قضايا المجتمع

السجل المدني جنوب دمشق بديلًا عن مؤسسات النظام

تعرّضت الحياة المدنية في المناطق السورية المحررة والمحاصرة خلال الحرب الدائرة، إلى عملية تدمير منهجية من النظام السوري، طالت الحقوق المدنية الأساسية للمواطن السوري، وخرّبت مراكز التوثيق الرسمية، بما فيها من وثائق تخص السوريين جميعًا.

في المقابل، لا توجد في كثير من المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة، خطط حقيقية؛ للمحافظة على البيانات، وتوثيق الوقائع المدنية، في ظل الحاجة الماسة إلى ذلك، مع غياب واضح لدور الحكومة الموقتة التابعة للمعارضة السورية على الأرض، إلا أن وجود بعض المبادرات الشخصية، من بعض الناشطين في الداخل السوري، أفضى إلى إنشاء مؤسسات مدنية، بغية تعويض الفراغ الحاصل؛ نتيجة ضعف العمل المنظم.

تعيش معظم أحياء وبلدات جنوب دمشق المحاصرة، حالة من الفوضى والفراغ المؤسساتي، وقد أنشأ عدد من الناشطين سجلًا مدنيًا (السجل المدني في جنوب دمشق)؛ ليكون بديلًا عن مؤسسات الدولة التي غيّبها النظام بعد فقدانه السيطرة على هذه المناطق، وعدها الأهالي نقلة جوهرية ونوعية في مسار التخطيط السليم للعمل المؤسساتي، وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وعدوه واحدًا من المشروعات الجديدة المفيدة لتنظيم الحياة المدنية في جنوب العاصمة.

وفي هذا السياق، قال عاطف أبو الخير، مدير السجل المدني في جنوب دمشق، لـ (جيرون): إن سبب إحداث مثل هذا السجل المدني الموقت “حاجة الأهالي والسكان الذين لا يستطيعون الخروج إلى مؤسسات النظام لأسباب أمنية، إلى وثائق ثبوتية وتوثيق الحالات الاجتماعية، فضلًا عن فقدان كثير منهم، وثائقه الثبوتية والشخصية، نتيجة أعمال الحرق والقصف، التي طالت كثير من منازل المدنيين، إضافة إلى عمليات النزوح الجماعية التي تعرض أهالي بلدات سبينة وغزال وحجيرة، عقب اقتحام قوات النظام، وسيطرتها على تلك البلدات أواخر العام 2013”.

يعمل السجل المدني، الذي يتّخذ من بلدة يلدا مركزًا له، على تثبيت عقود الزواج والطلاق، وحل المشكلات الزوجية، ضمن مكتب الأحوال الشخصية، إضافة إلى تسجيل الولادات، وإصدار البيانات العائلية، التي تساعد في عملية إحصاء عدد السكان داخل المنطقة، وتوثيق الوفيات والمفقودين، والمعتقلين لدى النظام السوري، ضمن مكتبي التوثيق والأرشفة، في حدود الإمكانيات البسيطة المتاحة.

يسعى القائمون على هذه المؤسسة، إلى تعويض كل من فقدَ وثائقه الشخصية، بوثائق موقتة تُثبت شخصيته، شرط التعرّف إليه، من لجان الكشف المحلية، أو حضور شهود محلفين إلى مركز السجل.

على الرغم من أن العمل قد قطع مراحل متقدمة، كما يقول أبو الخير، إلا أن هناك عددًا من المشكلات والعقبات التي تعيق تطويره، أهمها -في رأيه- “ضعف الموارد المالية”، ونوّه إلى “ضرورة تقديم الدعم من الهيئات والمؤسسات الإغاثية والمدنية، لتعويض المصاريف المترتبة على السجل، الذي يقدم -بدوره- الخدمات بشكل شبه مجاني، تلبيةً لحاجة المواطنين الماسّة إليه”.

يلقى السجل المدني في جنوب دمشق، إقبالًا كبيرًا من الأهالي، بوصفه الجهة الرسمية الوحيدة، التي تُصدر البيانات المعتمدة داخل المنطقة المحاصرة، من معظم المؤسسات الإغاثية والصحية والتعليمية، إضافة إلى المجالس المحلية.

يعدّ الأهالي إنشاء السجل المدني خطوة جيدة نحو تهيئة مؤسسات بدلًا من من مؤسسات النظام، ولتفادي استمرار الفراغ المؤسساتي الحاصل في جنوب دمشق، منذ بداية انطلاقة الثورة السورية، منتصف آذار/ مارس من العام 2011.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق