سورية الآن

التوترات الأمنية ذريعة مثلى للتخلص من مخيمات لبنان

شهد مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، جنوبي لبنان، تدهورًا أمنيًا ملحوظًا خلال الأيام الماضية، إثر اغتيال المدعو سيمون طه، وهو سائق سيارة أجرة، برصاص مجهولين اثنين، قرب سوق للخضروات داخل المخيم، وهو في طريق عودته إلى منزله، حيث أكد شهود عيان أن المغدور تلقى ما يقارب 100 رصاصة من المسلحين اللذين لاذا بالفرار.

حادثة الاغتيال أشعلت المخيم، فاندلعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة المتوسطة والخفيفة، بين مقاتلي حركة فتح، ومجموعة بلال بدر المقربة من جماعة الأنصار، ودامت لساعات طويلة، تخللتها انفجارات قوية، ناجمة عن استخدام الأطراف المتقاتلة للقنابل اليدوية وقذائف صاروخية، قبل أن يسيطر الهدوء النسبي على المخيم مع فجر الخميس الفائت.

وكانت الفاعليات المدنية، داخل المخيم، قد أعلنت إضرابًا شاملًا؛ ردًا على الأحداث التي تكررت في الآونة الأخيرة، دون طرح أي حلولٍ جذرية، وفي هذا السياق، صرح اللواء منير المقدح (فتح) لوسائل الإعلام، بأن الجهات الأمنية -داخل المخيم- لن تسمح بأن يتحول عين الحلوة إلى مأوىً للقتلة والخارجين على القانون، كما أنها لن تسمح بأن يكون المخيم أسيرًا لعصابة مرتهنة لأجندات خارجية، وسيتم إلقاء القبض على أي شخص متورط في حادثة الاغتيال أيًا كان هذا الشخص وأيًا كانت الجهة التي ينتمي إليها.

مصادر أهلية من داخل المخيم لم تعول كثيرًا على هذه التصريحات، وأكدت بأنه دائمًا ما يتم حل مثل هذه المسائل بناءً على تسويات عائلية أو فصائلية وهو ما يفاقم الأوضاع أكثر، إذ تحكم المخيم قاعدة أمنية قائمة على التراضي، دون حل حقيقي للقضية ومسبباتها، أو دورٍ فعال للجنة الأمنية يساعد على تفعيل دور القانون، وشعور الأهالي بالحماية وعدم الخوف على أبنائهم.

هذه التطورات الأمنية داخل مخيم عين الحلوة، سبقتها أحداث مشابهة في مخيم البداوي، شمالي لبنان، إذ حاصرت حواجز الجيش اللبناني مداخل المخيم، عقب إشكال حدث خارج المخيم، بين مجموعة من الشبان، بعضهم من أبناء البداوي، وانتهت بمقتل لبناني على الأقل؛ ليحتمي بعض المتسببين بعائلاتهم داخل المخيم.

دفعت هذه الأحداث الفصائل الفلسطينية إلى إعلان حالة الطوارئ والاستنفار؛ خوفًا من تكرار سيناريو مخيم نهر البارد، قبل سنوات، والتي انتهت بتدمير المخيم وتهجير سكانه، وتوصلت الفصائل إلى تسوية مع الجيش، بعد أن سلمت الأولى أحد المطلوبين في القضية للثاني؛ ليقدم على رفع الحواجز عن مداخل ومخارج المخيم.

أعاد ما يجري في مخيمات لبنان فتح ملف اللاجئين الفلسطينيين على مصراعيه، إذ يرى العديد من العاملين في الشأن العام الفلسطيني، أن المنطقة تشهد تطورات كبرى، ستفضي إلى تغييرات جذرية في شكل وبنى النظم والدول بداخلها، وبالتأكيد ستشمل هذه التغييرات الملف الفلسطيني.

بعضهم يعدّ أن مشروعات التسوية المُزمعة في الشرق الأوسط، لم تعد تحتمل بقاء رمزية المخيمات الفلسطينية، وحق العودة للاجئين، وبالتالي؛ لا بد من الخلاص من هذا الملف نهائيًا، تماشيًا مع التسويات المقبلة، وهو ما يعني حكمًا -وفق رأيهم- أن مثل هذه الأحداث ستتكرر، وتُشكل -في لحظةٍ ما- ذريعةً لأعمال عسكرية شاملة، تُفضي إلى دمار المخيمات وتفريغها سكانيًا وسياسيًا.

أصحاب وجهة النظر تلك، عدوا أنه لا يمكن فصل ما يجري في مخيمات لبنان، عما يحدث في مثيلاتها داخل سورية؛ لأنه -بحسب وجهة نظرهم- مثلما ستكون التسويات شاملة، في لحظة نضوجٍ سياسي داخل مطابخ القوى الكبرى، فإن مقدماتها ستكون كذلك، وهو ما جعل ملف اللاجئين الفلسطينيين بتعقيداته وتشعباته، بات الآن قضية هامشية، ولا سيما مع تراجع دور منظمة التحرير الفلسطينية، وتآكل أدواتها وأطرها وانحسارها داخل كانتونات محاصرة في الداخل المحتل، الأمر الذي ترك المخيمات ضعيفةً، ولا يمكنها الصمود في وجه السيل الجارف للتغييرات الجارية في المنطقة.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق