قضايا المجتمع

بيروقراطية القوانين الأردنية تحرم الأطفال السوريين من التعليم

يعاني الأطفال السوريون في الأردن من مشكلة في إتمام تعليمهم، بسبب عدم استكمالهم الأوراق الثبوتية أولًا، وتدنّي أوضاعهم الاقتصادية، سواءً كانوا يقطنون مخيمات اللجوء أو خارجها ثانيًا، ويتطلّب التزام الطفل السوري في المدرسة، من الأهالي، توفير بعض المستلزمات الضرورية وهو ما يشكّل عبئًا عليهم.

في حين تشتكي الحكومة الأردنية -بشكل دائم- من عدم قدرتها على تحمّل أعباء اللاجئين السوريين، وتؤكد أنها بحاجة لدعم مادي لتحتضنهم؛ وتوفّر لهم حقوقهم الأوليّة، وعلى رأسها التعليم، ولا سيما أنها تعاني من ضعف في هذا القطاع، قبل توافد اللاجئين السوريين إليها، ويتجاوز عدد اللاجئين السوريين في الأردن، وفقًا للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، والمسجلين فيها، 600 ألف لاجئ، بينما تؤكد الحكومة الأردنية أن عدد السوريين على أراضيها تجاوز المليون شخص، ونسبة كبيرة منهم أطفال ونساء، يعيشون تحت خط الفقر؛ فلا تتجاوز مصروفاتهم الشهرية 100 دولار أميركي للشخص الواحد.

وكشف تقرير صادر عن منظمة “هيومن رايتس ووتش”، بداية العام الحالي، أن “عدد الأطفال السوريين خارج التعليم الرسمي في الأردن تجاوز الـ 83 ألفًا، خلال العام الدراسي الماضي، من أصل 226 ألف طفل في سن التعليم، مُسجلين لدى المفوضية، والنسبة الكبيرة منهم يقطنون خارج المخيمات، كما أفادت أرقام نُشرت في صحيفة “جوردن تايمز” الإنكليزية أن عدد الأطفال العاملين في الأردن يقارب 76 ألفًا، يعمل أكثر من نصفهم في أعمال خطرة، ويشكل السوريون 14.6 في المئة منهم.

 

 

عقبات غير مُبررة

وفقًا للمدارس الأردنية الحكومية، ينبغي للطلبة السوريين أن يُحضروا شهادات المدارس السورية الرسمية، التي تُثبت إتمامهم مرحلة دراسية معينة؛ حتى يتم تسجيلهم فيها، وهذا صعب جدًا، وفي هذا المعنى، قال الناشط الإعلامي رامز. س، لـ (جيرون): إن “الأوراق المطلوبة للتسجيل في المدارس الحكومية للسوريين هي شهادة دراسية، وورقة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والبطاقة الأمنية الأردنية، وهذه الأوراق ليست متوفرة لدى الجميع، إضافة إلى وجود 40 بالمئة من الأطفال السوريين في الأردن، يفتقرون لشهادات الميلاد؛ وبالتالي، لا يستطيعون استخراج أي أوراق رسمية أخرى”.

في سياق متصل، منع القانون الأردني السوريين الذين خرجوا من المخيمات دون كفالة، من تسجيل أطفالهم في المدارس الحكومية، وعدّ وجودهم خارج المخيم غير نظامي، واشترط تسوية أوضاعهم القانونية؛ للسماح لهم بمتابعة التعليم، وهو أمر يصعب على اللاجئين السوريين تحقيقه.

من جهة أخرى، تفتقر البرامج التعليمية التي ترعاها (اليونيسيف)، والموجّهة إلى السوريين، للشمولية، فلا تستطيع تضمين جميع الفئات العمرية، وتقتصر برامجها على فئة معينة، وبحسب تقديرات مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، لسنة 2014، فإن (قاعدة السنوات الثلاث)، وهي البرامج التي تسمح للطلاب في عمر محدد بالالتحاق بها، منعت نحو 77 ألف طفل سوري من التعليم الرسمي.

وبحسب تقرير المنظمة الدولية، فإن هناك خطة بين وزارة التربية والتعليم الأردنية، والمانحين الأجانب واليونيسف، تبدأ في السنة الدراسية 2016 – 2017، تسعى لزيادة معدّل التحاق السوريين المتسرّبين من التعليم بالمدارس، وستسمح لنحو 25 ألف طفل بالالتحاق ببرنامج (التعويض)، الذي يقدّم منهجين دراسيين في عام واحد، وبعده يصبح المتعلم قادرًا على العودة إلى التعليم الرسمي، لكن لن يُفتح هذا البرنامج إلا للطلاب بين 8 و12 عامًا؛ وبالتالي، لن يستطيع الأطفال خارج هذا العمر الاستفادة منه.

الفقر أساس المشكلة

يُعدّ الفقر، وعدم قدرة الأسر اللاجئة على العمل وإعالة أنفسها، من أكبر العقبات التي تقف في وجه سير العملية التعليمية للاجئين السوريين في الأردن، وعلى الرغم من مجانية التعليم للسوريين، فإن كثير من الأهالي لا يمكنهم تحمل التكاليف البسيطة المرتبطة به، كمصاريف المواصلات والقرطاسية، وبحسب تقرير الأمم المتحدة، فإن “97 بالمئة من الأطفال السوريين في الأردن، لم يذهبوا إلى المدارس؛ بسبب الضائقة المالية التي يعاني منها ذووهم”.

وتمنع السياسات الأردنية اللاجئين السوريين من العمل وإعالة أنفسهم، وتطلب منهم؛ ليتمكنوا من ذلك، استيفاء تصاريح العمل القانونية، التي تشمل دفع رسوم بقيمة مئات الدولارات سنويًا، والعثور على صاحب عمل يكفلهم، ويتعرض السوريون الذين يعملون دون تصريح نظامي للتوقيف، والإعادة إلى مخيمات اللاجئين، ومع تزايد الديون، والافتقار للمساعدات الاغاثية الكافية، والتعرض لخطر التوقيف جراء العمل، يقوم الأهالي بتشغيل أولادهم، وبحسب الأمم المتحدة، “فإن نحو 60 بالمئة من العائلات السورية في الأردن تعتمد على النقود التي يكسبها أطفالها، الذين يتسرّبون من التعليم؛ للالتحاق بالعمل”.

وجّهت المنظمات الإنسانية والمدنية مناشدات عديدة للأردن، بالسماح للسوريين التسجيل في المدارس بدون استيفائهم كامل الأوراق، ومحاولة تسهيل تدفقهم إلى التعليم، وأكدّت بعض التقارير عن البدء بتيسير قبول السوريين في المدارس الحكومية الأردنية، لكن بحسب شهادات بعض الأهالي، فإن الالتزام بهذه التسهيلات من قبل إدارة المدارس، ليس حقيقيًا ويتم الالتفاف عليه.

Author

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق