مُفكّر سياسي وفيلسوف سوري من مواليد محافظة اللاذقية عام 1929، تبنّى الأفكار الماركسية المُعرّبة، وميّزها عن الماركسية الشيوعية الرسمية الوافدة من الاتحاد السوفياتي، وعاصر أهم أحداث القرن الماضي، كنكبة فلسطين، وهزيمة حزيران/ يونيو، ونادى بالتنوير الفكري العربي، وانتقد الواقع العربي بهذا الخصوص، وقال: “لقد كان الدين الأيديولوجيا الوحيدة للشعوب العربية، في عصر تكوّن الأمم الأوروبية ونهضتها”.
بعد أن أنهى الدراسة الثانوية، سافر مرقص إلى بلجيكا، في أول بعثة تعليمية سوريّة بعد الاستقلال، ليحصل عام 1952 على شهادة في العلوم الاجتماعية من جامعة (بروكسل الحرة)، ثم زاول مهنة تدريس الفلسفة لفترة طويلة، ما جعله شعلة للتفكير والتحليل وتحريض الأفكار.
انضم إلى الحزب الشيوعي السوري، لكنه سرعان ما طُرد منه بسبب أفكاره التحرّرية، حيث دعا إلى الديمقراطية الحزبية، الأمر الذي أغضب قادة الحزب؛ فاتهموه بالخيانة واستبعدوه.
شغلته قضية الوحدة العربية، فشرع في البحث عن التربة الخصبة التي من الممكن أن تنمو في جوفها، فدرس النظرية الماركسية وتعمّق فيها، ليكتشف أنها قابلة للتطوير، وأن كل الأنظمة الفكرية تتحول إلى طريق للخلاص، إذا تم التعاطي معها بشكل صائب، ودعا إلى المقاربة اليسارية الجديدة للمسألة القومية في التحرّر القومي والاجتماعي، فكتب في هذا السياق منتقدًا الحركة الشيوعية العربية والفكر القومي العربي.
أثناء خدمته الإلزامية، تعرّف على ياسين الحافظ، وجمعتهما أفكار فلسفية فيما يخص توطيد الوحدة العربية، وبناء الوعي القومي على أسس علمانية وعقلانية وديمقراطية، وهي أفكار تحتاج لأرضية قوية ودعائم بعيدة كل البعد عن هشاشة الفكر الرجعي.
يعتبر مرقص أول من أرسى الدعائم الفكرية للمجتمع المدني بمفهومه (الكلاسيكي الهيغلي)، في إطار بحثه عن التمدّن والتحضّر، والانتقال من التسلطيّة إلى الديمقراطية التي حضّ عليها في كل أرائه وأفكاره.
ناشد المجتمعات العربية للتمسك والإيمان بمفاهيم عصر النهضة، كالخلاص من الاستبداد وإحلال الحريات والبحث عن الحقيقة، ومن أقواله في هذا المعنى: “تعني الديمقراطية أوّل ما تعني حقوق الإنسان والمساواة في الحقوق، وتعني ثانيًا حرية الضمير، أي حرية الخيار الديني من دون إكراه، وحرية الضمير جذر لحقوق الإنسان، وحقوق الإنسان هي حرية الاجتماع، وحرية الائتلاف، وحرية الاشتراك، وحرية التعبير”.
ألّف عشرات الكتب، وشارك في تأسيس مجلّة (الواقع)، ونشر مقالاته في مجلة (دراسات عربية)، ومجلة (الفكر العربي)، واشترك مع ياسين الحافظ في تأسيس (دار الحقيقة) في بيروت، وقام بترجمة عديد الكتب من الفرنسية إلى العربية، مع مقدمات مطوّلة منه دائمًا، تساوي في أهميتها الكتاب المُترجم نفسه.
توفيّ عام 1991، بعد أن ترك مؤلفات عدة وترجمات قيّمة، استطاع من خلالها تسليط الضوء على واقع الأمة العربية المُنهكة، وتوجيه النقد لها بكل قسوة، هذا النقد الذي كان يعتبره الطريق الأمثل لبلوغ الكمال.