تشهد مدينة بورصة التي تُعدّ رابع أكبر المدن في تركيا، واقعًا سيئًا جدًا فيما يخص تعليم الطلاب السوريين، حيث يشتكي الأهالي من عدم وجود مدارس لتعليم أبنائهم، في ظل عدم اكتراث المسؤولين الأتراك لمطالباتهم بافتتاح مدارس خاصة للطلاب السوريين المقيمين في المدينة.
يعيش في بورصة الواقعة في إقليم بحر مرمرة، بالقرب من مدينة إسطنبول، نحو 97 ألف لاجئ سوري، وفق الإحصاءات الرسمية التركية، على الرغم من بعدها عن الحدود السورية – التركية، وذلك، لكونها مركزًا صناعيًا مهمًا في تركيا، تتوافر فيه فرص عمل كثيرة، تجذب اللاجئين السوريين، إضافة إلى رخص إيجار المنازل، مقارنة بالمدن التركية الأخرى، كمدينة اسطنبول والمدن القريبة من الحدود السورية – التركية، حيث حازت بورصة على المرتبة الأولى من بين المدن التركية الأكثر ملائمة للمعيشة، وذلك لما تتميز به من وفرة فرص العمل، إلى جانب المعيشة الرخيصة؛ ما جعل منها نقطة جذب للعديد من السوريين الفارين من ويلات الحرب.
لكن هذا الواقع الجيد للمدينة لم ينعكس على المسألة التعليمية التي أصبحت تشكل هاجسًا ملحًا للاجئين السوريين، بسبب عدم استجابة المسؤولين الأتراك في المدينة لطلبات السوريين بتوفير مدارس خاصة لتعليم أبنائهم؛ ما دفع العديد من الأهالي للزج بأبنائهم في سوق العمل، بغية تعليمهم المهن اليدوية، لتعويض فشلهم في إكمال التعليم، إضافة إلى مساعدة أهاليهم في تأمين مستلزمات الحياة الغالية نسبيًا في تركيا، وذلك في ظل إهمال واضح من المنظمات الدولية المختصة، والتي يقول الأهالي أنها تركز جل اهتمامها على المدن الرئيسة، التي يوجد فيها نسبة كبيرة من السوريين مثل اسطنبول، وغازي عينتاب، وأورفة، على الرغم من أن أعداد السوريين في بورصة يقارب الـ 100 ألف.
عبّر بعض السوريين في المدينة عن استيائهم من موقف الحكومة التركية، في ما يخص التعليم في المدينة، مؤكدين أنهم قاموا بمراجعة الدوائر الحكومية التركية المختصة في المدينة، دون الوصول إلى نتيجة، حيث شكل حاجز اللغة نقطة سلبية في عدم القدرة على نقل معاناتهم بشكل حقيقي، كما اشتكوا من عدم اكتراث الائتلاف، والحكومة السورية الموقتة، وبالخصوص وزارة التربية، في متابعة موضوع التعليم مع الحكومة التركية، مطالبين في الوقت ذاته المسؤولين السوريين بالتدخل؛ لإيجاد حل سريع، خاصةً أن العام الدراسي الجديد على الأبواب، وذلك أسوة بباقي المدن التركية التي يوجد فيها اللاجئون السوريون.
وقال جودت فضلي، والد أحد الأطفال اللاجئين: “إنه أرسل ابنه الصغير إلى المدرسة التركية، لكنه لم يستفد شيئًا، حيث وُضع الطلاب السوريون في صفوف خاصة، واقتصر الكادر التدريسي على أستاذ تركي لا يتقن اللغة العربية، يعطيهم درسًا واحدًا في اللغة التركية يوميًا، وهو ما دفعه أسوة بكثير من الأهالي للامتناع عن إرسال ابنه إلى المدرسة”.
من جانب آخر، قال زهير الأحمد (مدرس رياضيات)، المقيم في بورصة: “لقد راجعنا مديرة التربية في المدينة أكثر من مرة، بغية تسجيلنا كمُدرّسين في مدارس السوريين، لكن لم يكن هناك أي جدية في التعاطي مع الموضوع، حيث سُجلت عناويننا، وأرقام هواتفنا، لكن لم يتواصل معنا أحد حتى الآن، وعند استفسارنا عن القرار الصادر من الحكومة التركية بتعليم الطلاب السوريين باللغة العربية، أسوة بالمدن الأخرى، قالوا لنا: لا علم لنا بهذا القرار”.
وأضاف الأحمد: “إن أغلب الأهالي اتجهوا إلى إرسال أبنائهم للعمل، خاصة طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية؛ بسبب فشل العملية التربوية، فانقطاع الطلاب عن المدرسة لعدة سنوات، دفع الأهالي لتعليم أبنائهم مهنًا معينة؛ بغية تأمين مستقبلهم، على الرغم من وجود العديد من الطلاب المتفوقين الذين كان من الممكن أن يستكملوا تحصيلهم العلمي بنجاح”.