يعيش سكان المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية في درعا والقنيطرة، جنوبي سورية، صعوبات وتحديات حياتية، تفقدهم فرحة عيد الأضحى لهذا العام، كما كل عام خلال السنوات الخمس الماضية، فعلى الرغم من الخصوصية الدينية لهذه المناسبة؛ تغيب مظاهر الفرحة والاحتفالات عن الأهالي، بعد أن حرمتهم الأحوال القاسية من شعائر كثيرة، كانوا معتادين عليها في أعيادهم سابقًا.
وعن اختلاف العيد هذه الأيام عما مضى، قالت أم فؤاد، البالغة من العمر 60 عامًا، لـ (جيرون): “لقد اختلف عيد الأضحى في مناطق درعا كثيرًا عن السابق، فاستعدادات العيد بسيطة عند بعض العائلات، ومعدومة عند عائلات أخرى؛ لضيق الحال المادية عند الأغلبية، وغلاء الأسعار، وافتقد الناس كثيرًا من العادات الخاصة بالعيد، كصناعة الحلوى وشراء الملابس، وغيرها من المستلزمات المادية للعيد، إضافة إلى انقطاع الصلة بين الأقارب؛ نتيجة النزوح من مكان إلى آخر، ولجوء كثير منهم إلى دول الجوار أو مغادرتهم إلى أوروبا”، وأشارت -بحسرة- إلى تقاليد العيد في الأيام الخوالي، وقالت: “كنا نُحضّر القهوة العربية والشاي، وكثير من الحلويات للعيد؛ استعدادًا لاستقبال الضيوف والأقارب المهنئين، والآن حُرمنا من كل شيء”.
لا يختلف رأي أبو همام، كثيرًا عن رأي سالفته، وهو أحد شيوخ العوائل المعروفة والكبيرة في درعا؛ إذ قال: “تكاد تختفي مشاهد الفرحة بقدوم العيد في مناطق درعا المحررة؛ مع استمرار العمليات العسكرية التي يقوم بها جيش النظام من قصف وقتل واعتقال، كما يصعب إحياء فاعليات بمناسبة العيد؛ في ظل تدمير عشرات المساجد، وتهجير السكان من منطقة إلى أخرى، واستمرار القصف الجوي والمدفعي على القرى والبلدات المحررة؛ ما ساهم في انعدام مظاهر الفرحة بقدوم العيد، في ظل غياب واضح للحياة الآمنة، التي يستطيع فيها المواطن قضاء العيد”، مضيفًا أن ما سيجري في صباح العيد “عبارة عن زيارات مواساة بين الأسر والعائلات، التي يعاني أغلبها إما من وجود شهيد، أو إصابة أحد أفراد الأسرة، أو اعتقال أحد ذويها، فلدى كل عائلة مآسٍ وآلام تنسيهم فرحة العيد”.
لا يختلف الحال في محافظة القنيطرة عن محافظة درعا، من حيث انعدام مظاهر العيد، إذ يقول الناشط معاذ النعيمي، أحد سكان الرفيد لـ (جيرون): “هذا العيد برائحة الدم والحزن، الذي يُخيّم على المدينة بأكملها، فهناك فقدان للأبناء، وتهجير، أما الفقر والغلاء، فحدّث ولا حرج، وهو كفيل بإنهاء ما تبقى من فرحة في بيوت المواطنين”.
وأضاف: “لقد ساهم غلاء الأسعار، وتزامن عيد الأضحى مع بداية العام الدراسي، في غياب مظاهر البهجة بالعيد عن كثير من الأسر في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، وكثير من المواطنين لم تعد لديهم القدرة على شراء الأضحية، أو ملابس العيد؛ بسبب هذا الغلاء، وانخفاض معدل الدخل، ووضع هذا التزامن أرباب الأسر في وضع لا يُحسدون عليه، فالأزمات والضغوط الاقتصادية تلاحقهم في كل مكان؛ حيث باتوا مطالبين بأمور مادية لا طاقة لهم بها”، وأشار إلى أن الأهالي، وعلى الرغم من أنهم حُرموا من الأشياء المادية للعيد، “فإنهم يسعون للمحافظة على عادات العيد الاجتماعية، كزيارة الأقارب، ومنح الأطفال مبلغًا ماليًا بسيطًا (العيدية)؛ لإدخال الفرحة إلى قلوبهم”.
لم تقتصر المعاناة على المواطنين، بل تعدتها إلى التجار الذين يشتكون من (الكساد)، وعدم إقبال المواطنين على شراء الأضاحي أو ملابس العيد؛ بسبب ارتفاع الأسعار بنسب عالية، وأكد ذلك مالك المسالمة، صاحب محل ملابس، والذي قال: “إن الأسعار ارتفعت كثيرًا قبيل عيد الأضحى، مقارنةً بالعام الماضي، وإقبال الأسر على شراء الملابس هذا العام ضعيف جدًا؛ حيث أعطت العائلات الأولوية لشراء الزي المدرسي ومستلزمات الدراسة”، وفق قوله.