أدب وفنون

الهستيريا الروسية في سورية

لن تكون حلب الشاهد الأخير على إجرام روسيا و”النظام السوري”، فالصمت الدولي عن المجازر التي يرتكبها تحالف الشر (روسيا والنظام السوري وإيران) في سورية، هي بمنزلة ضوء أخضر لارتكاب مجازر جديدة، تكون أكثر فظاعة من المجازر التي تشهدها مدينة حلب هذه الأيام، فعجز المجتمع الدولي عن التوصل إلى حل، ينهي هذا الجنون الحاصل في سورية، سيدفع ثمنه الشعب السوري في كل يومٍ دمًا ودمارًا، مع ارتفاع واضح في منسوب العنف الذي يُمارس من “النظام” وحلفائه، ضد الشعب الثائر، عبر استخدام الأسلحة المحرمة دوليًا، والقذائف الارتجاجية ذات القدرة التدميرية العالية.

يبدو أن تقدم فصائل المعارضة في الريف الشمالي لمدينة حماة، قد وضع النظام وحلفاءه في حالة توتّر، بعد أن أصبح واضحًا ضعف إمكانات “النظام” العسكرية؛ بسبب استنزاف جيشه على مدى ستة أعوام. فهذا الجيش تحول إلى ميليشيات مأجورة، تأتي من الخارج للقيام بمهمّات قتالية لصالح النظام، وهذه المليشيات لا تكفي للقتال على كامل الجبهات في سورية، وظهر ضعف إمكانية جيش النظام جليًا بُعيد التقدم السريع الذي أحرزته كتائب المعارضة في المعارك الدائرة في ريف مدينة حماة، بعد أن استطاعت كتائب المعارضة كسر الحصون، والدفاعات المتقدمة لـ “النظام”، والتي كان أحد نتائجها وصول المعارضة -للمرة الأولى منذ انطلاق الثورة السورية المسلحة- إلى المناطق والقرى الموالية للنظام.

جاء القصف “الجنوني” لطيران النظام السوري وحليفه الروسي على مدينة حلب، كإعلان نهاية العمل بالهدنة الهشّة التي وضعتها أميركا وروسيا، مع استمرار استهداف الطيران للمدنيين على مدار ستة أيام؛ مخلّفة أعدادًا كبيرة من الضحايا من جراء هذا القصف، عبر استخدام القنابل العنقودية والقذائف الارتجاجية.

في كل يوم ترتفع وتيرة القصف بشكل أكبر، مع ارتفاع أعداد الشهداء من المدنيين. حتى المستشفيات لم تسلم من قصف الطيران، لحرمان الجرحى من العلاج، كردة فعل انتقامية على الصمود الأسطوري لأهل حلب في وجه آلة القتل التي يديرها “النظام” وحليفة الروسي، وصدر كثير من المناشدات لفتح ممر آمن لجرحى القصف الهمجي؛ بسبب عدم قدرة المستشفيات على التعامل مع الأعداد الكبيرة من الجرحى، لكن دون جدوى.

لم تعد روسيا جزءًا من الحل في سورية، ولا يمكن أن تكون وسيطًا في أي حل مستقبلي هناك، إذ لم تكتف بدعم “النظام” سياسيًا من خلال سعيها لتبرير الحرب التي يشنها ضد الشعب السوري، بل أصبحت تقود الطلعات الجوية واستهداف المدنيين في سورية، عوضًا عن “النظام”، وارتكاب روسيا المجازر بحق المدنيين في مدينة حلب، وضعها في موقع حرج، كما وضعها في دائرة الاتهام بارتكاب جرائم حرب، على حد تعبير بعض القوى، والمنظمات الدولية التي شاركت في الجلسة الطارئة، التي عقدها مجلس الأمن يوم الأحد في نيويورك؛ لبحث التصعيد العسكري على مدينة حلب.

ما يفعله النظام السوري وحليفه الروسي هو تحويل مدينة حلب إلى ساحة معارك، وهذا ما توضحه الحملة الإعلامية التي سبقت الحرب العسكرية، من أجل استقطاب أكبر قدر من كتائب المعارضة العاملة في الشمال السوري، لتسهيل مهمة استهداف هذه الكتائب والقضاء عليها، والتخفيف عن مناطق أخرى يتم الهجوم عليها من هذه الكتائب، وخصوصًا بعد اقتراب المعارضة من مطار حماه العسكري، ومن جانب آخر تعمل روسيا؛ لإشعال الشمال السوري وصولا إلى الحدود التركية، من أجل قطع طريق طموحات الحكومة التركية التي تنوي إقامة منطقة آمنة على حدودها الجنوبية مع سورية.

في هذا الوقت، يُطالب السوريون الدول والمنظمات الدولية أن تترجم الانتقادات التي وجهتها لروسيا، في الجلسة الطارئة لمجلس الأمن، إلى أفعال، والعمل على تمرير قانون أممي يقضي بحماية المدنيين، وتصويب النظر نحو أصل المشكلة، المتمثل ببقاء بشار الأسد في سدة الحكم.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق