نهاد قلعي الخربوطلي، الكاتب والمخرج والممثل الكوميدي، الذي اشتُهر بلقبه الفني “حسني البورظان”، كان أحد مؤسسي التلفزيون والمسرح والسينما، وأسس لكوميديا سورية، زرعت البسمة على شفاه كثيرين، وصار من روادها، وتميّز، إلى جانب موهبته، بخُلق رفيع؛ فرفض التملّق لأصحاب القرار، وفي مرحلة لاحقة، صار ضحية لهم ولأذرعهم الوضيعة.
وُلد في دمشق عام 1928، لأسرة لها شأنها في الفن والأدب، فعمه الأديب بديع حقي، وأمه بدرية العطري ابنة عم أديب الصحافيين عبد الغني العطري، وخاله الفنان توفيق العطري أحد مؤسسي المسرح.
شارك في المسرح المدرسي، ثم أسس تجمعًا مسرحيًا للشباب تحت اسم “النادي الشرقي”، ضمّ بعض روّاد المسرح كخلدون المالح، وعادل خياطة، وسامي جنابو، وقدّم مسرحياته في سورية ومصر، وتم تكليفه -خلال الوحدة بين سورية ومصر- بتأسيس المسرح القومي وإدارته عام 1959؛ فصار المؤسس الفعلي لهذا المسرح في سورية، وتعرف على الممثلين: دريد لحام ومحمود جبر، وأطلق على لحام لقب “غوار مشعل الطوشة”، وابتدأ يكتب لهذه الشخصية مع شخصيته (حسني البورظان)، وفي عام 1967 كتب سيناريو المسلسل الكوميدي “حمّام الهنا”، ثم مسلسل “مقالب غوار”، فمسلسل “صح النوم”، وأسس لاحقًا “فرقة تشرين” مع آخرين، وقدّم مسرحية “ضيعة تشرين” للكاتب محمد الماغوط.
ابتكر حارة “كل مين إيدو إلو”، واختصر من خلالها وطنًا ضاق عليه كثيرًا، وبقي متمردًا حتى تم الاعتداء عليه بعنف، من أحد شبيحة النظام السوري المُبكّرين، بداية ثمانينيات القرن الماضي، في أحد مطاعم دمشق، قام بضربه بكرسيٍ على رأسه، ما أدى إلى إصابته بشلل نسبي، رافقه حتى وفاته، وبقي الجاني طليقًا محميًا من النظام، وبدا أثر ذلك واضحًا على أعمال قلعي اللاحقة، التي أصر على متابعتها على الرغم من مرضه.
انتقل إلى بيروت مطلع التسعينيات، وأقام في غرفة بسيطة، وتفرغ لكتابة نصوصٍ مصوّرة للأطفال، كي يعيل أسرته ويؤمّن ثمن دوائه، إلى أن وافته المنيّة عام 1993؛ ليودّعه مُحبّوه وجمهوره في جنازة غاب عنها رجال السلطة، ورفاق دربه الفنّي، ممن قبلوا أن يكونوا من بطانة النظام وصلبه.