قبل عدة أيام، حاولت قوات النظام التسلل إلى مدينة التل، التي تبعد نحو 14 كيلومترًا -إلى الشمال- من العاصمة دمشق؛ ما أسفر عن حدوث اشتباكات متقطعة، استمرت لساعات، مع فصائل الجيش الحر داخل المدينة، وانتهت بسقوط قتيل للنظام وجرح عنصر آخر من قواته.
تأتي هذه المحاولة، بعد مرور أكثر من عام على اتفاق الهدنة الذي أبرمه النظام السوري مع مدينة التل، التي تعيش أوضاعًا معيشية وإنسانية قاسية، نتيجة استمرار النظام في تطبيق سياسة الحصار والتجويع بحق ما يزيد عن مليون شخص، أغلبهم من النساء والأطفال.
وحول الحادثة، قال أحمد البيانوني، المتحدث الرسمي باسم تنسيقية مدينة التل في ريف دمشق، لـ (جيرون): “حاولت قوات الأسد، وفي خرق منها للهدنة المبرمة مع مدينة التل، نهاية الأسبوع الفائت، التقدم إلى وسط المدينة من جهة طريق الكورنيش”، وتمكّنت فصائل الجيش الحر من إحباط عملية التسلل، وقتل ضابط برتبة ملازم أول، وجرح عنصر آخر”.
وأضاف: “قوات الأسد، وفي رد منها على سحب جثة الضابط، وأسر الجيش الحر العنصر المصاب، استهدفت على الفور منازل المدنيين في منطقة شعبة الأرض، في الجانب الشرقي من المدينة بالرصاص الحي، علمًا أنها منطقة خالية من أي مسلح، لتُسجَّل بعدها عدة اختراقات للهدنة المتفق عليها في وقت سابق”.
وأوضح أن حي حرنة الشرقية، شهد -كذلك- إطلاقًا مكثفًا للرصاص، بالتزامن مع انتشار واسع لعناصر النظام في شوارع الحي، وإغلاقها جميع الطرق المؤدية إلى مدينة التل، فيما مُنِع أهلها، بمن فيهم الطلاب والموظفون، من العبور إلى خارج المدينة باتجاه العاصمة دمشق.
ووفقًا للبيانوني، فقد قامت قوات النظام بإغلاق المخبز الوحيد في حي حرنة الشرقية، الخاضع لسيطرة النظام، في حين أُغلقت أبوابُ جميع المحال التجارية، نتيجة حالة الخوف والهلع التي عمت المنطقة بأكملها.
من جانبها، أفادت تنسيقية مدينة التل، عن مقتل الشاب، عبدو رمضان أبو راشد، وهو سائق خدمة مدني، مؤكدةً أنه كان يقلّ عناصر حاجز المستشفى، بعد أن أجبروه -بالقوة- على إيصالهم، فقُتل في إثر تبادل لإطلاق نار جرى على طريق الكورنيش، وأدى، بحسب ما أوردته التنسيقية، إلى مقتل عسكري من عناصر حاجز المستشفى، وإصابة آخر.
وأوضحت التنسيقية أن قوات النظام “أفرجت عن المرأة التي اعتُقلت قبل أيام، أمام مخبز حي حرنة الشرقية، وذلك في إطار صفقة التبادل مع ثوار مدينة التل، تُسلَّم -بموجبها- للنظام جثة الضابط والعنصر الجريح”.
ويحاول وجهاء المدينة -باستمرار- التوصل إلى اتفاق مع قوات النظام، يُنهي حالة الحصار المتفاقمة، التي بدأت منذ بداية تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2014، لكن النظام يُصرّ على عرقلة أي حلول لا تضمن له دخول الأحياء الخاضعة لسيطرة الجيش الحر، من جهة، وتسوية أوضاع آلاف الشباب المتخلفين عن أداء الخدمة الإلزامية، من جهة ثانية، الأمر الذي ترفضه فصائل الجيش الحر رفضًا قاطعًا.
هذا، وتعاني مدينة التل من عدم وجود أي أراضٍ زراعية داخلها، قد تمكن أهلها المحاصرين من استثمارها، وتأمين بعض حاجاتهم من الخضروات والحبوب، علاوة على أن حواجز النظام المحيطة بالمدينة (الأكبر في ريف دمشق من حيث عدد السكان)، لا تزال تفرض قيودًا صارمة على دخول المحروقات والغاز، والمواد الطبية والغذائية، وحليب الأطفال إليها.