تحقيقات وتقارير سياسية

صحفية كردية تُمنع من دخول سورية وتتعرض للضرب

يتعرض الصحفيون والإعلاميون في منطقة (الإدارة الذاتية) الكردية بشمال سورية، لضغوط ومضايقات عديدة؛ الأمر الذي يضاعف ظروف عملهم الصعبة ومخاطر تواجدهم على جبهات المعارك.

هذه المضايقات طالت الصحفية رنكين شرو مراسلة قناة (روداو) الكردية، والتي مُنعت يوم أمس (الخميس) من العودة إلى مسقط رأسها بلدة (كركي لكي)، وحرمانها من زيارة عائلتها؛ حيث قامت قوات (الأسايش) “الشرطة المحلية بالإدارة الذاتية” والمُشرفة على معبر سيمالكا من الجهة السورية؛ بمنعها من العبور، واعتدوا عليها، على الرغم من إنها حامل وأجبروها العودة الى إقليم كردستان.

وفي مقابلة تلفزيونية مع قناة (روداو)، قالت الصحفية رنكين إنها كانت تنوي الدخول لزيارة أهلها وليس بقصد القيام بالعمل الصحفي.

منع واعتدا

بعد أن أكملت رنكين اجراءات عبورها رسميًا وحصلت على الموافقة من قبل موظفي الجمارك من طرف (الإدارة الذاتية)، كان والدها في مُقدّمة مستقبليها، لكنها استُدعيت مرة ثانية من قبل أمن (الأسايش) وأخبروها بقرار المنع وإعادتها الى (إقليم كوردستان)، وذكرت رنكين في مقابلتها التلفزيونية أن “عناصر الأسايش سخروا مني بشدة لعملي في قناة روداو بكلمات نابية، واعتدوا علي ومزقوا ثيابي”.

بدورها استنكرت شبكة (روداو) الإعلامية الحادثة، وقالت في بيان نُشر بعد الحادثة إنّ مراسلتها “لا تستحق الضرب والإهانة ومنعها من زيارة أهلها ومنطقتها، للأسف هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها صحفيو شبكة (روداو) الإعلامية في منطقة الإدارة الذاتية في سورية للعنف والإهانة”، وأعربت الشبكة عن قناعتها بأن صحفيوها “يدفعون ثمن مهنيتهم في تغطية الأحداث في سورية”.

أشعلت قضية الصحافية رنكين صفحات موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك)، وأثارت ردودًا ومواقفًا متباينة. وكتب الناشط المدني شيار عيسى على صفحته الشخصية “لا أستغرب، ولا أنتظر إلا هكذا تصرفات من مجموعة امتهنت العنف كثقافة، ولم تؤمن يومًا إلا بلغة القوة في تعاملها مع معارضيها”.

فيما كتبت شيرين إبراهيم، المذيعة في راديو (ارتا إف إم)، على صفحتها الشخصية “المشكلة ليست فيمن باع أدنى ذرة من الرجولة والإنسانية، وتطاول على رنكين شرو؛ المعضلة والطامة الكبرى هي أولئك الذين يراقبون متشفين وكأن التطاول على إعلامية هو من المكملات الغذائية لفلسفتهم”.

لكن هوزان فرحان خليل، كتب على صفحته “يعني ما دخلت رنكين شرو عمرينها، وإذا ما قدرت تضب لسانها فجّرها وارميها للطرف الآخر، إجراء عادي، هي في قناة معادية وإذا لم تكن تحمل نفس الفكر فهي ترتزق منها”.

ردود رسمية

أدان مركز (برجاف) للحريات والإعلام العمل ووصفه بـ “غير المسؤول”، ولفت أنه “يجب التمييز بين العمل الصحفي والمشهد السياسي. والكف عن تسيس كل مفاصل الحياة”، وطالب المسؤولين في (الإدارة الذاتية) إعادة النظر في قرارهم المُجحف ومحاسبة المسؤولين عن إهانة الصحفية رنكين.

أما الصحفية روناك شيخي، مراسلة وكالة (الاتحاد برس)، والكاتبة في مجلة (سيدة سورية)، فقد قالت إن “جميع هذه التهم الموجّهة إلى الصحفيين تحت ذريعة مطالب عوائل الشهداء غير مقبولة”، وأردفت أن “العمل الصحفي في (روج آفا) “منطقة الجزيرة” ينقصه الكثير من الحرية، عملنا رقابي ونحن لا نملك أي صلاحية لمراقبة المؤسسات، وليس لدينا حق في الاستقصاء فنحن غير فاعلين كسلطة رابعة”.

وتابعت ” أصدرت الإدارة الذاتية قانونًا للإعلام يمنع فيه التعرض للإعلاميين، ومنحهم حرية العمل بموجب تراخيص، ومع ذلك، هناك الكثير من الخروقات كالنفي والسجن وحالات الإهانة التي طالت الإعلاميين من قبل مؤسسة (الأسايش)، كان آخرها الاعتداء على زميلتنا رنكين ومنعنها من دخول بلدها”.

وتنص المادة (43) من العقد الاجتماعي الذي وضعته (الإدارة الذاتية) الكردية على أنه “لكل مواطن حق التنقل والانتقال وحرية السفر”، وتضمنت المادة (32) من قانون الإعلام الخاص بهذه الإدارة “يُعاقب كل شخص أيًا كانت صفته، وفق قانون العقوبات العامة للمقاطعة، إذا أهان صحفيًا أو إعلاميًا أو تعدّى عليهما بسبب عملهما أو في اثنائه”.

من جهتها، انتقدت (المنظمة الكردية لحقوق الإنسان – داد) الاعتداء بحق الصحافية رنكين، واعتبرت في بيان لها هذا العمل “مخالف لكل المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ويُعدّ انتهاكًا سافرًا لحق التنقل والإقامة والذي يعتبر حق من حقوق الإنسان”.

رفض الممارسات

المحامي محمد خليل، رئيس (المنظمة الكردية – داد) قال في تصريح لـ (جيرون) إن الاعتداء على الإعلامية رنكين “هو انتهاك للفئات الخاصة التي تتمتع بحماية القانون الدولي الإنساني وقت النزاعات المسلحة الداخلية والخارجية”، وشددّ على أنه “لا يجوز لأي جهة مسلحة الاعتداء على الصحفيين باعتبارهم يتمتعون بحماية خاصة وقت النزاع نظرًا لطبيعة عملهم”.

بيدا أنّ طه حامد، السياسي الكردي المُقرّب من (الإدارة الذاتية) الكردية، كتب على صفحته بموقع (الفيس بوك) “المرأة في أدبياتنا وفلسفتنا، وفكر قائدنا تعني المجتمع كله، تعني الحرية والحياة، فكيف تُهان هكذا!؟”، وأضاف “هي دخلت بشكل رسمي وتم تدقيق وثائقها، دون أن يكون لها اسم في أرشيف الممنوعين والمطلوبين”، وتابع “لا يوجد أي تقرير أو تصريح صحفي لهاا فيه عدوانية أو تآمر على (الإدارة الذاتية)، والحادثة مخالفة للقوانين وللعقد الاجتماعي المعمول به في مناطق هذه الإدارة”.

غير أنّ الصحفي سير الدين يوسف، مدير إذاعة (بيشفرو إف إم) وفي لقائه مع (جيرون) قال إنّ “حزب الاتحاد الديمقراطي يسيء الى إدارته بهذه الممارسات؛ والتي من المفترض انها لكل الناس على اختلاف اطيافهم ومشاربهم السياسية”، واعتبر أن المنطقة الكردية “أفضل منطقة للعمل الصحفي في سورية، إلا أن الإعلام الكردي المحّلي لايزال يخضع للتجاذبات والمناكفات السياسية بين طرفي الصراع، وهما المجلس الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي”، وختم “رنكين مواطنة ومن حقها المجيء الى بلدها وزيارة أهلها، ومن يمنعها يُثبت على نفسه أنه بعيد عن قيم الإنسانية، وهكذا ممارسات لا تفعلها حكومات تحترم نفسها وكرامة مواطنيها”.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق