اختتم “مركز وتد للتنمية والتدريب” قبل أيام، في جنوب دمشق، فاعليات مشروع “ولنا صوت الحياة”، بحفل ترفيهي للأطفال مع عائلاتهم، وبمشاركة القائمين على المشروع، الذي يأتي في إطار المحاولات العديدة والمتواصلة من المركز، وغيره من التجمعات في المنطقة؛ لدعم الأطفال نفسيًا، والسعي لإخراجهم من أجواء الحرب والدمار التي تسيطر على الواقع السوري، من الجنوب إلى الشمال، ومشروع “لنا صوت الحياة” محاولة طموحة من داخل الحصار؛ لإثبات أن الحياة ممكنة، وهناك من يتمسك بها على الرغم من كل بؤس الواقع المُعاش، علّ أحدًا يلتقط الصدى، ويعيد ترجمته إلى لغة تصل إلى من بيده صناعة القرار، لربما يترك مقاعد المتفرجين وينتج سلوكًا يسهم في إنقاذ الإنسانية داخل سورية، ويُفلح في إقناع المحاصرين هناك، بأن شيئًا من ضمير العالم مازال على قيد الحياة.
برامج ونشاط المشروع
غالبًا ما تعتمد مثل هذه المشروعات على مجموعة من البرامج والفاعليات، تجمع بين التعليمي والترفيهي، ضمن ما صار يُعرف بـ “التعلم عن طريق اللعب”، كأسلوب لتعزيز الصحة النفسية للأطفال وترغيبهم في التعلم كأساسٍ وحيد؛ لضمان مستقبل أفضل، وعن برامج مشروع “ولنا صوت الحياة”، قال عبد الله الخطيب، منسق مركز وتد للتدريب والتنمية لـ (جيرون): “اعتمد المشروع على أنشطة وبرامج تعليمية وترفيهية، تصدت لها مجموعة من المتطوعين الشباب في المنطقة، فعلى صعيد التعليم، ركز العمل على دورات محو الأمية، وأخرى على تعليم اللغة الإنكليزية وقواعد اللغة العربية، إضافةً إلى دورات في تحفيظ القرآن الكريم، أما على صعيد الترفيه، فتضمن المشروع نشاطًا متنوع الفاعليات، بناءً على رغبة الأطفال؛ فكان لدينا نشاط خاص بالرسم، وآخر يُعنى بالمسرح والكورال الغنائي، إضافة إلى الدورات الكشفية، وجانب خاص بالشعر والإلقاء”، مشيرًا إلى أن عدد الأطفال المستفيدين من المشروع تجاوز الـ 300 طفل من مناطق جنوب دمشق المختلفة.
نقل الفرح إلى الأطفال
أكد الخطيب أن الأهداف هي المساهمة في نقل الفرح إلى نفوس الأطفال، وأوضح، قائلًا: “يمكن القول: إن أهداف المشروع تتمحور حول مساعدة الأطفال (الأميين) على تعلم القراءة والكتابة، بما يساعدهم في الالتحاق بالمدارس واكمال تعليمهم، ما يعني تعويض النقص في العملية التعليمية المتعثرة -أساسًا- من جراء أحوال الحصار، إضافة إلى رسم الابتسامة على وجوه الأطفال وتحويل أنظارهم عن مشاهد الحرب والدمار، وتنمية قدراتهم، واكتشاف مواهبهم ومساعدتهم في تطويرها”.
وأكّد أن المشروع يأتي في سياق الدعم النفسي للأطفال ومحاولة تعويضهم، وبث الفرح في نفوسهم وتحصينهم من الانجرار إلى التجنيد والانقياد إلى ساحات المعارك، أو الغرق في العادات والتقاليد السلبية، بما يساعد في رسم صورة أفضل أو أجمل عن المستقبل، على الرغم من الواقع الصعب بتفاصيله اليومية، وقال: “نحن نسعى لمساعدة الأطفال في اكتشاف ذواتهم وتنمية قدراتهم، ومن جهةٍ أخرى، تعزيز روح التمرد الإيجابي على قيود المجتمع الرثة، من خلال النقاش والحوار واللعب معهم، بالتالي؛ تساهم هذه المشروعات -إلى حد ما- في التخلص من ثقافة المناطقية البغيضة، عبر التواصل مع أهالي الأطفال للحوار حول الأخطاء الشائعة الناتجة عن تصورات مسبقة، مبنية على أنماط اجتماعية تقليدية، قد تصل أحيانًا إلى حد إصدار فتوى دينية خاطئة، لا أساس شرعيًا صحيحًا لها، بل ترتكز على رغبة أو مزاج من أصدرها”.
ثقة الأطفال بالمستقبل
رأى الخطيب أن الطفل هو أساس المستقبل، وتحقيق مستقبل أجمل لا يشبه الحاضر الذي نعيش، يحتاج توعية وتنمية وتثقيف أطفالنا، وأضاف قوله: “رسالتنا هي -أولًا- لأطفالنا، بأن يثقوا بقدرتهم على صناعة المستقبل، وثانيًا للمجتمع المحلي، بأن يساعدنا في رسم ابتسامةٍ على وجوه الأطفال داخل أسوار الحصار، وثالثًا للمجتمع الدولي، بأن ينظر إلينا نحن -المغيبين- في هذا الحصار، وأن يرى أطفالنا ومالهم من قدرات ومواهب، فعلى الرغم من هذا الواقع البائس، وما يكتنزه من ألم وأوجاع، كان ومازال، وسيبقى (لنا صوت الحياة)، ورسالتنا وصلت إلى لأطفال، على أقل تقدير، وبنسب أقل إلى المجتمع المحلي. أما دوليًا، فأعتقد أن أحدًا لا يريد السماع بقصصنا أو أوجاعنا وأحلامنا”.
وعن المقبل من مشروعات، أكد الخطيب -في هذا السياق- أن مركز وتد يسعى حاليًا لإنشاء مركز، يُعنى بالطفل على الصعد كافة، تزامنًا مع العمل على برامج مشتركة لتوعية الأهالي والأطفال، بما يساهم في إشاعة ثقافة مجتمعية بعيدة عن المناطقية، تعيد بناء جسور التواصل بين مختلف أبناء هذه المنطقة، عن طريق الأطفال الذين لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا في هذا الحصار.
جدير بالذكر أن مركز “وتد للتدريب والتنمية” أسسته -في العام 2012- مجموعة من الشباب في مخيم اليرموك جنوبي العاصمة السورية دمشق، وكان له العديد من البرامج التدريبية في مجالات الإعلام والمسرح، والتنمية المجتمعية وغيرها.