قال “ميخائيل بوغدانوف”، نائب وزير الخارجية الروسي، اليوم (الجمعة): إن اتفاق موسكو وواشنطن حول سورية لا يشمل مصير الأسد، ولا يتناول المرحلة الانتقالية في سورية، مؤكدًا -بذلك- الشكوك التي حامت حول الاتفاق بأنه، في الغالب، محاولة من الدولتين الكبريين؛ لتعويم النظام السوري ورأسه، ويُدعّم كلامه هذا مخاوف المعارضة السورية التي تخشى من أن يكون الاتفاق بداية لإنهاء المقاومة المسلّحة، تمهيدًا لفرض الأمر الواقع على السوريين.
ونقلت وكالة “نوفوستي” الروسية عن بوغدانوف قوله: “إن الاتفاق الروسي – الأميركي الذي تم التوصل إليه في جنيف، في 9 أيلول/ سبتمبر الجاري، لا يتضمن مصير بشار الأسد، أو العملية الانتقالية في البلاد؛ لأن تلك مسألة سورية بحتة”، وشدّد على عدم وجود أي خطط سرية بديلة بشأن الملف السوري.
ووفق وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، فإن الولايات المتحدة هي التي رفضت الإعلان عن بنود الاتفاق بشأن سورية، وفضّلت إبقائها سرية.
وفي هذا السياق، بات من المؤكد أن تفاصيل بنود الاتفاق الأميركي – الروسي حول سورية، محصورة بين الولايات المتحدة وروسيا؛ فحتى الدول الأوربية الكبرى الفاعلة والتي لها علاقة بالحرب السورية مٌستبعدة من معرفة التفاصيل، وبالطبع، مستبعدة أيضًا المعارضة السورية من ذلك.
من جهته، طالب وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك أيرولت، بنشر بنود الاتفاق الروسي – الأميركي، واشترط الاطلاع على بنود هذا الاتفاق حتى تستطيع فرنسا دعمه، ودعا واشنطن إلى اطلاع حلفائها على نص الاتفاق.
إلى ذلك قالت مصادر دبلوماسية أوربية رفيعة المستوى: إن ألمانيا وبريطانيا أيضًا لا تعرفان تفاصيل الاتفاق الروسي – الأميركي، وليس فرنسا وحدها، وأوضحت أن الأمر لا يقتصر على وزارات الخارجية بل على وزارت دفاع هذه الدول أيضًا.
كذلك، نفى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، علمه بمضمون الاتفاق الأميركي – الروسي، ونفى بدروه المبعوث الأممي الخاص إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، علمه بأي تفاصيل أو بنود، وكأنه ليس المعني الأول أمميًا بملف الأزمة السورية.
ومن المعروف أن الهيئة العليا للمفاوضات، التابعة للمعارضة السورية، لا تعرف تفاصيل الاتفاق، وتلقت، هي والفصائل المسلحة، ملخصًا بسيطًا عن الاتفاقية، وعلى الرغم من أن هذا الملخص غير واضح، إلا أنها أعلنت ترحيبها بالاتفاق مع تقديمها بعض التحفظات!
الاتفاقية المعنية أجازها وزيرا الخارجية، الأميركي والروسي، في 9 أيلول/ سبتمبر، وتحتوي على خمس وثائق تم التوصل إليها بين الجانبين؛ بغية وقف الأعمال العدائية، وحشد الجهد لمحاربة التنظيمات “الإرهابية”، وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وجبهة فتح الشام (النصرة سابقًا).
وحول السرّية التي تفرضها روسيا والولايات المتحدة على هذا الاتفاق، قال المعارض السوري محمد صبرا، عضو الوفد المفاوض، على موقعه الإلكتروني الخاص: “هذا يعني ببساطة أن أميركا مُحرجة من بنود الاتفاق التي تخفيها عن حلفائها، وهذا أيضًا يعني أن معارضتنا العتيدة رحبت باتفاق، وأعلنت التزامها به دون أن تطلع عليه، اللهم إلا إذا قال أحد (أبطال) المعارضة أنهم أقوى من فرنسا، وأنهم يعرفون بنوده، بينما وزير خارجية فرنسا المسكين لا يعرف، الموافقة على شيء لا تعرفه، يصدر إما من ساهٍ أو لاهٍ أو عابثٍ أو متعمد، أو من هؤلاء جميعًا” وفق تعبيره.
وتقضي البنود (المُعلنة) أن يتم إبعاد المتقاتلين وأسلحتهم من طريق الكاستيلو شمالي حلب، ودعوة المعارضة للنأي بنفسها عن “جبهة فتح الشام” وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وتقترح إقامة مركز مشترك أميركي – روسي لتبادل المعلومات.
وتقول المعارضة السورية إن ما أُعلن من الاتفاقية لا يشير إلى الميليشيات الطائفية التابعة لإيران وللنظام، مثل حزب الله اللبناني، وميليشيات أفغانية وعراقية تُقاتل في سورية إلى جانب النظام، وتسمح للنظام بالاستمرار بقصفه العشوائي في العديد من مناطق سورية، ولا تشير إلى الانتقال السياسي بأي شكل كان.