تحقيقات وتقارير سياسية

رئيس “حزب العدالة والتنمية” السوري: كثرة الأحزاب حالة ليست صحيّة

أكدّ عمر شحرور، رئيس “حزب العدالة والتنمية” السوري، أن الفصائل الثورية تواجه صعوبات متعدّدة، وينقصها التحصّن بالعلم والمعرفة، وشدد على ضرورة أن تكون الثورة فكرًا قيميًا وعقيدة، وانتقد تقصير القوى التي تُقدّم نفسها على أنها ثورية، وعدّ كثرة الأحزاب حالة سلبية، بينما رأى في تنوعها حالة إيجابية.

وقال شحرور لـ (جيرون): “يتخلّل عمل جميع الفصائل على الأرض السوريّة مشكلات موضوعية وذاتية كبيرة جدًا، تنبع من غياب الفكر العلمي الثوري عن عدد كبير من الثوار في الفصائل المختلفة، ويشمل هذا قوى الثورة والمعارضة في الخارج أيضًا، التي لم تُقدّم برنامجًا وطنيًا حتى اليوم، بل تعيش حالة المُنفعِل بالحدث، ولا تستطيع حتى اللحاق به، فضلًا عن فسادها المعلن في العديد من مؤسساتها، ولم يُتح أو يُسمح للمُنظّرين والمُفكّرين العمل على نشر الفكر الثوري العقائدي، الذي يأخذ بتحليل الظواهر، وإعادة تركيبها، لإيجاد الحلول المعاصرة، بل اكتفى كثيرون بنقلٍ أتوماتيكي لتاريخ الإسلام، وحاولوا إنتاج حالات مشابهة أو متقاربة، على الرغم من استحالة ذلك”.

وشدّد المعارض السوري على أن هناك تقصيرًا من كل القوى التي تُقدّم نفسها على أنها ثورية، وهي في الحقيقة لم تفعل شيئًا للثورة، وقال: “هناك كثير من المتعلمين والمثقفين في الفصائل الإسلامية والديمقراطية والليبرالية، غادروا سورية إلى تركيا وغيرها، وآثروا الحياة الآمنة والرغيدة، تاركين الثوار يتخبّطون في ضياع فكري تكفيري إقصائي متزمت، وصعوبات في القيادة لا يستطيعون إيجاد الحلول لها، وقد انعكس ذلك في صراعات بين بعض الفصائل، وفي انقسامات داخلها”.

وأشار شحرور إلى أن حزبه (حزب العدالة والتنمية)، المُحدث منذ ثلاثة أعوام، يسعى لبناء فكر توحيدي، يجمع قوى الثورة لكي تنتصر، واستثنى الائتلاف منها؛ إذ قال “الائتلاف، ومنذ تشكيله، لم يكن ثوريًّا، ولم يخدم الثورة السورية، بحكم طبيعته وبنيته، وقد قلنا للإخوة الأتراك ذلك، فمنذ البداية رفضنا الانضمام إليه، ولن نفعل ذلك، وقلنا رأينا في أنه مؤسسة غير ثوريّة، وبالتالي؛ تركيبة غير متجانسة وغير محبّبة وغير مقبولة بمعظمها من شعبنا، وذلك لسمعة أعضائها السيئة، كما أن مؤسساته -في الداخل- لم تظهر عليها النزاهة، في الوقت الذي استولت فيه على مصير الحكم، مُحدثةً صراعًا بينها وبين الفصائل الثورية”.

وعن الأحزاب التي نشأت في ظل الثورة، أكدّ على أنها “ضرورة”، ولكنها في الحالة السورية لم تؤدي الأغراض المرجوّة منها، وتحوّلت من مؤسسات أيديولوجية قيمية، إلى هيئات ربحية تنتظر الدعم من المنظمات الدولية، وقال: “لم يعتد السوريون لأكثر من نصف قرن على العمل السياسي الأخلاقي، ولم يرَ الشعب السوري أو يسمع عن المعارضة إلا في أحلامه، وبالتالي؛ لم يتشكّل لديه الوعي السياسي الضروري لإنشاء الأحزاب، كما أن ممارسة العمل السياسي -في شكله الحزبي- يحتاج إلى مناخ الحرية والديمقراطية المفقودة، والذي خرج الشعب السوري باحثًا عنها في آذار/ مارس 2011، ولم يجدها إلى الآن، وبالتالي؛ ونتيجة لعوامل كثيرة، بعضها رغبوي، وآخر مصلحي، وثالث لدافع خارجي، تم تشكيل كثير من الأحزاب والكتل السياسية، وبعضها نتج عن اتفاقات غير منسجمة؛ حتى أصبح لدينا ما يسمى بالدكاكين الحزبية، فكثير من المجموعات شكّلت أحزابًا أو تيارات، ما لبثت أن انتهت بانتهاء التمويل”.

وتابع: “نحن نرى أن كثرة الأحزاب حالة سلبية، ولكن تنوعها مع محدوديّتها حالة إيجابية ومفيدة، وندعو إلى تيارات حقيقية لمجموعات الأحزاب التي لا تختلف في منهجها الفكري السياسي إلى تشكيل جبهة وطنية واسعة، تلتفّ حول برنامج وطني واسع، يضع في أهدافه تحرير سورية من الاحتلالات الثلاثة: (الأسدي، الروسي والإيراني)، وإقامة مجتمع مدني لشعب حر واحد، يستطيع إعادة إعمار سورية، ويعيد المهجّرين، ويبني المستقبل السوري الموحّد، بالعدل والمساواة بين الجميع دون تمييز”.

وأعرب عن أمله في أن تكون هناك مشاركة بين حزبه (حزب العدالة والتنمية)، والأحزاب الإسلامية المعتدلة الأخرى التي تنطلق من الدين والمعرفة، وقال: “نسعى إلى تنسيق الجهد ما أمكن، من خلال خدمة أبناء شعبنا السوري في الداخل وفي الشتات، كما نتواصل مع الإخوة في حركة الإخوان المسلمين، ونتحاور معهم على أرضية مشتركة، وهي الوسطية والاعتدال، والانطلاق في رسم السياسية وتنفيذها وفق مصالح الشعب كافة، على الرغم من ملاحظاتنا أداءهم وعلاقاتهم ومواقفهم في بعض المسائل”.

وعن التدخل التركي الأخير في سورية، عبر عملية “درع الفرات”، عدّ التدخل إيجابيًا، وقال: “لم تنتصر ثورة في القرن الماضي، دون دولة حليفة قوية ومأمونة، تمدّ الثورة بأسباب الصمود والنصر”.

وأعرب عن استيائه من موقف عديد من الدول العربية، وقال “مصالح أميركا والغرب مع العالم الإسلامي والعربي كبيرة، ونحن لا نستفيد مما نملك من أسلحة بين يدينا، لأن معظم قادة العالم الإسلامي وخاصة العربي، هم صنيعة ودُمى بيد أميركا والغرب، ولكننا نأمل أن تكون التجربة السوريّة درسًا قاسيًا وموجعًا لهم؛ لكي يسلكوا طريق الحق منذ البداية”.

Author

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق