سورية الآن

ممرات آمنة لإخراج المصابين وجيش الفتح يعد حلب بالنصر

قال طارق يساريفيتش، المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، إن المنظمة قدّمت طلبًا إلى وزارة الصحة التابعة لـ “النظام السوري”، عن طريق وزارة الخارجية، لإجلاء المصابين والجرحى من أحياء حلب الشرقية، إلى مناطق أخرى آمنة في غرب حلب، أو نحو مستشفى باب الهوى التابع لمحافظة إدلب، والواقع قرب الحدود السورية التركية، وأشار إلى أن المنظمة تعد الخطط الضرورية لذلك، مع الخطوات التفصيلية التي يمكن العمل من خلالها، موضحًا أن العشرات بحاجة إلى إجلاء من تلك المناطق لتلقي العلاج، حيث أن القائمة سيتم وضعها وتقييمها بالتعاون مع منظمة الهلال الأحمر السوري.

يُذكر أن منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، قد دعوا يوم أمس الثلاثاء إلى السماح بإخلاء المرضى والجرحى من المناطق المحاصرة شرقي حلب لتلقي العلاج، ولكن حتى الآن لم تلق هذه الدعوة أي استجابة حقيقية، سوى تلك التصريحات عن تقييم الحالة التي أدلى بها يساريفيتش.

تجربة السوريين مع مصطلح “ممرات آمنة”، يجب عدّها مرجعًا لتقييم فعالية المواثيق الدولية المتعلقة بالحرب، وسبل إلزام الجميع بها، حيث الجرائم التي ارتكبها النظام السوري، وبالذات الحصار والتجويع واستخدام الأسلحة المحرمة دوليًا، وارتكاب المجازر بالقصف العشوائي، وتدمير النقاط والمراكز الطبية والحيوية في المدن، وضعت الجميع أمام امتحان أخلاقي وقانوني، وهي الأفعال ذاتها ارتكبتها قوات الجو الروسية باعتدائها على سورية، حيث بدت المنظمات الدولية عاجزة عن تأدية أبسط دور لها، وتنتظر موافقات مخالفة حتى لقرارات مجلس الأمن الدولي، فقد اتخذ مجلس الأمن في شباط/ فبراير 2014، القرار رقم 1139 المتضمن إدخال المساعدات و”قيام الأطراف فورًا برفع الحصار عن المناطق المأهولة بالسكان”، وأكد “مسؤولية الحكومة السورية -بالدرجة الأولى- عن حماية المدنيين، ووقف استهدافهم بالأسلحة الثقيلة والبراميل المتفجرة”. لكن من الواضح، وبحسب التقارير الدولية كافة، أن “النظام السوري” لم يلتزم بهذا القرار، ولا حتى روسيا التي وافقت عليه حينها، وهذا القرار في إحدى فقراته يدعوا “الأطراف، وخصوصًا السلطات السورية، إلى السماح سريعًا، ومن دون معوقات بدخول المساعدات عبر خطوط القتال، وعبر الحدود؛ لضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين”. وللأسف ما زالت الأمم المتحد التي أصدرت القرار، تغض النظر عنه، وتقدم طلبات لحكومة “النظام”؛ لتنتظر الموافقات، دون وجود بديل رادع لعدم التنفيذ.

يُشار أيضًا إلى أنه ومع بداية الهدنة الأخيرة، التي أعلن عنها وزيري خارجية أميركا، جون كيري، وروسيا سيرغي لافروف، بأنها ستبدأ في 10 أيلول/ سبتمبر الحالي، ولم يتم الالتزام بها من روسيا والنظام، كان من المفترض -خلالها- إدخال قافلة مساعدات إلى مناطق حلب المحاصرة، ولكن تم قصف تلك الشاحنات، بعد وصولها إلى بعض مناطق المعارضة، حيث اتهمت الولايات المتحدة وعدد من الدول، وكذلك المعارضة السورية، روسيا و”النظام” بقصف تلك القافلة، وعقد مجلس الأمن جلسة، فشلت في متابعة هذا الموضوع، بل تبادل الوزيران، لافروف وكيري، الاتهامات.

الملاحظ أنه بعد قرار مجلس الأمن الدولي 1139 لعام 2014، حول إدخال المساعدات، صرّح الأمين العام للأمم المتحدة بأن هنالك تقارير تفيد بارتكاب مجازر ومذابح، مضيفًا أن “الحكومة السورية والميليشيات التابعة لها مسؤولة عن أعداد لا تُحصى من أعمال القتل والتعذيب والإخفاء والاستخدام المروع للبراميل المتفجرة والتعذيب على نطاق واسع”، لكن الأمين العام بدا عاجزًا أمام ما يجري، وهو يواظب -حتى اليوم- بتوصيف الحالة، كما المسؤولين الأوروبيين والأميركيين، دون العمل على إيجاد حلول جذرية، حيث المعارضة تطالب ليس بالممرات الآمنة لإدخال مساعدات، بل برفع الحصار نهائيًا، طبقًا للمواثيق الدولية عن كافة المناطق المحاصرة، وعدم التعامل مع القضايا الإنسانية كمسألة سياسية.

ما تعانيه مدينة حلب اليوم من حصار وتحكّم بالمعابر، يعانيه عدد من المناطق السورية، فبالأمس تم تأجيل دخول قافلة مساعدات إلى مدينة الرستن شمال حمص، بعد قصف قوات “النظام” للطريق المؤدي إلى الرستن، ما أدى إلى إيقاف القافلة، خوفًا من تكرار مأساة القافلة السابقة بحلب، فضلًا عما تعانيه بقية مناطق حمص، وأيضًا مضايا والزبداني والمعضمية، وكذلك الغوطة الشرقية بدمشق، وبعض مناطق درعا، إضافة إلى أحياء دير الزور التي تعاني حصارًا مزدوجًا، من النظام وتنظيم الدولة (داعش).

في حلب التي بدأ “النظام السوري”، وبإسناد متواصل من الطيران الروسي والميليشيات الطائفية، هجومًا واسعًا منذ عدّة أيام، في محاولة منهم للسيطرة على الأحياء الشرقية المحاصرة، ذكرت منظمة الصحة العالمية أن 35 طبيبًا في تلك المنطقة، يقومون برعاية السكان، البالغ عددهم نحو 250 ألف نسمة، وقد قصف الطيران الروسي بشكل مكثف، ما لا يقل عن 17 حيًا محاصرًا، باستخدام أسلحة شديدة الانفجار، وقنابل عنقودية وفسفورية حارقة، كما ألقى طيران النظام المروحي العديد من البراميل المتفجرة على عدة أحياء في المدينة.

إلى ذلك فقد قال الدفاع المدني السوري، إن أكثر من 1700 غارة شنها الطيران على حلب منذ إعلان الهدنة، فيما ذكرت وكالات الأنباء، نقلًا عن منظمة “الخوذات البيضاء للإغاثة الإنسانية” أن عدد الضحايا خلال الأسبوع الماضي، بلغ نحو 1000 مدني ما بين شهيد وجريح، كما أكدت وكالات الأنباء أن الطيران الروسي يستخدم الصواريخ الارتجاجية التي تؤدي إلى دمار كبير في المباني والمنشآت، ما زاد في عدد الضحايا.

بالنسبة للمعارضة التي قالت على لسان أكثر من مسؤول: إن الطيران الروسي هو من يمارس القتل، ويساعد قوات “النظام” على الحصار، فإن قوات المعارضة والمجالس المحلية بحلب، لا تثق بأي هدنة أو معبر لنقل المصابين، يكون بإشراف روسيا أو برحمة قواتها، ومن المرجح أن الخشية من اعتقال المصابين والمرضى من حواجز “النظام”، وعدم وجود ضمانات دولية، تثير مخاوف المدنيين هناك، كذلك قوات المعارضة، قياسًا إلى تجارب سابقة مارسها “النظام” في مناطق مختلفة من سورية، وخاصة أن روسيا وقوات “النظام” مع الميليشيات المساندة، لم يقدّموا أي بادرة تدل على التزامهم بالمواثيق الدولية بالتعامل مع المدنيين.

من جانب آخر أكد جيش الفتح، في بيان له بتاريخ 27 أيلول/ سبتمبر الجاري، مخاطبًا أهالي حلب المحاصرين قائلًا: إنه لن يترك مدينة حلب للنظام، وبحسب ما ورد في البيان قال جيش الفتح عن نفسه: “لا خير فينا إن نسيناكم”، فمن يرفع الحصار عن أولئك المدنيين أولًا، القرارات الدولية، أم الثوار كما حصل سابقًا بالراموسة.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق