قضايا المجتمع

عبد السلام العجيلي: الطبيب والوزير والأديب

تُرجمت معظم أعماله إلى لغات عديدة، كالإنكليزية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والروسية، ودُرِّست بعض أعماله في الجامعات والمدارس العربية، ويُعدّ مرجعًا من مراجع الأدب العربي، وصار أصغر نائب في البرلمان السوري، ثم وزيرًا، للثقافة والخارجية والإعلام، وتطوع للدفاع عن فلسطين، وشارك في حرب ضدها، وبقي ملتصقًا بالبسطاء حتى آخر أيامه.

عبد السلام العجيلي، ولد في مدينة الرقة عام 1918 شمال شرقي سورية، و ذهب للتطوع في الثورة الفلسطينيّة ضدّ الإنكليز عام 1937 بعد حصوله على الثانوية، تخرج من كلية الطب بجامعة دمشق عام 1945، وصار عضوًا في البرلمان عام 1947، وشارك العجيلي مع الجيش السوري ضمن القوات العربية التي خاضت الحرب ضد إسرائيل، وتطوّع ومعه عدد من أفراد عائلته، في جيش الإنقاذ الذي ذهب لطرد الاحتلال الصهيونيّ من فلسطين عام 1948، قبل دخول الجيوش العربيّة إليها، وكان حينئذ نائبًا، والتحق بالقتال كطبيب ومحارب، ثم تولى عددًا من المناصب الوزارية، حتى عام 1962.

أصدر أول مجموعاته القصصية عام 1948 بعنوان بنت الساحرة، وكانت له مجموعات أخرى، مثل ساعة الملازم، وقناديل إشبييلية، وصار أحد أهم أعلام القصة والرواية في سورية والعالم العربي، وباتت كتاباته من أغنى وأهم الروايات الأدبية العربية في تاريخ الأدب العربي.

ذكر العجيلي -في كثير من الأحاديث- أن الأدب بالنسبة له “هواية”، لكنه مع هذا أنجز فيه أكثر من خمسة وأربعين كتابًا، جمع فيها حصيلة ما عاشه وما رآه، ولخص تجربته في الحياة والسياسة والطب.

بقي العجيلي بالرقة، على الرغم من تعدد وجوه حياته وإغواءات المدينة والسلطة وتجوال العالم، وظلت عيادته مفتوحة هناك، وظل مرضاه دائمًا ينتظرونه إلى أن يعود من مهمة جديدة، أو رحلة، أو من مشاركة في انقلاب في العاصمة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.

نُشرت أعماله في أكثر الدوريات السورية انتشارًا، وكتب في كل الألوان الأدبية، القصة والرواية والمقالة، ومن أهم مجموعاته: الحب والنفس، الخائن، رصيف العذراء السوداء، عيادة في الريف. أما أهم إسهماته في الرواية فكانت: باسمة بين الدموع، قلوب على الأسلاك، أزاهير تشرين المدماة، ألوان الحب الثلاثة، وفي أدب الرحلات: حكايات من الرحلات، دعوة إلى السفر.

تغنى الكثير من الكتاب العرب والأجانب بكتاباته، واعتبر أحد أعلامه الأدب في سورية والعالم العربي، بل والعالمي، ولعل عالمية أدبه تظهر من خلال ترجمة العديد من أعماله للكثير من اللغات، وقال البروفسور المستشرق الفرنسي جاك بيرك إن رواية العجيلي “قلوب على الأسلاك” جديرة بأن تُصنّف بين أقوى ما ظهر من نوعه في الأدب العربي المعاصر، عما أنتجه في الجيل نفسه، أمثال نجيب محفوظ وجبرا ابراهيم جبرا، ويقول الأديب الفرنسي جان غولميه: “غوته وستاندال وفلوبير، أسماء أعلام في الأدب مشهورة، وعبد السلام العجيلي يستحق أن يُشبّه بأساتذة فن الرواية الكلاسيكي هؤلاء”، وقال الباحث الإنكليزي لويس يونغ: “استوفى العجيلي في مقاماته جميع المقاييس الكلاسيكية، فمقاماته ليست إحياء للشكل الأدبي القديم فحسب، بل حياكة في نول قديم، بخيط جديد”.

كان العجيلي يعشق السفر، وجاب العالم من آسيا إلى أوروبا والأميركيتين، إلا أنه بقي في داخله ذلك الفتى الأصيل، الذي لا يطيق ابتعادًا عن مدينته الرقة، وأتقن كيف يحيا، وتوفي في 5 نيسان/ إبريل 2006 ودُفن في مسقط رأسه مدينة الرقة.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق