يعاني القطاع الطبي في محافظة إدلب وريفها من مشكلات عديدة، أهمها توقف المستشفيات الميدانية عن الخدمة، إثر القصف الذي تتعرض لهُ من طائرات النظام الأسدي وطائرات العدوان الروسي، فضلاً عن معاناتها الأساسية من نقص التمويل، وعدم توافر الأجهزة الطبية والدواء.
وحول الأوضاع الصعبة لهذا القطاع الحيوي، والمخاطر والصعوبات التي يواجهها، قال نبراس خليل، أحد العاملين في المستشفيات الميدانية في ريف إدلب، لـ (جيرون): ” أصبحت جميع المستشفيات الميدانية في محافظة إدلب وريفها، في الآونة الأخيرة، هدفًا لطائرات قوات النظام، لأنها تُقدّم خدماتها لجرحى الحرب، والمرضى المدنيين في مناطق سيطرة المعارضة، وقد خسرنا كثيرًا من الأطباء والممرضين والمعدات الطبية؛ نتيجة استهداف المستشفيات بغارات جوية مكثفة، وأصبح وضع المستشفيات غير آمن، ولم تعد لدينا الإمكانية لمعالجة المرضى؛ لعدم توافر الأجهزة الطبية والأطباء الاختصاصيين، وأصبحت المستشفيات للحالات الإسعافية الجراحية فحسب”.
وأوضح: “التقيت بمريض من بلدة أرمناز في ريف إدلب منذ نحو شهرين، يُعاني من ألم شديد في البطن (التهاب البنكرياس المزمن)، ولم يجد أطباء اختصاصيين في محافظة إدلب؛ ليُعالج، فاضطر للجوء إلى إدارة مستشفى باب الهوى، في ريف إدلب؛ ليأخذ إذنًا بدخول تركيا للعلاج في إحدى المستشفيات الحكومية، لكن الكادر الإسعافي في معبر باب الهوى على الجانب التركي منع دخوله؛ لأنه لا يستقبل إلا الحالات الحرجة كجرحى الحرب مثلاً، ومازال المريض يعاني من شدّة مرضه، ويُسكّن ألمه بدواء الأمبيسلين يوميًا”.
دعم متقطع غير قادر على تلبية حاجات المرضى
الطبيب غياث سيد محمد، أحد العاملين في المستشفيات الميدانية في ريف إدلب، شرح لـ (جيرون) مشكلة نقص التمويل، والإمكانات المادية أيضًا، وقال: “هناك عدّة أسباب لتوقف عدد كبير من المستشفيات الميدانية في محافظة إدلب وريفها، وعلى رأسها موضوع التمويل من المنظمات الطبية والجهات الداعمة لها، والذي تُغطي نفقات المستشفى، حيث تعدّ منظمة “ميديكال ريليف” والهلال الأحمر القطري من أبرز المنظمات الداعمة للمستشفيات الميدانية في ريف إدلب”.
وكانت منظمة “ميديكال ريليف” قد أعلنت عن توقف الدعم عن مستشفى سلقين الميداني، في شمال غربي محافظة إدلب، بدءًا من الأول من تشرين الثاني 2016، بدعوى انضمام المستشفى -بشكل رسمي- إلى مديرية الصحة الحرة في إدلب، التابعة للحكومة السورية الموقتة.
فضلاً عن نقص التمويل للمستشفيات الميدانية، بات القطاع الصحي يعاني أيضًا من نقص الكوادر الطبية، ويشير سيد محمد، إلى النقص الكبير من الأطباء الاختصاصيين في مجال القلب والعينية والأوعية الدموية، وقال إن سبب ذلك يعود “لهجرة كثير من الأطباء إلى الدول الأوروبية، خوفًا وهربًا من طائرات النظام، ولعدم توافر المعدات الطبية اللازمة لعملهم”.
وأضاف: “تضطرّ المستشفيات الميدانية في ريف إدلب، في معظم الأحيان، إلى تحويل الجرحى الى المستشفيات التركية، لعدم توافر مواد البلازما والصفيحات الدموية، وعدم وجود غرف عمليات؛ لاستيعاب جرحى المعارك، والجرحى المدنيين الذين تعرضوا لعمليات قصف مستمرة”.
عدو مزدوج للمستشفيات الميدانية
تُعد المستشفيات الميدانية والمراكز الطبية الهدف الأول لطائرات قوات النظام الأسدي وسلاح الجو الروسي، لأنها تقدم خدماتها الطبية لجرحى الحرب والمرضى المدنيين، في المناطق الخارجة عن سيطرتهم، وقد تعرّض المستشفى الوطني في محافظة إدلب لعشرات الغارات من الطائرات السورية والروسية، تسببت بأضرار كبيرة في المستشفى، وخروجه عن الخدمة، إضافة إلى تضرر كل الأجهزة الطبية، ومنها الجهاز الطبقي المحوري الوحيد، الذي يعمل على خدمة المرضى المدنيين.
ويقول ناشطون سوريون معارضون من إدلب: إن الغاية من هذا الاستهداف، هو ترهيب الكوادر الطبية والمدنيين، وتجريدهم من أهم مهماتهم في ظل الحرب؛ ما يفضي إلى انعدام الشروط الضرورية للحياة في هذه المناطق، ويدفع الأطباء للهروب الى الدول الأوروبية أكثر فأكثر، وإخلاء هذه المناطق من سكانها.