اقتصاد

التكلفة الاقتصادية لأحداث 11 أيلول/ سبتمبر

بعد أكثر من 15 عامًا من أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001، ومازالت الولايات المتحدة الأميركية تحاول تعويض كل خسائرها الاقتصادية التي مُنيت بها، حيث أدى تفجير برجي التجارة العالمي إلى توجيه ضربة اقتصادية، وهزة كبيرة على مقياس الاقتصاد الأميركي، ليس فقط لأنها تسببت بسقوط برجي التجارة العالمي، بل لأنها أجبرت الولايات المتحدة الأميركية على إتباع نهج وسياسة جديدة في العالم، تتمثل في زيادة الأمن الداخلي، وتحويل المشكلات الداخلية إلى الخارج، واحتلال بعض الدول، وتحمل نفقات هذا الاحتلال.

فالاقتصاد الأميركي قبل أحداث 11 أيلول/ سبتمبر غير الاقتصاد بعدها، فانهيار البورصة وانخفاض أسهمها وتأثر السياحة الأميركية، والاستثمارات الأجنبية في أميركا، وتضرر معدلات نمو الاقتصاد، إضافة إلى الأموال الطائلة التي أنفقتها السياسة الأميركية على ما يسمى بمكافحة “الإرهاب”، جميعها تحديات واجهت الاقتصاد الأميركي، وأرجعته إلى الخلف خطوات كثيرة، كما اضطرت الإدارة الأميركية إلى نشر المزيد من قواتها، خارج حدودها، كل تلك الأمور أدت إلى تدهور الاقتصاد الأميركي الذي لم يكن قويًا بالدرجة المطلوبة؛ للوقوف في وجه مثل هذه التحديات والهزات الاقتصادية الكبيرة.

معدلات النمو الاقتصادي

بلغ إجمالي الخسائر لانهيار برجي مركز التجارة العالمي في هجمات 11 أيلول/ سبتمبر نحو 100 مليون دولار؛ لأن المباني احتوت على صناديق وودائع لأعمال وتحف فنية قديمة وقيمة جدًا، وتم الانتهاء من تنظيف موقع الحادث رسميًا بشكل كامل، في 30 أيار/ مايو 2002، استغرق خلال هذه الفترة 3.1 مليون ساعة عمل لتنظيف 1.8 مليون طن من الحطام بتكلفة إجمالية بلغت 750 مليون دولار.

كما أعلنت شركات أميركية عالمية عديدة إفلاسها، ومن أهمها شركة “أنرون” النفطية العملاقة، وشركة “وورلد كوم” للاتصالات، وشركة “ميديكال ليندر” للخدمات الصحية والمالية، كما ألغت شركة الطيران المدني “أميركان إيرلاينز” أكثر من 7 آلاف وظيفة، وخفضت من أسطولها الجوي، كما قامت الولايات المتحدة الأميركية باحتلال أفغانستان ومن ثم العراق، ورصدت لتلك الحرب ميزانيات ضخمة؛ لتحقيق هذا الهدف، حيث رصدت مبلغًا، وصل إلى أكثر من 87 مليون دولار؛ لتمويل الحرب على العراق.

خسائر قطاع التأمين

يعد قطاع التأمين الأكثر تضررًا في أحداث 11 سبتمبر، فقد تعرضت شركات التأمين العالمية وشركات إعادة التأمين لضربة قوية جدًا، بسبب التزامها بدفع تعويضات للشركات والأفراد الذين تأثروا بالحادث، وتعد أحداث تفجير برجي التجارة العالي أقوى ضربة في تاريخ التأمين، وخاصة في الولايات المتحدة، ويقدر الخبراء هذه المبالغ ما بين 30 و60 مليار دولار.

أدت السياسة الأمنية الناتجة عن أحداث 11 أيلول/ سبتمبر إلى تأكل المخزون المالي الفيدرالي لأميركا، وتقليص الفائض المالي الذي كانت الولايات المتحدة الأميركية تملكهُ، إضافة إلى إحجام كثير من المستثمرين ورؤوس الأموال إلى إقامة مشروعات اقتصادية داخل أميركا، بالتالي؛ ازدادت نسبة البطالة بين الشعب الأميركي.

في حين كشفت دراسة أمنية أن العالم أنفق خلال عشر السنوات بعد تفجير البرجين، أكثر من 70 مليار دولار، لتعزيز إجراءات الأمن الداخلي المتزايدة، ما ساعد ذلك الإنفاق إلى تقليص هجمات الإرهاب العالمي بنحو 34 بالمئة، لكن المعدل السنوي لضحايا الإرهاب ازداد بواقع 67 قتيلًا.

تقارير دولية

أشار البروفسور كاثرين لونر بجامعة براون الأميركية الذي كان من المشرفين على الدراسة الخاصة بتكلفة الحرب على الإرهاب التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، إلى أن إجمالي تكلفة الولايات المتحدة لحربها على الإرهاب في (العراق وأفغانستان وباكستان) وصل إلى نحو 4.4 تريليون دولار، إضافة إلى نحو 8 تريليونات دولار فائدة الديون على الحرب المتوقعة خلال الـ 40 عامًا المقبلة، وتقدر هذه الدراسة أن التكاليف المترتبة على الحرب في العراق نحو 2.21 تريليون دولار، بينما بلغت كلفة الحرب في أفغانستان وباكستان نحو 2.15 تريليون دولار.

فيما أشار التقرير السنوي لمؤشر السلام العالمي 2015 إلى ارتفاع واردات الشرق الأوسط من السلاح إلى 61 بالمئة، في حين وصل الإنفاق الدولي على الأمن الداخلي إلى 4.2 تريليون دولار، و6.2 تريليون دولار على الانفاق العسكري في العالم، وأضاف التقرير أن الخسائر الناتجة عن الصراعات والحروب وصل إلى 742 مليار دولار، وتكلفة “الإرهاب” في العالم وصلت إلى 13.6 تريليون دولار.

تكلفة غزو العراق

بينت رئيسة المجلس الاقتصادي القومي للرئيس الأميركي السابق جورج بوش، لورانس ليندسي، لصحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية، أن الحرب الأميركية على العراق ستكلف ما بين 100 مليار إلى 200 مليار دولار خلال السنوات المقبلة، فيما أشار التقرير الصادر عن منظمة “غلوبال ريسيرش” للأبحاث، في مدينة مونتريال الكندية، في دراسة تابعة لجامعة هارفارد كيندي، أُعدت للإدارة الأميركية، قالت فيها: إن الحروب الأميركية في أفغانستان والعراق خلال عشر السنوات بلغت كلفتها نحو 6 تريليونات دولار، أي: نحو 75 ألفا لكل أسرة أميركية.

ووصل عدد القوات الأميركية في العراق بعد ستة أشهر من غزو العراق، بحسب الكونجرس الأميركي، إلى نحو 149 ألف جندي، وبنهاية كانون الأول/ ديسمبر 2003 تراجع العدد إلى نحو 124 ألف جندي، واستمر على هذا المستوى حتى كانون الثاني/ يناير 2007، وبعد تولي أوباما رئاسة البيت الأبيض في كانون الثاني/ يناير 2009 ومراجعة إستراتيجية الولايات المتحدة في كل من العراق وأفغانستان، قامت بتحويل مهمة القوات من القتال إلى دور استشاري وتقليص عددهم إلى نحو 141 ألف جندي؛ حتى وصلوا بحلول أيلول/ سبتمبر 2010 لنحو 50 ألف جندي.

الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)

تحدثت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” أن تكلفة الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) يوميًا تصل إلى 12.1 مليون دولار، فيما وصلت تكلفة العمليات العسكرية إلى 8.7 مليار دولار خلال 724 يومًا، وقدر متوسط تكلفة العمليات اليومية لأميركا في حربها مع التنظيم إلى 797 مليون دولار، في حين وصلت كلفة الطلعات الجوية الرامية لضرب التنظيم في الساعة الواحدة إلى 58 ألف دولار أميركي من طائرات بي1، و39 ألف دولار من طائرات اف 15، و68 ألف دولار من طائرات اف 22.

بالتالي فإن الإدارة الأميركية تحاول جاهدة توفير السيولة المادية، وتغطية حروبها من خلال إشغال وضرب وجلد منطقة الشرق الأوسط العربية بالسوط الأميركي، بعناوين ومسميات كثيرة كمحاربة “الإرهاب” أو تطهير العالم من “الإرهاب”، وغيرها من العناوين الرنانة والطنانة؛ لكي يستطيع من خلال نتائج هذه المصطلحات الدخول إلى المنطقة، ونهب خيراتها واغتصاب أرضها وتدميرها سياسيًا واقتصاديًا؛ لتعويض خسائرها الاقتصادية والعسكرية والسياسية التي تورطت فيها الإدارة الأميركية خلال الـ 15 عامًا الماضية.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق