سورية الآن

الهيئة العليا للمفاوضات في لندن وبيدها مشروع حل

بعد اجتماعها في الرياض، توجّهت الهيئة العليا للمفاوضات إلى العاصمة البريطانية لندن، للمشاركة في مؤتمر مجموعة أصدقاء سورية، وقد حملت معها رؤيتها المفصّلة للحل السياسي في سورية، المستندة إلى مرجعية بيان جنيف 1، وترغب الهيئة -كما أعلنت- في إطلاق مشروعها من خلال هذا اللقاء في لندن.

تتضمن تلك الرؤية “الإطار التنفيذي للحل السياسي في سورية، والتي تمثل تصورًا للعملية التفاوضية والمرحلة الانتقالية، وللأسس العامة التي ينبغي أن يقوم عليها النظام السياسي الجديد لسورية المستقبل، وللضمانات القانونية التي تحمي خيارات الشعب السوري”، وقد قامت بتقسيم عملية الانتقال السياسي إلى ثلاث مراحل:

  • عملية تفاوضية تمتد 6 أشهر، تعكس مبادئ بيان جنيف وما ورد في القرارين: 2118 و2254، الصادرين عن مجلس الأمن الدولي، وتطبيق بنودهما، وخاصة الفقرات المتعلقة بالموضوع الإنساني، كفك الحصار، وتوصيل المساعدات، وإطلاق سراح المعتقلين، وبيان مصير المغيبين، والتزام الأطراف بالهدنة الموقتة، ووقف التهجير القسري، وحق العودة للنازحين، وغير ذلك مما ورد بالفقرات 12 و13 و14، من قرار مجلس الأمن رقم 2254.
  • مرحلة انتقالية تمتد لسنة ونصف، وتبدأ فور توافق طرفي التفاوض على المبادئ الأساسية للعملية الانتقالية، وتوقيع اتفاق يضع هذه المرحلة ضمن إطار دستوري جامع، يتضمن وقفًا شاملًا ودائمًا لإطلاق النار، وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي التي تستوجب رحيل بشار الأسد وزمرته، الذين تورطوا في ارتكاب الجرائم بحق الشعب السوري، ويتم وقف العمل بالدستور الحالي (الصادر عام 2012)، وإصدار إعلان دستوري، ثم العمل على صوغ دستورٍ جديدٍ، وإصدار القوانين اللازمة لإجراء انتخاباتٍ إداريةٍ وتشريعيةٍ ورئاسية، وتُشكَّل حكومة ُتصريف أعمال، ومجلسٌ عسكريٌ مشتركٌ، وهيئة لإعادة الإعمار، وهيئة للمصالحة الوطنية، وعقد مؤتمر وطني جامع، وإعادة هيكلة القطاع الأمني، وإدارة محلية لا مركزية، وضمان استمرار عمل الوزارات والمؤسسات والهيئات الخدمية والعامة في الدولة، وبقاء الموظفين في وظائفهم، والتصدي للإرهاب ومكافحته.
  • انتقال نهائي للحكم، عبر تطبيق مخرجات الحوار الوطني، والمراجعة الدستورية، وإجراء انتخابات محلية، وتشريعية، ورئاسية، تحت إشراف الأمم المتحدة ودعمها الفني، وتبقى المبادئ الأساسية المحددة في الاتفاق الموقت سارية المفعول، بوصفها جزءًا من الدستور الجديد للبلاد، والذي يقوم على مبدأ المواطنة، وينص على: فصل السلطات، واستقلال القضاء، وحرية الإعلام، والحياد السياسي للجيش والقوات المسلحة، وخضوعها للحكومة الشرعية المدعومة من أغلبية برلمانية، وإنشاء منظومة اقتصادية، تراعي العدالة الاجتماعية، ويستفيد منها جميع السوريين دون أي مفاضلة أو تمييز.

في عملية الانتقال آنفة الذكر، يتم العمل لتأسيس نظام سياسي على ثوابت أساسية “سيادة سورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والدولة متعددة الأحزاب المبنية على الحرية والممارسة الديمقراطية والشمول والتمثيل والمواطنة، وسيادة القانون وحقوق الإنسان والمساءلة، واستحداث آليات فاعلة لاحترام حقوق الإنسان السوري، وحفظ كرامته، وضمان حقه في المشاركة الكاملة في العملية السياسية”.

كما عدّت الهيئة أن من ثوابت المرحلة “اعتبار القضية الكردية قضية وطنية سورية، والعمل على ضمان حقوقهم القومية واللغوية والثقافية دستوريًا”.

إلى ذلك، فقد بين المشروع أن الدولة السورية “تلتزم بالمعاهدات والمواثيق والعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، كما تلتزم برعاية الحقوق الثقافية والدينية المشروعة لكل مكوناتها في إطار وحدة الدولة والشعب”. أما في شؤون الإدارة المحلية، فتعتمد مبدأ “اللامركزية الإدارية”؛ بحيث يتمكن الأهالي -في كل محافظة ومنطقة- من إدارة شؤونهم “الاقتصادية والمجتمعية والحياتية، ولا يؤثر سلبًا على وحدة البلاد”. أما ما يخص حقوق المرأة، فقد بيّنت ضمان الدولة لها بكفالة دستورية؛ كي تساهم في “المؤسسات الرسمية وهيئات ومواقع صنع القرار، بنسبة لا تقل عن 30 بالمائة”.

من جانب آخر، أوضحت هذه الآلية أنه يجب العمل على “إلغاء الإجراءات وقرارات التجنيس التي تمت منذ آذار 2011، باستثناء تجنيس المواطنين الأكراد، وإلغاء قرارات الاستملاك التي تمت لغير السوريين منذ تلك الفترة”.

يُذكر أن أول مؤتمر لأصدقاء الشعب السوري عُقد في تونس، في 24 شباط/ فبراير 2012، وهذا التجمّع يعمل على المساعدة في حل “الأزمة السورية”، ويقول: إن رحيل بشار الأسد هو مفتاح التوصل إلى حل، ويضم هذا التجمع أكثر من مئة دولة عربية وأجنبية، وقد ابتدأ العمل عليه، عقب استخدام روسيا والصين حق النقض الـ (فيتو)، في تشرين الأول / أكتوبر 2011، للاعتراض على قرار يدين النظام السوري، حيث اقترح الرئيس الفرنسي السابق، نيكولاي ساركوزي، تأسيس مجموعة أصدقاء الشعب السوري، كذلك دعت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك؛ لتشكيل مجموعة “أصدقاء الديمقراطية في العالم”، ثم تتالت وتعددت مؤتمرات مجموعة أصدقاء الشعب السوري، ولكن لم تثمر شيئًا حتى الآن.

وفي مؤتمر لندن في 7 أيلول/ سبتمبر الحالي، تطمح الهيئة العليا للمفاوضات، كما صرّحت لوسائل الإعلام المختلفة، بأن تتبنى مجموعة أصدقاء الشعب السوري رؤيتها، وهذه الرؤية قابلة للتطوير.

من جانبه كان المبعوث الدولي إلى سورية، ستيفان ديميستورا، قد قدم أيضًا وثيقة تتضمن رؤيته للتفاوض وللمرحلة الانتقالية في سورية، وهي تختلف عن رؤية الهيئة بنقاط عدة، بحيث يطرح ديميستورا بقاء الأسد بصلاحيات محدودة، خلال هذه المرحلة، ويقترح ضم التنظيمات والقوى المقاتلة التي شكّلها النظام إلى الجيش السوري، وكذلك ضم تنظيمات وفصائل المعارضة إليه، أي عملية دمج للقوى الموجودة كافة، وأيضًا يرى وجوب المحافظة على الأجهزة الأمنية وإصلاحها، وهذه النقاط كلّها عبارة عن خلافات جوهرية بين الورقتين، حيث ترفض الهيئة أي دور لبشار الأسد في المرحلة الانتقالية، وكذلك تطلب إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والجيش، وضم من يرغب فحسب، ممن ينتمون إلى الفصائل المعارضة إلى الجيش.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق