مصطلح استخدمه -لأول مرة- الفيلسوف الإسكوتلندي، جيمس فريدرك فيرير، لوصف أحد فروع الفلسفة المعنية بطبيعة ونطاق المعرفة، وتفسيرها بإيجاز، وكيفية الحصول عليها، والصلة بينها وبين الحقائق الموجودة من حولها، كما يُعرف الفيلسوف الفرنسي، أندريه لالاند، الأبستمولوجيا -في معجمه الفلسفي- بأنها فلسفة العلوم، وهي كلمة يونانية الأصل، تتألف من قسمين episteme بمعنى: معرفة، وlogos بمعنى: علم أو دراسة.
تهدف نظرية الأبستمولوجيا إلى الإجابة عن نمط معين من الأسئلة، مثل: كيف لنا أنْ نفهم مفهوم السّبب أو المُبرر، وما الذي يَجعل الأمور أو الأعمال المُبررة لا بأس بها، ومن برَّرها، أي بمعنى أنَّ نظرية الأبستمولوجيا، أو نظرية المعرفة، تُعنى بالقضايا التي لها علاقة بخلق ونشر المعرفة في مجالاتٍ معيّنة.
تُعدّ الأبستمولوجيا -اليوم- من الموضوعات الفلسفية الأكثر حيوية، والأشد ارتباطًا بالعلم، وتشابكًا في نسيجه، وإنها المشهد الفلسفي الذي يعكس التبدلات العلمية في البناء المعرفي، وهي فوق كل هذا، المقياس الذي يكشف انتماء البناء الفلسفي إلى روح العصر، أو بالعكس، يعلن عن إدراجه في خانة من خانات التاريخ الثقافي والمعرفي.
النجاحات الباهرة التي حققتها علوم الطبيعة، في مجال الفيزياء والكيمياء، كانت سببًا في تراجع الفلسفة، التي كانت تُعدّ أم العلوم، وهو ما انعكس على الأبستمولوجيا، التي كانت تعرف في الماضي خطابًا فلسفيًا حول العلم، فيما صار معناها -بعد انفصام العلوم عن الفلسفة- إلى خطاب علمي حول العلم، أو دراسة علمية للعلم، فيما تسبغ النظرية العلمية الحديثة على الأبستمولوجيا معنى أكثر جدوى، وتَسِمُها بأنها بحث نقدي حول مبادئ العلوم، وعلاقتها بالإنسان والعلوم والمجتمع والطبيعة، فالعالم يبقى عالمًا إذا أنتج فرضيات، وأجرى تجارب للتأكد من صحتها، لكنه يصبح أبستمولوجيًا عندما يتساءل عن تأثير هذه الفرضيات وتجاربها على تصوراتنا للواقع والحقيقة، لذلك؛ يمكن القول بأن أهم مشكلات الأبستمولوجيا -في الوقت الراهن- بطرحها إشكالية علاقة العلم بالواقع، فالنظريات العلمية الحديثة ترفض الدراسات الأرسطية، وتتحفظ على النظرة العلمية المادية، وفحوى النظرية الجديدة هي دراسة المشكلات الأبستمولوجيا الأساسية، القائمة على العلاقة بين النظريات العلمية في الواقع المحسوس.
اهتم العلماء العرب بنظريات المعرفة، وبالخصوص علماء المعتزلة والأشعرية، كابن سينا وابن رشد والغزالي، وتُقسم نظرية المعرفة العربية والإسلامية إلى ستة عناوين: القضايا الأولية، القضايا التجريبية، قضايا الاستبطان، القضايا المقبولة، القضايا الأخلاقية، والبراهين والاستدلالات. أما في الغرب فتنقسم إلى: الفلسفة الوضعية، والفلسفة التفسيرية، والفلسفة الواقعية.