أضحت لبنان حاضنة لإنتاج الأعمال الفنية السورية، حيث اختار كثيرٌ من الفنانين السوريين العاصمة اللبنانية بيروت مقرًا لإقامتهم وعملهم، وشهدت لبنان في الآونة الأخيرة أعمالًا فنية سورية بين المسرح والموسيقى والدراما التلفزيونية.
“ابدأ” يجسد معاناة اللاجئين السوريين في الشتات
تصف الفنانة رغد المخلوف لـ جيرون تجربتها -تدريب مجموعة من الأطفال واليافعين اللاجئين في لبنان- بأنها “ناجحة جدًا”، وتقول: “فوجئت بأداء الأطفال”، وأشارت إلى أن “تدريب الأطفال على مدى شهرين أفسح لهم مساحات آمنة علمتهم أن الأمل باقٍ والمستقبل طويل، ليعودوا بذاكرتهم إلى أنهم على قيد الطفولة”.
وأضافت أن “الرسالة الأعمق من التدريب هي كسر حاجز الخوف لدى الأطفال، وتطوير قدرات التواصل لديهم، ورسم الابتسامة الدائمة، كما رأيناها بعد تأديتهم للعرض”.
كما نوهت مخلوف أن “مشروع التدريب يهدف إلى تشجيع الأطفال؛ ليعيشوا طفولتهم، وحياتهم الطبيعية التي تشبه أعمارهم وأرواحهم، بعد أن عاشوا في أوضاع قاسية، وانتقلوا مع أهلهم في أوضاع أقسى، منعتهم من العيش ببراءة طفولتهم”.
تدريب الأطفال اللاجئين على العمل المسرحي، هو أحد نشاطي مشروع “ابدأ” لفريق “سلام يا شام” المسرحي السوري، وكان النشاط الثاني هو ورشة عمل لصناعة الأفلام، وأشرف عليها المخرج السوري أمجد العلوش.
وسام الغاطي، مدير مشروع (ابدأ) في فريق سلام يا شام، يقول إن المشروع يعمل مع السوريين والفلسطينيين واللبنانيين في بالبقاع، يستهدف الأطفال بين العمرين، 13- 18 عامًا.
وتابع أن “المشروع يهدف لتمكين الشباب من مهارات فنية بصناعة الأفلام والتمثيل المسرحي”، لافتًا إلى أن “الهدف العملي، هو دمج المجتمع المضيف مع المجتمع اللاجئ”.
وأشار إلى أن “(ابدأ) حصل على تمويل فيما فريق سلام يا شام يعمل بشكل تطوعي”، مضيفًا أن الأفلام القصيرة ضمن المشروع (قطرة عرق ذهبية، رندة، الجدران) أخذت عن قصص للكاتب السوري زكريا تامر”. كان الجزء الثاني هو تطوير قدرات الأطفال عبر ورشة عمل مسرحية، التي أعدتها الفنانة رغد المخلوف، عالج فكرة الخوف المستمرة لديهم، ليرسموا في مخيلة أذهان الحضور، تجسيدًا لحالة السوريين في الداخل السوري ومنفاهم في الخارج.
مشروعات لدعم السوريين الموهوبين في مجال الفن
ندى فرح مديرة مشروع (ابتكر سوريا) بمؤسسة اتجاهات تقول إن المشروع يهدف لتمكين الفن السوري عبر الموهوبين الباحثين عن الفرص، ليتسنى لهم تقديم ابداعاتهم. يطال المشروع جميع المنظمات والفنانين المستقلين بعدة مناطق بلبنان، وتقدم للمشروع مقترحات مشروعات فنية مختلفة ومميزة جدًا، وتم اختيار 11 مشروعًا، و3 مشروعات صغيرة، كانت الأكثير تميزًا من قبل لجنة مستقلة مختصة”.
بدوره، ينتقد المخرج أسامة حلال الورش التدريبية للاجئين، متسائلًا “الفنانين الذين يقيمون ورشات العمل فقط من أجل اقامة مُخرج لعمل مسرحي!، ماذا سيكون قد أضاف للاجئين بعد انتهاء الورشة؟ أعتقد أن مساوئ هذا العمل أكتر من إيجابياته”.
وأضاف “ما فَعلتُه (كـ مقولة المثل الصيني، بدل ما تعطيه سمكة، علمه كيف يصيد)، قمت بتدريب مجموعة من الموهوبين للعمل في بيئة اللاجئين ونقل الخبرات لدي إلى الموهوبين والعكس يصبح مع المتدربين واللاجئين، حيث سيكون اللاجئين المتدربين حاملين للبيئة التي تدربوا من أجلها”.
وتابع “هدفنا الأساسي هو أن نترك أثرًا مسرحيًا لدى المجتمعات، وخاصة لتوصيل رسالة: أنه يمكننا القيام بمشروعات من أدوات بسيطة؛ وهو ليس اختراع ذرة”.
الفن الموسيقي
ملتقى (ابتكر سورية) لتمكين الفن السوري، الذي نفذ في لبنان بالشراكة مع (مؤسسة اتجاهات – ثقافة مستقلة، المجلس الثقافي البريطاني، ومنظمة اليقظة الدولية)، واستمر من سبتمبر 2015، وانتهى في سبتمبر 2016، وهدف إلى تقوية وتعزيز خبرات الفنانين والفاعلين الثقافيين السوريين في المهجر.
استهدف المشروع عددًا من الفنانين وأصحاب المشروعات الفنية، ومنحت فرصة لعشرة فاعلين ثقافيين وفنانين، للوصول الى ملتقيات دولية فنية وربطهم مع منصات فنية، وبما يعود بالنفع عليهم وعلى المواطنين في مناطق اللجوء، ورفع الوعي حول قيمة الفن والثقافة في الأزمات في سوريا والمنطقة العربية.
باختلاف المشروعات الفنية مع مؤسسة اتجاهات؛ إذ شارك ما يزيد عن 6 عروض مسرحية وأكثر من 6 فنية؛ بين مستقلين ومنظمات سورية محلية عاملة مع اللاجئين في لبنان، أطلقت منظمة (النساء الآن) مشروع “ستيجنا – تطور الفنان الشاب”، تخلل المشروع سلسلة رحلات ثقافية، وسلسلة من ورش العمل الأسبوعية، لينتجوا مخرجًا لورشات العمل، وهو عرض مسرحي بعنوان (أحلام صغيرة).
في لقاء لصحيفة “جيرون” مع أنس تللو، منسق البرامج في منظمة النساء الآن، أشار بقوله: “لدينا مشروع مسرحي فني، مع فريق سيناريو من بريطانيا، تم تغطية الجزء الأكبر من المشروع من منحة “ابتكر سوريا”، ويتكون من جزأين. ونحن مستمرون بالمشروع من جهات ممولة أخرى، ويستهدف 30 طفلًا من منطقة البقاع. البرنامج يتركز على رحلات إلى بعض المراكز الثقافية والفنية في بيروت، والهدف منها تعزيز مفهوم الفن عند الاطفال وإعطائهم خلفية ثقافية فنية لكيفية انتاجهم لعرضهم المسرحي الذي عُرض في شهر آب، في مجدل عنجر”.
اعتمدت منظمة النساء الآن، على اطلاع الأطفال على مسرحيات وتدريبات مسرحية في الرحلات الثقافية إلى بيروت لتهيئتهم نفسيًا وفكريًا قبل البدء بالعرض المسرح الذي اختتم بالمرحلة الأولى، في منتصف آب.
تشكل الثقافة الفنية السورية في زمن الثورة، العماد الأساس للفنانين، وقد اعتمدت على المسارح وسائر الفنون الأخرى، طريقةً لتجسيد الواقع عبر تلك الأعمال، لإيصال رسائل انسانية عن معاناة اللاجئين.