ربما يكون قول ذلك، أو حتى التفكير فيه، أمرًا فظيعًا، ولكن على كل من يهتم بالمأزق الكبير للمدنيين في حلب، وبشكل خاص أطفال المدينة، أن يتساءل ما إذا كان تحقيق انتصار لبشار الأسد، هو أهم نتيجة قد تنتج عن إنهاء المعاناة في المدينة المهددة.
قد يكون الأمر “عسير الهضم”. وفي النظر إلى أي معايير إنسانية، فهو كذلك بالفعل. ولكن الواقع هو أن اللعبة تشارف على انتهائها في ثاني أهم مدينة في سورية، ويبدو أن بشار الأسد منتصر على أي حال. لم يشهد العالم هجومًا بهذه الوحشية الكاملة التي تنفَّذ على حلب في سورية، منذ إعادة احتلال النازيين لوارسو سنة 1944. وكما في ذلك المثال، ومهما بلغ من عناد المقاومة أو حسن تخطيطها، فإن الجيش هو من سينتصر في النهاية كما يبدو.
هي فظاعة مرتكبة، ومأساة إنسانية، و”جريمة حرب صريحة” بحسب تصريحات الولايات المتحدة إلى جانب المملكة المتحدة وفرنسا، التي عزلت روسيا كمتهم منفرد بالجريمة. بالطبع هم على حق، ولكن يبدو أنهم لا يملكون أي فعل حيال الأمر.
لا يمكن لأحد – خصوصًا ممن يذكرون كيف فعل الأسد الأب، حافظ الأسد، في حماه، وكيف دمّر المدينة عام 1982 وأنهى الثورة حينها–التشكيك بمدى وحشية النظام “العلوي” في سورية تجاه خصومه ومعارضيه، قتل في تلك الحادثة وحدها نحو 40 ألفًا من المدنيين عبر قصف مستمر للمدينة. وكذلك لا أحد ممن تابع أفعال موسكو في الشيشان أو أوكرانيا يعتقد باحتمال تفوق الجانب الإنساني لديها على المصالح الانتهازية، خاصة حين تتلمس روسيا ضعفًا لدى خصومها. الأسد، مدعومًا بالطيران الروسي، ماضٍ في القتل، ولا شيء مما قيل في الغرب سيُحدِث تحولًا مفاجئًا في الأوضاع العسكرية، لن يحدث أي تغيير في الوضع.
ما الذي يمكن للعالم الخارجي فعله، غير إلقاء خطابات حماسية في الأمم المتحدة؟ الإجابة تكمن في النظر إلى أبعد من حلب، إلى المرحلة المقبلة من هذا الصراع الهستيري.
قد فشل طريق الديبلوماسية، ذلك واضح جدًا. وعلى الغرب ابتلاع حقيقة كون روسيا تدخلت لإنقاذ الأسد، وأنها تملك معظم الأوراق الآن. إذا استعاد بشار السيطرة على ثاني مدينة في سورية، سيكون ذلك انتصارًا كبيرًا، لكنه لم يربح الحرب كلها؛ فقد صار من الواضح أنه ينوي استعادة السيطرة على كل البلاد، ولكن لفعل ذلك، عليه استرجاع لا المساحة التي سيطرت عليها داعش فقط، بل كذلك تلك التي يسيطر عليها الأكراد، وسوف يغامر حينها بمواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، التي تدعمهم.
ولا تزال الجماعات المعارضة تحتل أكثر من نصف البلاد، بما في ذلك مساحات مهمة تحتلها جبهة فتح الشام (المعروفة سابقًا بجبهة النصرة). وكان جزء من بنود الاتفاقية بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ونظيره الروسي، سيرغي لافروف، ينص على تعاون البلدين ضد هذه الجماعة، وغيرها من الجماعات المتطرفة. أما الآن فقد انهار التعاون بين موسكو وواشنطن، ولم يعد ذلك قيد التطبيق.
ولا يجب لأحد التشكيك في أن الغرب هو من وضع نفسه في زاوية صغيرة بأن ظل يتخذ المواقف بشأن سورية، ولكن يرفض التدخل على الأرض. سيكون انتصار الأسد مذلًا بلا شك، ولكن أين سيذهب الشركاء المنتصرون؟ سيكون الأسد مقيدًا بروسيا وإيران، التي لا تنوي أي منهما القيام بقطيعة كاملة مع الغرب من أجل قائد عربي لا يحبه أي منهما بشكل خاص. سورية ستكون خرابة، عاجزة عن دفع نفسها خارج الوحل من دون مساعدة خارجية.
وفي ذلك الهامش بالتحديد، يستطيع العالم الخارجي أن يعمل. ويجب أن يكون الجانب الإنساني هو أولويته الأولى. إذا انتصر الأسد في حلب، سيظل يحتاج إلى تصوير نفسه كقائد لرجاله، على الرغم من فحش تلك الإشارة؛ ولكن يمكن استخدامها لإدخال شحنات مساعدات، كما حدث في مواقع أبعد من حلب في الأيام القليلة السابقة. وتقع على العالم، وخاصة أوروبا، مسؤولية أخلاقية تجاه اللاجئين، الذين لن يزداد مأزقهم إلا سوءًا.
هنالك افتراض متنام في أوروبا، بما في ذلك بريطانيا، أن مسألة اللاجئين أصبحت سامة. لكن الوحشية الصارخة للمذبحة في حلب قد أدت كذلك إلى تقوية الهمّ الإنساني. لا أحد، ولا حتى تيريزا ماي، يمكنه القول إن هؤلاء مهاجرون لغايات اقتصادية، ويجب صدهم أو ترحيلهم.
ولكن في النهاية، تبقى مشكلة الأسد. فبعد كل ذلك لا يمكن إبقاؤه في السلطة. نظريًا، لا أحد من الجماعات المعارضة سيقيم صفقة معه، وبالتأكيد لا أحد من الحكومات الغربية كذلك. لا بد من استبداله، ولكن فقط روسيا أو إيران يمكنهما استبداله. بالتالي، على الولايات المتحدة وأوروبا التوقف عن ذم موسكو، على الرغم من أنهما على حق، والبدء باقتراح أنه، على الرغم من إمكانية بقاء النظام السوري الحالي في السلطة، ولكن إن كانوا يريدون تجنب البقاء في المستنقع السوري، والصراع المستمر مع الغرب، فعليهم بهدوء إبعاد الأسد.
عنوان المادة الأصلي بالإنكليزية | The west has to look beyond Aleppo’s agony |
اسم الكاتب بالعربية والإنكليزية | Adrian Hamilton آدريان هاملتون |
مصدر المادة أو مكان نشرها الأصلي | The guardian |
تاريخ النشر | 28 أيلول/سبتمبر 2016 |
رابط المادة | https://www.theguardian.com/commentisfree/2016/sep/28/west-aleppo-syrians-bombardment-assad |
اسم المترجم | مروان زكريا |