية والأهلية التي تقام على أساس ديني أو قومي أو مناطقي، والموقف منها – القوى المتطرفة دينيًا وأيديولوجيًا، والموقف تجاهها وآليات التعاطي معها – مسألة التنوير الديني وإصلاح الفقه الإسلامي وضروراتها وآلياتها – ومعضلات التعليم الديني وإصلاح مناهج التربية الإسلامية في المدارس وكليات الشريعة.
وكان المركز قد أطلق قبل أيام في إطار برنامج عمله لدعم الحوار والتنمية الثقافية والمدنية، (منتدى الفرات) للحوار في مدينة غازي عنتاب، وهو منتدى يهدف إلى بناء حوار فكري سياسي – اجتماعي حول قضايا الشأن السوري، وخصوصًا بين الشباب السوري.
كما أطلق قبلها (صالون هنانو) الذي يُعتبر في منزلة منصة حوار عربي – كردي في سورية، بهدف الوصول إلى توافقات حول (القضية الكردية) في سورية، بوصفها إحدى قضايا المسألة الوطنية الديمقراطية في سورية.
وللمركز عدة برامج ومبادرات وصالونات حوارية، منها برنامج المبادرات السياسية، وبرنامج الحملات الإعلامية، وبرنامج مستقبل سورية، وبرنامج دعم الحوار والثقافة، وبرنامج الرصد والتوثيق.
وتأسس مركز حرمون للدراسات المعاصرة قبل أربعة أشهر، وهو مؤسّسة بحثية وثقافية وإعلامية مستقلة، لا تستهدف الربح، تُعنى بشكل رئيس بإنتاج الدراسات والبحوث المتعلقة بالمنطقة العربية، خصوصًا الواقع السوري، وتهتم بالتنمية الثقافية والتطوير الإعلامي وتعزيز أداء المجتمع المدني، ونشر الوعي الديمقراطي وتعميم قيم الحوار واحترام حقوق الإنسان، إلى جانب تقديم الاستشارات والتدريب في الميادين السياسية والإعلامية للجهات التي تحتاج إليها في المجتمع السوري انطلاقًا من الهوية الوطنية السورية، وتعمل لتحقيق أهدافه من خلال مجموعة من الوحدات التخصّصية (وحدة دراسة السياسات، وحدة البحوث الاجتماعية، وحدة مراجعات الكتب، وحدة الترجمة والتعريب، وحدة المقاربات القانونية) وعددٍ من برامج العمل (برنامج الاستشارات والمبادرات السياسية، برنامج الخدمات والحملات الإعلامية وصناعة الرأي العام، برنامج دعم الحوار والتنمية الثقافية والمدنية، برنامج مستقبل سورية).