أدب وفنون

بوتين وحِمَاروِيه في مؤتمر العشرين

فلمّا منعوا جحا السوري من حضور قمة الدول العشرين في الصين؛ قال له مسؤول الحزب الشيوعي الرأسمالي:

– لا مشكلةَ لنا معكَ كسوريّ؛ لكنكَ لستَ عضوًا في اتحاد الصحافيين السوريين!

تنهَّدَ جحا: – بلى؛ لستُ عضوًا في اتحاد “صابر فَلحُوط”؛ ولستً عضوًا في اتحاد الصحافيين السوريين الأحرار الذي يرأسُهُ “بَاصِر فَحلوط”؛ أنا صحافيّ مُستقلّ؛ دَبِّرها يا رفيق.

فلمّا خرج يائسًا من تطبيع علاقاته مع الصينيّن؛ رأى حمارَهُ يتَمَختَرُ ببطاقة المؤتمر كصحافيٍ مُستقل؛ وعليها صورته؛ فصاح جحا به:

– كيف حصلتَ عليها؟!

نهق حمارويه مُنشرِحًا: – قدمت لهم كتابَ تكليفٍ من وكالة “حمارويه نيوز” وحين تريّثوا؛ نهقتُ بكلِّ حِبَاليَ الصوتية: – هل لديكم موقفٌ مُعادٍ لحقوق الحيوان؛ سأبلغُ “بان كي مون” شخصيًّا.

عَلّقَ جحا: – وشو صار؟!

تابع حمارويه: – اعتذروا؛ أخذوا بَصَمَاتِ حوافري لِدَواعٍ أمنيَّة؛ صَوَّروني؛ طبعوا البطاقة وعلّقوها برقبتي مع ألفِ اعتذار.

ردّ جحا حانقًا: – يمنعونَ صحافيًا مُخضرَمًا منذ 35 عامًا؛ ويقبلون حمارًا؛ هل اشتغلتَ في الصحافة قبلَ الآن؟!

نَهَقَ حمارويه: – لا تغلط بحقّي يا جحا أفندي؛ أنا ناشِطٌ إعلامي؛ وأنا أولُ مَن صَوَّرَ وبَثّ الفيديو الشهير عن “مجزرة الحمير” على يد شبيحة آل الوحش في سورية؛ ابحَث في “اليوتيوب”؛ سترى كم مِنَ الملايين شاهدوه؛ كم مِن المحطّات الفضائية تناقلته؛ وكم وثَّقَتهُ مُنظماتُ حقوقِ الحيوان؛ مُطالبةً بإحالةِ رأسِ النظام إلى محكمة الجنايات الدولية.

صاح جحا: – والمليون بني آدم سوري؛ الذين قتلهم بشار الوحش من مُعارِضِيه ومن مُؤيّدِيه؛ راحوا في خبرِ كان؟!

–  بالمشرمحي الفصيح يا جحا أفندي؛ مُعارضتنا الحِمَاريَّة غيرُ مُرتهنةٍ لأجنداتِ أحد؛ ترفسُ مباشرةً، ولا تحتفظ بحقّ الردّ؛ وحين لا يردّ علينا مجلس المافيا المُتحدة؛ نخترق جدارَ الصوت بملايين النهقات؛ هات؛ خَبِّرني ما نتيجةُ القَرقَعَة على الطناجر التي أفتى بها الشيخ العرعور؟!

بَلعَ جحا رِيقَهُ، وقد أُسقِطَ في يده؛ ثمّ هَمَسَ في أُذنِ حماره: – لا تتحرَّك هنا برعُونَةٍ؛ ففي الصين يأكلونَ كلَّ حيوانٍ يتحرّك؛ وإذا استدرجوكَ لينَحروكَ؛ تظاهر بأنك قد مُتّ؛ فهم لا يأكلون المِيتَةً والفطائِس.

– لا عليك؛ تلمّس ما بينَ أُذُنَيّ؛ وضعوا لي شريحةَ تَتَبُّعٍ إلكترونية.

ثمَّ أنّ الحمار تملّصَ من بين ذراعيّ صاحبه:

– حانَ موعدُ حِوَارِيَ الصحافيّ مع القيصر الصغير.

وتابعَ: – ثمّةَ قَيصَرَان في العالم حاليًا؛ القيصر الكبير الذي كَشَفَ صُورَ شهدائِنَا تحت التعذيب؛ والقيصر الروسيّ الصغير بوتين.

شَهَقَ جحا: –  تقصد بوتين شخصيًّا؟!

فنهق حمارويه: – تابِعني في الفندق على شاشات التلفزيون.

قال جحا السوري: – فلمّا التقاهُ؛ سألهُ؛ وهاهنا نَصُّ الحوار كاملاَ:

حِمارَوِيه السوري يسأل القيصر الصغير بوتين:

– يقول المُؤيّدونَ؛ بأنك حامي الأقليّات إلى الأبد؛ وليسَ الأسدَ الصغير؛ ماذا بشأن الأغلبية في سورية؟!
القيصر الصغير: – سنقصفها حتى تصيرَ أقليّةً؛ لِنَحمِيها من الإرهاب الإسلاميّ.

حمارويه: – أنتم من الأغلبية الروسية؛ أليس كذلك؟

القيصر الصغير: – بالتأكيد.

حمارويه: – كم أقليّةً لديكم في الاتحاد الروسي؟

القيصر الصغير: – روسيا؛ سورية؛ لا فرقَ بيننا سوى في ترتيب الحروف.

حمارويه: – على ذِكرِ الحروف؛ أولُ أبجديةٍ كانت سوريةً منذ 5 آلاف عام؛ حيثُ تقصفنا تمامًا؛ هل ستُصبِحُ اللغة السلافية لغةً رسميةً لسورية المُفيدة؟

القيصر الصغير: – إذا قرَّرَت أقليَّاتُ أغلبيتِكُم؛ وأغلبيَّةُ أقليّاتِكُم؛ الانضمامَ إلى الاتحاد السلافيِّ الأرثوذكسي المُقدَّس؛ فلا مانع لدينا.

حماروية: – أُذكِّرُكَ أيضًا؛ بأن السيدَ المسيح وُلِدَ في بلاد الشام؛ وليسَ في بطرسبورغ؛ وبأننا أولُ الأرثوذكس

في العالم كُلِّه؛ هل ستبني قصرًا صيفيًّا لكم في معلولا؟

القيصر الصغير: – مياهُ معلولا باردة جدًا؛ أنا أكرَهُ الثلجَ؛ أكرهُ الجليدَ؛ أكرهُ سيبيريا؛ أكرهُ القُطبَ المتجمّد الشماليّ؛ أحِبُّ مُمارسةَ الكاراتيه تحت شمس المتوسط، حيث النفطُ والغازُ والمياهُ الدافئة.

حمارويه: – ونحنُ مستعدون لِلّعب الكاراتيه معك؛ اربط حِزَامَكَ حولَ خَصرِكَ جيدًا؛ ليس هناك حزامٌ يستقرُّ حولَ الخصرِ إلى الأبد.

عندها تدخّل لافروف وزيرُ خارجية القيصر؛ قائلًا لِحِمَارَويه:

– لنعقد اتفاقَ جنتلمان؛ حتى لا تتأثرَ مُفاوضاتُ جينيف ومَسِيرةُ السِلمِ العالميّ.

فنهق حمارويه: – هاتها؛ يا لافروف.

قال لافروف: – يُمنَعُ الضَربُ تحت الحِزَام؛ وبخاصةٍ الرَفسُ بين الفخذين.

نهقَ حمارويه: – وتعاطي المُنشِطات أيضًا كفريقكم الأولمبيّ؛ ألن تكفُّوا عن حَقنِ بشار الوحش بها؛ بعدَ تلكَ الفضيحة ؟!

ثم نهضَ حِمَارَوِيه السوريّ والقراقوش بيلاطيسَ الروسيُّ صعودًا إلى الجُلجُلَة.

 

*- من حكايات جحا السوري وحماره وقراقوش.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق