سورية الآن

موسكو – واشنطن والحل المؤجل من جديد

جاءت تصريحات الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أمس الأحد، والتي قال فيها أن صعوبات كبيرة تعترض التوصل إلى اتفاق مع الروس بشأن سورية، نسفًا لكل الآمال المتفائلة بإمكانية حدوث انفراجات قريبة، تؤدي على الأقل إلى إيقاف عجلة القتل التي أودت بحياة مئات الآلاف من السوريين، وتركت كثيرًا من الملفات النازفة، التي يحتاج السوريون لعقود قبل أن يتمكنوا من إيجاد حلول جذرية لها.

ليست المرة الأولى التي تصل فيها المحادثات الأميركية – الروسية، بشأن الملف السوري، إلى طريق مسدود، أو استعصاء؛ فمنذ أن تدخلت موسكو مباشرة في الصراع، تراوح تلك المحادثات الرامية إلى إيجاد حل في مكانها، دون أي تقدم أو يذكر، بل وفي كثير من الأحيان، أشارت وقائع الميدان إلى أنها تتراجع، وأن تفاصيل كثيرة مازالت تحول دون بناء الثقة من الطرفين.

في الآونة الأخيرة، تناقلت وسائل الإعلام أنباءً عن فشل جولة جديدة من المفاوضات التي جمعت وزيرا خارجية البلدين، للمرة الثانية خلال 24 ساعة، تزامنًا مع لقاء بين الرئيسين: الأميركي باراك أوباما، والروسي فلاديمير بوتين؛ لإجراء مباحثات غير رسمية، في مسعًى لتجاوز الأمور الخلافية.

وبحسب الأنباء، فإن اللقاء الذي جمع كل من جون كيري وزير الخارجية الأميركي، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، على هامش قمة العشرين، في الصين قد فشل في التوصل لصيغة تفاهم حول حل ممكن للقضية السورية، وهو ما أكدته مصادر دبلوماسية أميركية، في تصريحات إعلامية، مشيرةً إلى خلافات مستمرة في وجهات النظر بين الطرفين.

في هذا السياق، حمّلت واشنطن موسكو مسؤولية الفشل، عادّةً أن الثانية تراجعت عن تعهداتها في بعض القضايا؛ حيث نقلت وكالة (فرانس برس)، عن مسؤول أميركي في وزارة الخارجية الأميركية، تصريحات قال فيها: “إن الروس تراجعوا عن بعض القضايا، التي اعتقدنا أننا اتفقنا عليها، ولذلك سنعود إلى عواصمنا للتشاور”.

من جهتها نقلت وكالة (انترفاكس) الروسية، عن مصدر بوزارة الخارجية الروسية قوله: “لا يوجد ما يستدعي التصريحات الدرامية بفشل المفاوضات، فالمشاورات مستمرة، ولا توجد أسباب لمثل هذه التصريحات الدرامية، مثل تلك الصادرة عن بعض المصادر في وزارة الخارجية الأميركية، بأن شيئًا لم يتحقق”. في إشارة إلى تصريحات الرئيس الأميركي، والتي قال فيها إن واشنطن تتفاوض مع روسيا حول وقف العنف في الحرب المدمرة في سورية، مؤكدًا أن الجانبين يعملان على مدار الساعة، ومشيرًا إلى أن هذه المسالة مُعقّدة للغاية، ومضيفًا أن بلاده تتعامل مع المحادثات ببعض التشكيك، لكن الأمر “يستحق المحاولة، حتى لو اقتصر الأمر على حصول الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء على الطعام والامدادات الطبية، التي تعينهم في رعب التفجيرات المستمرة”، على حد تعبيره.

تأمل بعض الأوساط السياسية أن يُفلح اللقاء الثنائي بين أوباما وبوتين، في تذليل العقبات بين الدولتين اللتين تتحكمان في الجزء الأكبر من مسارات الصراع الدائر في سورية، وتؤدي إلى إنتاج أرضية مشتركة؛ لصياغة حل ممكن ومقنع للأطراف المحلية والإقليمية الفاعلة في الملف السوري.

وكان المبعوث الأميركي الخاص بالشأن السوري، قد وجه رسالةً إلى المعارضة السورية بشقيها السياسي والمسلح، تتضمن أبرز ملامح الاتفاق الروسي – الأميركي، ومن أهم ما جاء فيه منع طيران النظام من التحليق واستهداف المناطق المحررة، مقابل أن يتم التنسيق بين الطرفين؛ لإضعاف تنظيم القاعدة في سورية، ممثلًا بجبهة “فتح الشام”، إضافة إلى عديد البنود الأخرى، تتعلق بشكل الدولة والحكم والمرحلة الانتقالية.

في حين ترى وجهات نظر أخرى، أن الولايات المتحدة غير جادة في إيجاد حل ممكن، وقابل للحياة في سورية، وتترك للروس اليد الطولى -مرحليًا- في الصراع السوري، ليس بسبب طبيعة الصراع الناشئ في المنطقة وحسب، وإنما لتأجيل قضايا استراتيجية عدة، تتعلق بشرق أوروبا وبحر قزوين وغيرها؛ ما يعني -وفق آرائهم- قصور أي مساعٍ لإنتاج حلول للملف السوري.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق