الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلتقي المسؤولين الصينيين لدى وصوله قبل بداية قمة العشرين في هانغزو، الصين 3 سبتمبر. في بلاده، حصل بوتين على شعبية تجاوزت الـ 80 في المئة في استطلاع للرأي
واشنطن، 26 أيلول/ سبتمبر: من المتوقع أن يشاهد 100 مليون من الأميركان، وربما عدد مقارب له من بلدان أخرى، المناظرة الرئاسية يوم الإثنين بين هيلاري كلينتون، ودونالد ترامب. ومن المتوقع أن تكون مناظرة حامية. ولكن بغض النظر عن كيفية سير المناظرة، ما لا يمكن للمتنافسَين أن ينالاه هو ما استطاع فلاديمير بوتين تحقيقه في روسيا في انتخابات مجلس الدوما الأسبوع الفائت.
مع تقدير شعبية بنسبة أكثر من 80% ، والحصول على أصوات 343 مقعدًا في الدوما، من أصل 450، تجاوز بوتين أكبر انتصار انتخابي لأي رئيس في تاريخ أميركا.
بالطبع، روسيا ليست أميركا. ولم يقم بالتصويت إلّا 47 في المئة فقط من الناخبين الروس، وهو أدنى من المعدل الأميركي. وكذلك جاءت تقارير عن أسماء مزيفة صوتت بالآلاف في الاستطلاع. وكذلك قد تعامل بوتين بقسوة مع معارضيه، سواء السياسيين منهم أم في الإعلام. ومع ذلك، ورغم تلك السلبيات، فقد حقق بوتين السلطة، بشكل أو بآخر، عبر صندوق الانتخاب، وعبر شعبية حقيقية أمكنني رؤيتها في رحلتي الأخيرة إلى موسكو.
ومن وجهة نظر أميركية، فالطريقة الوحيدة لنيل ذلك، هي عبر حكم صلب وقبضة حديدية، وتكتيكات قاسية أحيانًا، لحاكم مطلق. فمع كل ذلك، لا يزال الاقتصاد الروسي هشًا، وتكلف الحرب في سورية مبالغ طائلة، في ما يبدو أنها مطحنة تعمل من دون توقف.
وبالطبع، يمكن لاستطلاعات الرأي، وتصويت الدوما، أن تكون مرتبة أو مزورة، مثل ما حذر أحد المرشحَين الرئاسيَين الأميركيَين من الطريقة الوحيدة التي قد يهزم فيها (أي تزوير الانتخابات في أميركا). لا شك في أن بوتين طوّر عبادة الفرد في روسيا كما فعل ستالين. لكن تلك، كانت السبب في إطاحة خليفة ستالين فيما بعد، نيكيتا خروتشوف. رغم ذلك، فالدعم الشعبي لبوتين يبدو بالفعل قويًا وعميقًا، أقوى بكثير من شبيهه في أميركا لأي من المرشحَين، كلينتون، أو ترامب.
والأسباب جلية. أولًا، على المستوى العالمي، يريد الروس رئيسًا يملك مظهر القوة، وذكيًا إن لم يكن حادّ الذكاء، ويتخذ من الإجراءات ما هو الأفضل لمصلحة بلاده. ويملك بوتين الصفات المذكورة كلها.
وثانيًا، لكل بلد دوافعه الخاصّة، والمختلفة عن غيره، فيما يخص تقييم قادته. فلدى الروس شعور بانعدام الأمان، جمعي، عميق، وخفيّ، يصل إلى جيناتهم، ويعود بالتاريخ إلى أزمان اجتياحات التتار والمغول. ويعم في روسيا اعتقاد أن بلادهم يجب أن تُحترم على نطاق عالمي. ويعتقد الروس بامتلاكهم ثقافة فريدة. ويفهم بوتين ذلك كله جيدًا.
ثالثًا، لدى الروس تاريخ أليم مليء بأزمات كبرى، وكوارث عامة، سواء تحت حكم القياصرة، أم الحزب الشيوعي، أم المحتلين الأجانب. ويلوح الخطر نفسه اليوم، من الاقتصاد الهش. والسؤال هنا، هو كم يمكن للروس أن يتحملوا من المعاناة في زمن التواصل المباشر بين البشر، حيث يقارن الروس مستوى حياتهم بغيرهم في بلدان أغنى. ويعرف بوتين ناخبيه جيدًا. ربما مكنه تدريبه في جهاز الاستخبارات السوفياتية (لجنة أمن الدولة، أو الـ KGB) إلى جانب تعليمه، من أن يصبح خبيرًا في كل من تصدير نفسه كشخصية عامة، وإتقان لعبة السياسات المحلية، باستخدامه لتلك المعرفة على أرض الواقع، وبالتالي إقناع مواطنيه بدعم قيادته. بعض الشروحات التي تجيب عن سؤال نجاح بوتين وبقائه في الحكم قد يظهر في نهاية هذا العام. قبل عامين، وعد بوتين ببدء تحسن الاقتصاد الروسي مع بدايات عام 2017.
في حالتين اثنتين: إذا تمكن بوتين من رفع بعض عقوبات الاتحاد الأوروبي، أو إذا ارتفعت أسعار الطاقة في الأسواق العالمية، حينها سوف يتحسن الاقتصاد الروسي بالفعل. وبينما تبدو الثانية بعيدة المنال، وسوف يقرر الاتحاد الأوروبي بمتابعة العقوبات بما يخص الأولى. ولكن، إن بدأ بوتين بالتحضير لمفاوضات حول أوكرانيا، يمكن لذلك أن يؤدي إلى انفراج بشأن العقوبات.
وفي الوقت نفسه يحاول بوتين تعزيز الروابط مع الصين. فهنالك صفقات طاقة بينهما، ومناورات بحرية مشتركة في المحيط الأطلسي بين الصين وروسيا، تنذر بأن بوتين يهندس “نيكسون” معكوسًا باستخدامه للصين كأداة ضد الولايات المتحدة. ويرى بوتين في منظمة شنغهاي التعاونية وزنًا جيوستراتيجيًا واقتصاديًا مهمًا في مواجهة الاتحاد الأوروبي، وحتى حلف شمال الأطلسي.
يعرف بوتين، بأشكال عديدة، كيف يلعب حتى بأوراق ضعيفة. أما الرئيس باراك أوباما، فمهما كانت مصادر قوته، لم يكن قادرًا على التفوق على بوتين، سواء في اللعبة، أم التفكير، أم المناورة. ولن تكون كلينتون هي الأخرى كذلك. أما ترامب فيعتقد أن بإمكانه التفوق على بوتين. وإن حدث وانتخب ترامب، فسوف يُصدم بمفاجأة حياته. فهذه ليست أعمال العقارات في نيو يورك حيث ينجح التلاعب بالنظام، إنما هو وقت الجد، وإن صح الاعتماد على استطلاعات الرأي، فبوتين هو سيد اللعبة.
عنوان المادة الأصلي بالإنكليزية | What accounts for Russian President Vladimir Putin’s popularity? |
اسم الكاتب بالعربية والإنكليزية | By Harlan Ullmanبقلم هارلان أولمان |
مصدر المادة أو مكان نشرها الأصلي | UPI |
تاريخ النشر | 26 أيلول/ سبتمبر 2016 |
رابط المادة | http://www.upi.com/Top_News/Opinion/2016/09/26/What-accounts-for-Russian-President-Vladimir-Putins-popularity/5281474632547/ |
اسم المترجم | مروان زكريا |