نفى متحدث باسم تجمع لفصائل المعارضة السورية من الجبهة الجنوبية، اطلاعهم على بنود اتفاق الهدنة أو ترتيباتها، وشدد على أن الجبهة الجنوبية مع أي توجه يحقن دماء السوريين، شرط أن يكون هناك ضمانات؛ كي لا يستغل النظام أي هدنة أو وقفًا لإطلاق النار، وقال: إن الفصائل المسلحة في جنوب سورية تخوض معارك هذه الأيام؛ لفتح الطريق باتجاه ريف دمشق الغربي، ونفى -بشكل كامل- الاتهامات التي توجّه إلى قيادة الجبهة الجنوبية بالتراخي، وقال: إن صمت الجبهات “التكتيكي” يعود إلى معطيات ميدانية ولوجستية، مرتبطة بالطبيعة العسكرية والسياسية في جنوبي سورية.
لا وجود لضمانات بشأن الهدنة
وكانت جبهة فتح الشام، بالتعاون مع كل من حركة أحرار الشام الإسلامية، وجماعة بيت المقدس، إلى جانب “مجموعات وكتائب أخرى من الجنوب”، وفقا لبيان الجبهة، قد أعلنت مطلع الأسبوع الجاري انطلاق “معركة قادسية الجنوب”، في القنيطرة ودرعا، وأعرب بعضهم عن خشيته من إمكانية استغلالها من النظام وحليفته روسيا؛ لإفشال الهدنة التي تم الاتفاق عليها بين موسكو وواشنطن، وتحميل مسؤولية فشلها وعدم الالتزام بها للمعارضة السورية في تلك المنطقة، وهو ما نفاه أبو غياث الشامي، المتحدث باسم تجمع ألوية (سيف الشام)، المنضوية تحت قيادة الجبهة الجنوبية، الذي قال في تصريح لـ (جيرون): “نحن لم ولن نسعى لإفشال أي مسار سياسي، أو حل مزمع من هذا الطرف أو ذاك، الهدنة التي تم الإعلان عنها من الأميركيين والروس، لم يصلنا -حتى اللحظة- أي شيء عنها، ولم يُخاطبنا أي طرف؛ ليوضح ما بنودها وترتيباتها، وما المناطق التي تشملها، وعن ضماناتها؛ كي لا يستغلها النظام كما حدث في كل المرات السابقة؛ بالتالي، لسنا نحن من ينبغي اتهامه بمثل تلك الاتهامات، هل أوقفت الهدنة المذابح بحق الشعب السوري؟ هذا السؤال برسم من يدور في فلك التوصيف السابق، نحن مع أي توجه يحقن دماء شعبنا، ويضمن له حقه في الحياة بكرامة على أرضه، وبكل الأحوال، المعركة فُتحت قبل الإعلان عن الهدنة، ونحن كفصائل الجبهة الجنوبية فوضنا الهيئة العليا للمفاوضات؛ للحديث باسمنا في الشق السياسي، واتخاذ القرار الملائم بعد التشاور مع الفصائل على الأرض”.
أهداف (قادسية الجنوب)
أكد الشامي أن “قادسية الجنوب”، هي امتداد للمعركة التي انتهت العام الماضي تحت اسم “وبشر الصابرين”، وتهدف إلى فتح الطريق بين تجمع بلدة “بيت جن” في الريف الغربي للعاصمة دمشق، وتجمع شمالي محافظة القنيطرة، ما يعني كسر حصار النظام للمناطق في الغوطة الغربية، واتصالها جغرافيًا بالجبهة الجنوبية (درعا والقنيطرة)، وأوضح: “تهدف المعركة للسيطرة على مجموعة سرايا عسكرية للنظام (طرنجة، العباس، الكتاف)، وكذلك مجموعة من التلال (un، التل الأحمر وغيرها)، وفي حال نجحنا بذلك، سننتقل للمراحل التالية، وصولًا إلى فتح الطريق باتجاه ريف العاصمة قريبًا، وأهمية المعارك في هذه المناطق أنها أقرب الأهداف إلى محيط العاصمة دمشق، وهو أكثر ما يرعب النظام”.
وعن الرسائل السياسية التي تحملها المعركة، أشار الشامي إلى أن على رأسها “رسالة دعم لمواقف الهيئة العليا للمفاوضات، بمعنى أننا في الجيش الحر، مازلنا في الميدان ومعاركنا مستمرة، سواء ضد النظام السوري، أو ضد تنظيمات الإرهاب والفكر الظلامي، التي يُمثلها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ومن والاه”.
لا خلافات والهدف هو النظام وحلفاؤه
تناولت وسائل الإعلام خلال تغطيتها للأحداث في سورية، الخلافات بين الفصائل ومساعيها لتصدر المشهد، والقضاء على كل من يقف في وجه خططها من الفصائل الأخرى، على الرغم من مشاركتها في المعارك ضد النظام، ولم يختلف الأمر عند الحديث عن معركة “قادسية الجنوب”، حيث بدأ منذ الساعات الأولى الحديث عن خلافات متصاعدة بين فصائل الجبهة من جهة، والفصائل الإسلامية من جهةٍ أخرى، وحول واقع الأمر، قال الشامي: “هذا الكلام غير صحيح، وحركة أحرار الشام هي جزء أصيل من شعبنا ومن ثورتنا العظيمة، ولا وجود للخلافات بيننا في الجبهة الجنوبية مع الحركة، فهم إخوتنا ونقاتل معًا في الخنادق، قد تكون هناك اختلافات بالأفكار أو الأيديولوجيا، وهذا أمر طبيعي وصحي، أما (جبهة فتح الشام) هناك بعض الخلافات مازالت عالقة، ولا سيما أن بعض من يحمل فكر الجبهة مازال حتى اللحظة يتهمنا بالعمالة والردة، وأحيانًا بالكفر، ولكن ردًا على الجميع الآن نحن نخوض معارك لها أهداف استراتيجية مع النظام، وإخوتنا في الجبهة موجودون في هذه المناطق، ويشاركون في المعارك، ولا مكان للخلاف والاختلاف؛ لأن عدونا واحد، وهو النظام وحلفاؤه الذين لم يتركوا شبرًا من بلادنا إلا وارتكبوا فيه مذابحَ بحق أطفاله ونسائه”.
وأوضح أن الفصائل المشاركة في المعركة هي “ألوية سيف الشام، جيش الأبابيل، فرقة عمود حوران، جيش المعتز بالله، لواء الكرامة، والفصائل الإسلامية كحركة أحرار الشام، وجبهة فنح الشام، وكتائب أكناف بيت المقدس وغيرها”.
أسباب صمت الجبهات جنوبًا
كيلت الاتهامات لفصائل الجبهة الجنوبية على خلفية عدم إشعال الجبهات مع النظام، و”تقاعسها” عن مؤازرة بقية المناطق، ولا سيما داريا، التي تم تهجير من بقي من الأهالي ومن المقاتلين بداخلها إلى إدلب شمالي البلاد، ووصلت تلك الاتهامات حد الحديث عن أن فصائل الجبهة الجنوبية لا تملك قرارها، ومرتهنة بشكل كامل للداعم الخارجي، ولغرفة العمليات الأميركية المشتركة في الأردن، وأن تلك تُملي عليها ساعة وحجم المعركة، الأمر الذي رفضة الشامي، وقال: “الصمت والركود الذي طال جبهات الجنوب السوري له أسباب وحسابات عديدة، لا علاقة لها بما تم كيله من اتهامات لفصائل الجبهة الجنوبية، وهذه الاتهامات تؤكد في كل مرة أن أصحابها لا يُدركون تعقيد الجبهات في جنوبي سورية، أو أنهم لا يريدون إدراكها خدمةً لتوجهات معينة مفروضة من هنا أو هناك، فثلث قوات النظام من الجيش النظامي والألوية والفرق موجودة على جبهات درعا والقنيطرة، إضافةً إلى استماتة النظام في الدفاع عن المناطق في الجنوب؛ لأنها خط الدفاع الأول عن معاقله في دمشق، دون أن يعني ذلك بأننا ننكر أخطاءنا وتقصيرنا أحيانًا، ولكن في الوقت نفسه، كيف لمن يعدّ نفسه جزءًا من هذه الثورة أن يتهم مهد الثورة السورية بالخيانة، أو الدخول في تفاهمات مصالحة مع النظام، نحن كنا وما زلنا في ساحات المعارك، ولكن لكل جبهة أوضاعها ومعطياتها الميدانية واللوجستية المرتبطة بها، والتي تتحكم إلى حد كبير في سير المعارك وأهدافها”.
قرار الجبهة الجنوبية وطني سوري
أكد الشامي أن ائتلاف الجبهة الجنوبية على تعاون مع من وصفهم بـ “الأصدقاء والأشقاء”، في غرفة الدعم (الموك)، ولكن قال: “قراراتنا هي قرارات وطنية سورية، دون أن ننكر التعاون والتنسيق معهم في ما يخص محاربة الإرهاب، ولا سيما مع استشراء خطر تنظيم (داعش) في ريف محافظة درعا الغربي”، وأضاف: “لكن أن نُتّهم بأننا لا نمتلك القرار، أو أنه تم مصادرة قرارنا من أي كان، فهذا مرفوض ويعبر عن ضيق أفق من يتبنى هذه الاتهامات، فنحن أصحاب القرار وأصحاب البندقية، ونحن من حدد المصير، وأؤكد بأن المعارك في الجنوب جاري التخطيط والإعداد لها. أما عن ساعة إطلاقها، فهذه لا يمكن التصريح بها، أو تحديدها بدقة مسبقًا”.